بعد 18 شهرًا من المحادثات السرية، أعلن الرئيس الأمريكي عن انفراجة دبلوماسية تنهي المعركة الأخيرة من معارك الحرب الباردة.
بشكل مفاجئ يوم الأربعاء، أعلنت إدارة أوباما عن إنهاء الجهود الأمريكية لعزل كوبا، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 50 عامًا. وفي حين أن الكونغرس هو من سيقرر بشكل نهائي ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تنهي حصارها الاقتصادي الرسمي، وحظرها المفروض على السياحة، قال أحد كبار مسؤولي الإدارة في مؤتمر في البيت الأبيض الأربعاء إن الإدارة الأمريكية ستفعل كل ما في وسعها لإنهاء ما وصفه بـ “السياسة الفاشلة”.
وبدوره، أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن تحرك لتطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، يوم الأربعاء أيضًا، قائلًا إن الوقت حان “لفك أغلال الماضي”.
وأضاف أوباما في كلمة بالبيت الأبيض أن ذوبان الجليد في العلاقات بعد خمسة عقود يأتي بعد أن أثبتت السياسة “الجامدة”، والتي عفا عليها الزمن، فشلها في أن يكون لها تأثير على كوبا. وقال: “اليوم نجري هذه التغييرات لأنها الأمر الصائب. اليوم تختار أمريكا أن تفك أغلال الماضي لتصل إلى مستقبل أفضل للشعب الكوبي وللشعب الأمريكي، ولهذا النصف بأكمله من الكرة الأرضية، وللعالم”.
وتأتي هذه المبادرة بعد أكثر من عام من المحادثات السرية، ومدفوعة بقوة كبيرة من قبل بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، الذي استضاف مناقشات نهائية بين مسؤولين من كوبا والولايات المتحدة في الفاتيكان في الخريف.
وتحدث الرئيس الأمريكي مع الرئيس الكوبي، راؤول كاسترو، على الهاتف، أمس الثلاثاء، لما يقارب الساعة من الزمن، واتفقا على قائمة من الإجراءات التي تمت مناقشتها خلال المحادثات السرية.
وشملت هذه القائمة مبادلة ثلاثة جواسيس كوبيين كانوا مسجونين في الولايات المتحدة على مدى السنوات الـ 15 الماضية بمقابل مخبر أمريكي قضى العقدين الماضيين في السجون الكوبية. ويقال إن هذا الجاسوس الأمريكي هو من كان قد قدم المعلومات الحيوية التي أدت إلى الكشف عن ثلاث عمليات تجسس كوبية مختلفة في الولايات المتحدة، بما في ذلك عملية استهدفت وكالة استخبارات الدفاع.
ومن الواضح أيضًا أن إطلاق سراح المقاول الأمريكي، آلان غروس، والذي سجن لمدة السنوات الخمس الماضية، جاء كذلك في سياق ما يمكن تسميته بـ “صفقة كبرى”. وتشمل التدابير الأخرى للاتفاق قرار إعادة فتح السفارات، التي أغلقت منذ عام 1961، والتوسع الهائل في أنواع التراخيص التي تسمح للأمريكيين بالسفر إلى كوبا، والتي تغطي كل شيء من الصحافة إلى العمل الإنساني، ومساعدة القطاع الخاص في الجزيرة.
وسوف يصبح من السهل على العاملين في الاتصالات، والمستثمرين، السفر إلى كوبا، على الأقل من الجانب الأمريكي. وجزء كبير من مبادرة أوباما يهدف إلى حصول الشعب الكوبي على وصول أكبر وأفضل إلى شبكة الإنترنت.
وكانت إعادة النظر في التراجع الجذري عن السياسة المتبعة تجاه كوبا جزءًا مما لمح إليه أوباما لعدة سنوات. حيث بدأت المحادثات السرية في كندا عام 2013، ولكنها اكتسبت زخمًا كبيرًا بعد انتخاب البابا فرانسيس العام الماضي.
وفي ميامي، لم يكن لدى الساسة والمشرعين الأمريكيين الكوبيين أي فكرة عن هذا الإعلان قبل حدوثه. وقال أحدهم، وهو عضو في الكونغرس، للديلي بيست: “نحن نقرأ الأنباء على تويتر الآن”.
وفي حين أن المشرعين الكوبيين-الأمريكيين كانوا مسرورين بالمجمل عن عودة العلاقات، إلا أنهم أيضًا عبروا عن عدم تغاضيهم عن مغازلة إدارة أوباما للحكومة الكوبية. وقال السناتور بوب مينينديز، وهو رئيس لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للعلاقات الخارجية، إن مبادلة غروس بثلاثة من المجرمين المدانين هي سابقة خطيرة للغاية. حيث تدعو الأنظمة الديكتاتورية والمارقة لاستخدام الأمريكيين الذين يعملون في الخارج كورقة مساومة.
وبدوره، قال عضو الكونغرس الجمهوري، ماريو دياز بالارت، من فلوريدا، إن تطبيع العلاقات “يحاول منع فرض مزيد من العقوبات، وإضفاء الشرعية، وتوفير العملة، لأسوأ منتهكي حقوق الإنسان في نصف الكرة الأرضية الغربي”.
ورغم ذلك، يقول العديد من أنصار إعادة العلاقات مع الجزيرة التي تقع على بعد 90 ميلًا فقط من ساحل ولاية فلوريدا، إن رد فعل المشرعين هذا يظهر أن الفجوة متنامية بينهم وبين الأجيال الشابة من الأمريكيين الكوبيين، والموجات الأخيرة من الوافدين. وبالفعل، وفي حزيران، أظهر استطلاع جامعة فلوريدا الدولية أن غالبية الأمريكيين الكوبيين في ميامي سوف يرحبون بإجراء تغيير في العلاقات مع كوبا. وقال 68 في المئة منهم إنهم يفضلون إنهاء الحصار.
التسلسل الزمني للعلاقات بين البلدين منذ قيام ثورة كاسترو
1 يناير 1959: فيدل كاسترو يشن انقلابًا على الرئيس فولجنسيو باتيستا، ويؤسس دولة اشتراكية ثورية.
– بدأت كوبا بتأميم ممتلكات الولايات المتحدة فيها.
– بدأت الولايات المتحدة بوضع القيود التجارية تدريجيًا على كوبا.
– تلجأ كوبا إلى الاتحاد السوفياتي من أجل تعويض خسائرها.
مارس 1960: الرئيس ايزنهاور يخول وكالة المخابرات المركزية بتدريب اللاجئين الكوبيين للإطاحة بكاسترو.
19 أكتوبر 1960: الولايات المتحدة توقف جميع الصادرات إلى كوبا.
3 يناير 1961: الولايات المتحدة تقطع العلاقات الدبلوماسية رسميًا مع كوبا، وتغلق سفارتها في هافانا.
17 أبريل 1961: – الرئيس جون كينيدي يرسل 1500 من المقاتلين الذين دربتهم وكالة المخابرات المركزية إلى كوبا للإطاحة كاسترو.
– مهمة كينيدي تتعرض للفشل.
– كاسترو يستخدم انتصاره في تأكيد سيطرته، وتعميق العلاقات مع الاتحاد السوفيتي.
14-28 أكتوبر 1962: – اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية.
– طائرة تجسس أمريكية تلتقط وجودًا لصواريخ سوفيتية متوسطة المدى في كوبا.
– بعد أسابيع من المفاوضات المتوترة، وافق نيكيتا خروتشوف على تفكيك هذه الأسلحة.
8 فبراير 1963: – كينيدي يحظر على المواطنين الأمريكيين السفر إلى أو إجراء المعاملات المالية مع كوبا.
– الحصار يستمر في تدمير الاقتصاد الكوبي على مدى السنوات الـ50 المقبلة.
19 مارس 1977: الرئيس جيمي كارتر يسمح بإلغاء القيود المفروضة على السفر إلى الولايات المتحدة.
1 سبتمبر 1977: تحت حكم كارتر، فتحت الولايات المتحدة قسمًا لتنفيذ أعمالها في هافانا (ضمن السفارة السويسرية)، وكوبا فتحت قسمًا لتسيير مصالحها في واشنطن.
19 أبريل 1982: الرئيس ريغان يعيد حظر السفر، ويشدد العقوبات التجارية ضد كوبا.
6 مارس 1996: الكونغرس الأمريكي يمرر قانون هيلمز-بيرتون، الذي عزز الحصار المفروض على كوبا. وقد تمت إدانة القانون بالإجماع تقريبًا من قبل الحكومات الأجنبية والمنظمات الإنسانية.
12 سبتمبر 1998: الولايات المتحدة تعتقل خمسة كوبيين في ميامي، وتدينهم فيما بعد بالتجسس.
13 أبريل 2009: الرئيس باراك أوباما يرفع جميع القيود المفروضة على سفر العائلات والتحويلات المالية إلى كوبا، ويخفف القيود المفروضة على السفر، مما يسمح بعودة الرحلات الدينية أو التعليمية إلى كوبا.نقلا عن التقرير
3 ديسمبر 2009: اعتقال آلان غروس، وهو مقاول لحكومة الولايات المتحدة، في هافانا؛ حيث زعم أنه قام باستيراد أجهزة اتصالات وتزويد كوبيين بها، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا.
14 يناير 2011: أوباما يخفف القيود أكثر على كوبا، ويسمح بالتحويلات المالية للأشخاص من خارج العائلة.
17 ديسمبر 2014: – كوبا تفرج عن آلان غروس لأسباب إنسانية.
– الولايات المتحدة تطلق الثلاثة كوبيين المتبقين في سجونها.
– توافق الولايات المتحدة وكوبا على بدء تطبيع العلاقات الدبلوماسية مرة أخرى، وإقامة السفارات الرسمية في كلا الدولتين.