العقوبات الأميركية ومعالجة أهدافها عراقيًا

العقوبات الأميركية ومعالجة أهدافها عراقيًا


اياد العناز

بتاريخ 17 أيلول 2025 أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن إجراءاتها الميدانية باعتبار ( حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وحركة أنصار الله الأوفياء وكتائب الإمام علي) منظمات إرهابية لارتباطها المباشر مع قيادات الحرس الثوري الإيراني.
إن للقرار الأمريكي أبعاد واسعة تتعلق بطبيعة العلاقة مع العراق الذي لا تزال إيران تنظر إليه بإعتباره مرتكزًا رئيسيًّا وفاعلًا أساسيًا في المشروع السياسي الإقليمي الإيراني وحصنًا مانعًا لأمنها القومي ورؤيتها الاستراتيجية والمستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وهو ما تدركه وتتابعه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي سبق لها وأن اقرت مع العديد من الدول الأوربية والأقطار العربية بضرورة أن لا يكون الفاعلين غير الحكوميين أي دور في الشرق الأوسط ولا يمكنهم أن يملوا سياسات المنطقة، ويجب أن تكون المسؤولية القيادية والحاكمة بيد الدول القائمة، وهي إشارة للتواجد والنفوذ الإيراني عبر شركائه وادواته في عواصم الأقطار العربية ( اليمن ولبنان والعراق)، وهي استراتيجية ميدانية ورؤية سياسية وهدف أمني اختطته وعملت عليه الولايات المتحدة الأمريكية وجميع حلفائها.
تذهب الأهداف والمصالح الدولية إلى أن يكون العراق عامل توازن سياسي مؤثر وحالة جذب لكل الدول المجاورة له، وأن لا يبقى ساحة لأهداف إقليمية وصراعات ونزاعات وهيمنة مستمرة من قبل الآخرين، وأن لا يكون منطلقًا لعمليات تشنها وتقوم بالتخطيط لها مليشيات وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران ضد المواقع والقواعد المعسكرات التابعة لقوات التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية على الأرض العراقية.
أن تعزيز الموقف الأمريكي بعقوبات رادعة تحد من نفوذ هذه الفصائل وتمنع أي تنفيذ لتوجهاتها وأهدافها في دعم النفوذ الإيراني وتحقيق الغايات والأهداف التي تسعى إليها قيادات فيلق القدس والحرس الثوري، عبر استخدام سياسة الردع العسكري والضغط السياسي بتقليص دورها ونفوذها وأحكام السيطرة على حركتها ومنعها من تعزيز علاقتها مع إيران وإيقاف جميع المحاولات التي تهدف إليها طهران في تنفيذ استراتيجيتها التي بدأت تكون أكثر وضوحًا من الولايات المتحدة الأمريكية في الميدان العراقي والتعامل مع حكومته والتأثير على قراراته بما يتعلق بامن وسلامة البلاد، فالعراق لايزال محكوم من عدة أطراف سياسية متنوعة الولاءات الخارجية وحسب أنتمائتها الطائفية القومية، ويسعى الجميع لتصفية حساباتهم وتحقيق مصالحهم على أرضه، ولا يزال يعاني من الكيانات الموازية للدولة من الفصائل والمليشيات المسلحة ومجاميع السلاح المنفلت، وهذا ما يبقي العراق ضعيفًا في جميع المجالات ويهدد أمنه الوطني ومصير شعبه عبر الولاءات الخارجية والصراعات السياسية بين أجنحة بعض الأحزاب والكتل السياسية.
يأتي القرار الأمريكي في مرحلة مهمة من تاريخ العراق المعاصر عبر قرب موعد الانتخابات التشريعية في الحادي عشر من تشرين الثاني 2025 ويشكل عامل تحدي ومواجهة حتمية للحكومة العراقية حول طبيعة علاقتها مع هذه الفصائل وضرورة إعادة صياغة العمل والعلاقة معها وتحقيق التوازن السياسي المطلوب في علاقتها ومصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية والحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها من عواقب أي مواجهة عسكرية قادمة بين إسرائيل وإيران أو من خلال ضربات استباقية تطال مراكز مواقع القيادات الميدانية للفصائل المسلحة وعناصرها.
أن التصنيف الجديد لفصائل ( حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وأنصار الله الأوفياء وكتائب الإمام علي) يقع في دائرة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) والذي يمنح المؤسسات والدوائر الأمريكية أدوات أوسع لاتخاذ إجراءات فاعلة وذات أطر قانونية وجنائية تشمل كيانات وأشخاص تمثل قيادات وعناصر تعمل مع هذه الفصائل، بتجميد أصولهم المالية ومراقبتهم وملاحقتهم قانونيًا ومنع أي منظمة ومؤسسة ومصرف من التعامل معهم ومنعهم من الدخول للولايات المتحدة الأمريكية.
هي رسائل واضحة لها مضامينها الواقعية للحكومة العراقية في اعتماد الصيغ السياسية الأمريكية في تنفيذ العقوبات واعتبارها خيار استراتيجي لتحقيق أهدافها الأمنية والإقليمية.

وحدة الدراسات العراقية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة