اياد العناز
بدأت اجتماعات محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في التاسع من حزيران 2025 لمناقشة التقرير الفصلي والمعلومات الميدانية الفنية والعلمية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وقراءة أولية لمشروع قرار خاص بإيران تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بسبب عدم احترامها وتمسكها بالتزاماتها وتعهداتها بشأن برنامجها النووي بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي وانعدام التعاون الكامل مع مفتشي الوكالة الدولية.
وأشار رافائيل غروسي رئيس الوكالة إلى أنه تم ( تحديد ثلاث مواقع لتخصيب اليورانيوم بإيران، وأن الوكالة تنقصها المعلومات بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني)، ووفق التقرير السابق الذي اعلنته الوكالة الدولية بتاريخ 31 آيار 2025 فإنها تمتلك أدلة قاطعة على أن إيران جمعت بنشاط وثائق سرية للغاية تخص الوكالة وحللتها،وان النشاط الإيراني شكل جزء مهم منظم غير معلن منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية.
وتمكن مفتشي الوكالة الدولية من اكتشاف جزيئات من اليورانيوم المُعالج بشريًا في ثلاث مواقع غير معلنة وهي (ورامين ومريوان وتورو قوزآباد)، وأن إيران ماضية في تخصيب اليورانيوم بنسبة قريبة من صنع القنبلة النووية.
أن الاعلان عن الإجراءات والسلوك الإيراني بخصوص البرنامج النووي يؤكد حقيقة غياب التعاون مع مفتشي الوكالة وعدم تقديم المعلومات الدقيقة عن الاحصائيات والنسب الخاصة بتخصيب اليورانيوم وأسباب خزن كميات من الطرود المركزية الفاعلة، وهو ما يعوق قدرة الوكالة التابعة للأمم المتحدة على تأكيد سلمية البرنامج النووي الإيراني، وضرورة حل جميع القضايا العاقلة المتعلقة بإجراءات الضمانات كما جاء في إعلان رئيس الوكالة الدولية.
يتابع رئيس الوكالة غروسي نتائج جولات المفاوضات الأمريكية الإيرانية ويرى فيها السبيل الوحيد للمضي قُدمًا بحلول دبلوماسية مدعومة بقوة بترتيبات ومراقبة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع مواصلة دعم وتشجيع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على بذل أقصى الجهود والتحلي بالحكمة والشجاعة السياسية من أجل الوصول إلى خاتمة ناجحة.
وتخشى إيران من صدور قرار يدينها بعد انتهاء اجتماعات مفتشي الوكالة مما يعيق جهودها في محاولتها لرفع العقوبات الاقتصادية والتوصل لاتفاق نووي جديد عبر جولات الجارية مع الإدارة الأميركية، ويأتي تصريح رضا نجفي ممثل إيران لدى الوكالة الدولية بتاريخ 11 حزيران 2025 ( أن رد بلاده سيكون قاسيًا جدًا) في حال تبنى مجلس محافظي الوكالة مشروع قرار قدمته الترويكا الأوروبية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية يدين أنشطة إيران النووية،وهي عودة جديدة لسياسة التهديد وإظهار القوة التي يعتمدها النظام الإيراني في كل مناسبة وحدث يتعرض فيها إلى إدانة دولية وإقليمية، وأكد هذه الثوابت السياسية ما أعلنه وزير الدفاع الإيراني عن نجاحهم في اختبار صاروخ يحمل رأسًا حربيًا بوزن 2 طن.
وتحاول القيادة الإيرانية ابداء حالة من السلوك والتصرف الذي يعيد اسلوب المواجهة عندما تعلن عن وجود حزمة من الخطوات الميدانية للرد على أي قرار تتخذه الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يتناسب مع مصالحها وأهدافها، والتأكيد على عدم السماح لأي دولة بإبداء رأيها بشأن تخصيب اليورانيوم وكميات نسبه تخصيبه، في إشارة بتصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنعها من الوصول إلى أي نسبة من التخصيب إلا في حدود الاستخدام السلمي وعبر مراقبة دقيقة، وكذلك تصريح غروسي بعدم تجاهل تخزين إيران لأكثر من 400 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب، وبعد القرار الذي اتخذته مجموعة (5+1) بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لإعادة تفعيل العقوبات في حال عدم ايفاء إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق الذي وقع في تموز 2015 وتنتهي فاعليته في منتصف شهر تشرين الأول 2025.
على إيران أن تعمل بجهود استثنائية والتزام فعلي في السماح لمفتشي الوكالة الدولية بزيارة المنشآت النووية والمواقع التي عليها خلاف وان لا تتأخذ أي إجراءات تؤثر على سير المفاوضات مع واشنطن وتؤدي إلى تدهور في العلاقات مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وأن تتفاعل مع المقترح الأمريكي الخاص بالسماح لها بتخصيب اليورانيوم بنسبة معينة وتساهم في قيام كونسورتيوم أميركي-إقليمي لتخصيب اليورانيوم تشارك فيه، ثم التوقف عن عملية التخصيب داخل أراضيها، ومنع التوجه نحو فتح آفاق جديدة لفصل من المواجهة المباشرة يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي.
كلما زادت فعالية التعاون الإيراني مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فتح المواقع الخاصة بالمنشأت النووية وتقديم المعلومات الدقيقة وتعزيز الرقابة ونشر كاميرات المراقبة، كلما كانت القرارات والتوصيات إيجابية وفعالة تجاه إيران، والا فإن الوكالة الدولية لا زالت ترى عدم وجود تفسيرات وتوضيحات من إيران بشأن وجود جسيمات اليورانيوم المخصب رغم العديد من الاجتماعات والمشاورات التي عقدها رفائيل غروسي رئيس الوكالة الدولية مع المسؤولين الإيرانيين والعاملين في الوكالة الوطنية الإيرانية.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية