المواجهة من الداخل: دلالات تشكيل قوات الحرس الوطني في العراق

المواجهة من الداخل: دلالات تشكيل قوات الحرس الوطني في العراق

 

نظرًا لما يمر به العراق من أزمة معقدة وتداعيات كبيرة كانت حصيلتها فوضى عارمة عمت البلاد، وخرج أكثر من ثلثها عن السيطرة ليتحكم بها تنظيم داعش، ويعلن دولته عليها وعلى أجزاء كبيرة من الأراضي السورية. في ظل هذه الأوضاع تعددت الرؤى واختلفت الوسائل والاستراتيجيات المطروحة من أجل معالجة الأمر، وإعادة الأحوال إلى نصابها.

يأتي مشروع تشكيل قوات محلية تحت مسمى قوات أو وحدات الحرس الوطني كجزء من الاستراتيجيات المطروحة لمعالجة الأزمة في العراق. وبهدف التعرف بصورة أوضح على ما يتضمنه مشروع تشكيل مثل هذا النوع من القوات، سيتم تناول جوانب الموضوع المختلفة ابتداءً من طرح فكرته في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمحاربة الإرهاب، مرورًا بالمنظور الرسمي العراقي له، ومواقف القوى والتيارات السياسية العراقية، وهيكل وإدارة هذه القوات ومهامها، ومزايا تشكيلها، ومتطلبات نجاحها، والمعوقات، والإجراءات التي تم اتخاذها لتشكيلها، وصولا إلى مستقبل المشروع، وما يمكن أن تحققه هذه القوات في حال ممارسة عملها على أرض الواقع بشكل قانوني وفعلي.

الطرح الأمريكي:

بعد الأزمة الأمنية التي فشلت في معالجتها القوات الأمنية العراقية التي كلف تشكيلها وتدريبها وتسليحها بعد عام 2003 أكثر من 100 مليار دولار، طرحت الإدارة الأمريكية “استراتيجية شاملة ومستدامة لمكافحة الإرهاب” ومواجهة مقاتلي تنظيم داعش، حيث حدد الرئيس باراك أوباما 4 عناصر تتضمنها هذه الاستراتيجية؛ الأول منها يتمثل في توسيع الضربات الجوية لمواقع ومراكز المقاتلين، والثاني يتمثل في دعم القوات التي تُقاتل على الأرض (القوات الحكومية العراقية، وقوات البشمركة الكردية، والمعارضة السورية المسلحة، ومنها أيضًا دعم تشكيل “وحدات الحرس الوطني” لمساعدة المجتمعات السنية في قتال المسلحين)، ويتمثل العنصر الثالث في استمرار جهود مكافحة الإرهاب لمنع تنفيذ أي هجمات جديدة، أما العنصر الرابع فهو استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من أعمال العنف.

وهنا تأتي أهمية تشكيل قوات أو وحدات الحرس الوطني في المناطق السنية التي يُسيطر عليها مقاتلو داعش كجزء من الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة هؤلاء المقاتلين، فالإدارة الأمريكية التي تشن طائراتها الغارات على معاقل المسلحين تحتاج إلى قوات برية تقاتل على الأرض، وهي غير راغبة في زج قوات أمريكية مقاتلة في العراق، فكان لا بد من الاعتماد على القوات المحلية لتأدية المهمة، وبما أن المكون الشيعي يسيطر على القوات الأمنية العراقية بشكل أساسي، والمكون الكردي يمتلك قوات البشمركة؛ فإن وحدات الحرس الوطني ستكون قوات سنية يستعيد من خلالها المكون السني مناطقه التي سيطر عليها مقاتلو داعش، وذلك بحسب المنظور الأمريكي.

ويُعد تشكيل وحدات الحرس الوطني أحد أهم عناصر أجندة إصلاح قطاع الأمن في العراق، وتم التأكيد عليها مرارًا، وروّج لها باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، وذلك لضرورة إقامة حرس وطني جديد يضم العناصر المسلحة للقبائل السنية، أي تشكيل مجموعات مسلحة خارج الجيش والشرطة الرسميين، للعمل كاحتياطي محلي تحت سيطرة حكام المحافظات.

وتابعت الإدارة الأمريكية مسألة تشكيل وحدات الحرس الوطني، وضمّنتها في أغلب اجتماعاتها، ويتم طرحها في عدد من لقاءات وخطابات باراك أوباما والتأكيد على أهمية دعم الجهود العراقية في تشكيل هذه الوحدات والاستفادة منها في مواجهة مقاتلي داعش.

الموقف الرسمي العراقي:

كانت مسألة تشكيل قوات الحرس الوطني أحد شروط كتلة اتحاد القوى العراقية للمشاركة في حكومة حيدر العبادي الذي أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء، وتم إقرارها في البرنامج الوزاري لحكومته. إذ جاء البند السادس من هذا البرنامج بالنص على: “تطوير تجربة الحشد الشعبي، والعمل على جعلها ذات بعد وطني مقنن يخدم المصالحة الوطنية”، وذلك يتم -بحسب هذا البند- من خلال تشكيل “منظومة الحرس من أبناء كل محافظة لتكون قوة رديفة للجيش والشرطة، لديها مهمات محددة، ومستوى تجهيز وتسليح محدد، يهدف إلى جعلها العمود الأساسي في إدارة الملف الأمني في المحافظات لجهة القيادة والسيطرة”.

وفي أول اجتماع لحكومة العبادي يوم 9 سبتمبر 2014، تم تكليف لجنة خاصة لإعداد مسودة مشروع قانون الحرس الوطني، على أن تكمل عملها خلال مدة أسبوعين ليتسنى للحكومة تقديمه إلى البرلمان بهدف إقراره، بيد أن مشروع القانون هذا لم يقدم إلى الآن.

وعمل رئيسُ مجلس النواب سليم الجبوري على الإسراع بإنجاز مشروع قانون الحرس الوطني، فالتقى أعضاءَ اللجنة المكلفة من قبل رئيس مجلس الوزراء بتنظيم مشروع هذا القانون، وأشار بقوله إلى أن “القانون سيقدم إلى أعضاء مجلس النواب لمناقشته حال الانتهاء منه”، وأوضح طبيعة وعمل الحرس الوطني بأن “ارتباط الحرس الوطني بعد تشكيله سيكون بالدولة، وهو ليس ميليشيا أو صحوة أو قوات عشائر”.

فالتوجه العراقي المعلن حول تشكيل قوات الحرس الوطني لم يقتصر على محافظات معينة دون غيرها، كما في الطرح الأمريكي، وإنما يشمل جميع المحافظات العراقية، وتكون قوات رسمية تتولى تمويلها وتسليحها وتنظيم أمورها وزارة الدفاع العراقية، ولكن تأتمر بقرارات حكومات المحافظات.

مواقف القوى والتيارات السياسية:

تتباين مواقف القوى والتيارات السياسية الفاعلة في الساحة العراقية، وتختلف دوافعها ومبرراتها من مشروع تشكيل قوات الحرس الوطني، فالتحالف الوطني (القوى والتيارات الشيعية) الذي ينتمي إليه رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، له عدة مواقف مختلفة، فالعديد من الكتل والأحزاب المنتمية لهذا التحالف في البداية أيدت تشكيل هذه القوات استنادًا إلى ما تم الاتفاق والتصويت عليه ضمن برنامج حكومة العبادي، على ألا يقتصر تشكيل القوات في المحافظات السنية وإنما يشمل كافة المحافظات، ومنها من رأى أن قانون الحرس الوطني سيقنن عمل متطوعي “الحشد الشعبي الشيعي” في المحافظات الجنوبية، ومنها كتلة المواطن وتيار الأحرار، وحصل مؤخرًا تردد تجاه المشروع من قبل عدد من أعضاء هذا التحالف، وطرحوا فكرة إعادة تطبيق قانون الخدمة العسكرية الإلزامية.

أما موقف أعضاء كتلة دولة القانون، وبالتحديد نواب حزب الدعوة الذي ينتمي إليه حيدر العبادي، فإنهم يعارضون مشروع تشكيل قوات الحرس الوطني، كونه يتيح لضباط ومنتسبي الجيش العراقي السابق فرصة الالتحاق بصفوفه، كما أنهم برروا معارضتهم لهذا المشروع بسبب تخوفهم من أنه سيشكل في مناطق تواجد “الإرهابيين” مما يعني إمكانية انضمامهم لهذهِ القوات على حد وصفهم، ومن أبرز متبني هذا التوجه النائب علي الأديب، ويسانده نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي.

وذهبت القوى السياسية السنية والعلمانية باتجاه الإصرار على تبني وإقرار مسألة تشكيل قوات الحرس الوطني، فكان أحد بنود ورقة المطالب السياسية المقدمة من قبل اتحاد القوى العراقية التي تضم أعضاء مجلس النواب السنة، وأيدتهم القائمة الوطنية العراقية ذات التوجه العلماني في تشكيل الحرس الوطني. ويدعم هذا التوجه قادة الحراك الشعبي الذين يمثلون حركة الاحتجاجات الشعبية في المحافظات السنية ضد سياسات حكومة المالكي السابقة. وهم غير ممثَّلين في مجلس النواب العراقي.

أما القوى السياسية الكردية المتمثلة في ائتلاف القوى الكردستانية، فإنها لم تعارض من حيث المبدأ تشكيل الحرس الوطني المناطقي وفقًا لبرنامج حكومة العبادي، على أن تكون عملية التشكيل مبنية على أُسس مهنية لضمان نجاحها، في ظل الأزمة الأمنية التي تواجه البلاد. بيد أن اعتراض الأكراد يتمثل في رفضهم تشكيل قوات الحرس الوطني في كركوك “والمناطق المتنازع عليها” بعد أن سيطرت عليها قوات البشمركة الكردية بعد أحداث 10 يونيو 2014 في ظل اعتراض السكان المحليين من عرب وتركمان، وعدم موافقة الحكومة الاتحادية.

هيكل وإدارة الحرس الوطني:

تكون قوات الحرس الوطني -بحسب مسودة قانون الحرس الوطني- عبارة عن قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من أبناء المحافظة نفسها فقط، من خلال تطويع أبناء الأقضية والنواحي ومركز المحافظة بالشكل الذي يضمن التمثيل الحقيقي لأبناء جميع المكونات طبقًا لنسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة ذاتها. ويكون ذلك بالاعتماد على ضوابط تحديد نسبة تمثيل المكونات داخل القوات العسكرية حسب الكثافة السكانية، وتنوعها في الوحدات الإدارية، مع مراعاة خصوصية بعض المحافظات.

وتخضع قوات الحرس الوطني للقوانين العسكرية النافذة إداريًّا وقانونيًّا وماليًّا وقوانين الضبط والعقوبات العسكري، وتخضع لإشراف القيادة العامة للقوات المسلحة، ورقابة مجلس النواب، ويتم تسليحها وفقًا لضوابط تسليح الفرق العسكرية المقارنة. ويكون في كل محافظة تشكيل على مستوى قيادة فرقة عسكرية لها استقلالية في اتخاذ القرارات لإدارة شئونها، وترتبط بالمحافظ، وتحت إشراف مجلس أمن المحافظة.

ويفترض أن يُشَكَّلَ مجلس أمن المحافظة أو اللجنة الأمنية العليا في كل محافظة من المحافظ ونوابه ورئيس مجلس المحافظة ونوابه، ويتم تنظيم آلية للتصويت على القرارات العسكرية دون تدخل الحكومة الاتحادية في هذه القرارات، الأمر الذي يعني أن القرار الأمني يكون لا مركزيًّا.

مهام الحرس الوطني:

وفقًا لما تضمنته مسودة مشروع قانون الحرس الوطني، فإن من مهام قوات الحرس الوطني حماية حدود المحافظة وأطراف الوحدات الإدارية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن، والتدخل عند الحاجة. كما ستقوم هذه القوات بتقديم المساعدة للمواطنين في أوقات الكوارث والحروب والقضايا الإنسانية، ويكون جهدها اللوجستي والهندسي عونًا للمؤسسات الخدمية عند الضرورة.

بيد أن واقع الحال يُشير إلى أن الحاجة التي دفعت تجاه طرح مشروع تشكيل قوات الحرس الوطني جاءت بعد أن سيطر مقاتلو داعش على عددٍ من المحافظات في شمال وغرب العراق ومناطق من محافظات أخرى، ويُراد من هذا التشكيل أن يتحمل مسئولية المواجهة، وإعادة السيطرة على هذه المحافظات كمهمة أساسية في بادئ الأمر.

الإجراءات العملية المتخذة:

على الرغم من التأخر في تقديم مشروع قانون الحرس الوطني إلى مجلس النواب؛ فإن هنالك إجراءات عملية تم اتخاذها على أرض الواقع للسير في طريق التشكيل، ولكن لم تكن الحكومة العراقية طرفًا في هذه الإجراءات، وإنما بتحرك من السفارة الأمريكية في بغداد، وبالتنسيق مع قيادات وشخصيات سنية، حيث عَقدت اجتماعين منفصلين في بغداد مع مسئولين محليين من محافظَتَيْ نينوى والأنبار للبحث في تشكيل الحرس الوطني لمواجهة مقاتلي داعش، وبإشراف أمريكي في هاتين المحافظتين. وجرت محادثات واجتماعات أخرى بين مسئولين أمريكيين وشخصيات عشائرية سنية وحركات وجماعات سنية في أربيل وعمان للتنسيق بشأن تشكيل الحرس الوطني في المحافظات السنية، وهو ما أكده جيمس جيفري السفير الأمريكي في العراق (2010–2012).

واتخذت خطوات عملية، بدءًا بتسجيل أسماء المتطوعين لتشكيل قوات الحرس الوطني قام بها موظفو مجلس محافظة نينوى، وتم تخصيص مكان معزول يقع بين أربيل والموصل ليكون مركزًا لتدريب هذه القوات على يد ضباط من الجيش العراقي السابق من أهل الموصل، ومهمة القوات إعادة السيطرة على محافظة نينوى من مقاتلي داعش. وتم تنفيذ خطوات مشابهة في محافظة الأنبار عندما تمت المباشرة في تسجيل 10 آلاف شخص ليكونوا ضمن قوات الحرس الوطني الخاصة بالمحافظة. ولم تكن تلك الإجراءات كفيلة بتحقيق مشروع تشكيل قوات الحرس الوطني، كونها خطوات بسيطة لا تتناسب مع متطلباته الأساسية.

مستقبل الحرس الوطني:

يحقق تشكيل قوات الحرس الوطني، لا سيما في المحافظات السنية، عددًا من المزايا والإيجابيات، يتمثل أهمها فيما يلي:

• يخفف تشكيل الحرس الوطني من حدة الانقسامات الطائفية، والحد من الشعور بالتهميش، بالنسبة لأبناء المكون السني الذين تعرضوا لسياسات اضطهاد وإقصاء مارستها حكومة المالكي السابقة، وذلك من خلال إدارتهم للملف الأمني في محافظاتهم بمساعدة الحكومة الاتحادية.

• تساهم قوات الحرس الوطني في المحافظات السنية في تحقيق توازن أمام الميليشيات الشيعية، لا سيما المدعومة من قبل إيران التي تعمل بدون وجود إطار قانوني لها تحت سمع وبصر ودعم الحكومة في بغداد.

• أن دخول قوات الحرس الوطني في المواجهات مع مقاتلي داعش يؤدي إلى عدم اعتراض السكان المحليين الذين يرفضون دخول الميليشيات المسلحة وعناصر الحشد الشعبي إلى مناطقهم بسبب ما يقومون به من عمليات تخريب ونهب وقتل بحق المدنيين السنة وممتلكاتهم تحت غطاء حكومي، وهو ما أعلنت عنه منظمة هيومان رايتس ووتش مؤخرًا.

• يؤدي تشكيل قوات الحرس الوطني إلى توفير فرص عمل كبيرة للكثير من العاطلين عن العمل.

• الاستفادة من ضباط ومنتسبي الجيش السابق الذين تم إقصاؤهم بعد حل المنظومة الأمنية من قبل الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر بعد عام 2003، ولديهم الخبرات والتجارب العسكرية في القتال وحفظ الأمن.

ويمكن القول إن تحقيق قوات الحرس الوطني المهام والأهداف المبتغاة من تشكيلها، يتطلب اتخاذ عدة إجراءات تشمل الإسراع في تشريع قانون تشكيل قوات الحرس الوطني، وتقديم ضمانات حقيقية لأبناء المحافظات السنية للمشاركة الفاعلة في القرار السياسي والأمني ابتداءً، على المستويين المحلي والوطني، وتدريب وتسليح هذه القوات بالشكل الذي يتناسب والمهام الموكلة لها.

وذلك إلى جانب، ضم الجماعات السنية المسلحة التي لم تعارض تشكيل الحرس الوطني إلى صفوفه للاستفادة منهم وعدم عزلهم، لا سيما أنهم فاعلون في التأثير بمهام قوات الحرس الوطني سلبًا وإيجابًا. وكذلك إبعاد عناصر القوات عن التماس المباشر مع المواطنين، وضبط سلوكياتهم حتى لا تتكرر تجربة نفور السكان والأهالي من القوات الأمنية في المحافظات السنية، وإبعاده عن الظواهر والشعارات الطائفية والعرقية، بما يحقق مهام هذه القوات، ولا تكون أداة تعسف واضطهاد تجاه أي فئة أو مكون في المجتمع العراقي.

لا يُمكن التكهن بحتمية نجاح أو فشل مشروعٍ ما قبل إقراره وتطبيقه لمعرفة النتائج المترتبة على تحقيقه. ولكن يمكن توقع إقرار أو تطبيق وفاعلية مشروع الحرس الوطني من عدمه، وفق المعطيات والمتغيرات المتوفرة، أو التي تنتج عن تطورات الأحداث الجارية.

فبطء حكومة العبادي، وتراجع وتباين مواقف بعض النواب من كتلة دولة القانون، ومواقف بعض الشخصيات القبلية السنية المرتبطة بالحكومة، واحتمالية أن تتمكن القوات الحكومية والميليشيات الشيعية من السيطرة على بعض المناطق في المحافظات السنية – كلها عوامل تؤدي إلى إمكانية التراجع عن تقديم مشروع قانون قوات الحرس الوطني إلى مجلس النواب، والتخلي عن تطبيقه بحجة انتفاء الحاجة له. لا سيما إذا ما تخلى عنه المسئولون الأمريكيون، وتم الاعتماد على مسلحي العشائر السنية، وعناصر الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية الموالية للحكومة. الأمر الذي سيزيد من إقصاء المكون السني، والعودة إلى نفس الخلافات التي كانت بين حكومة المالكي السابقة والكتل السياسية السنية.

أما في ظل التقدم الذي يحرزه مقاتلو تنظيم داعش بالسيطرة على المزيد من المناطق، والتوجه الأمريكي بالعمل على تشكيل قوات الحرس الوطني بمنأى عن الحكومة العراقية، وبالتنسيق مع الجماعات والشخصيات القبلية لاستكمال متطلبات تشكيل هذه القوات – فإن الحاجة لقوات الحرس الوطني ستكون ملحة.

وبصفة عامة، يعد تشكيل قوات الحرس الوطني أمرًا ضروريًّا وجزءًا مهمًّا من حل الأزمة الأمنية الراهنة في البلاد، لما يمثله من اشتراك أبناء المناطق السنية في السيطرة على مناطقهم، كونهم أعرف من غيرهم بالأوضاع والتحكم بالقرار الأمني في محافظاتهم، وتقبل السكان لهم أكثر من غيرهم، لا سيما أن هنالك تجربة سابقة نجحوا بها هي مشروع الصحوات عام 2007 الذي دعمه الأمريكان وأتى بثماره عبر ضبط الأوضاع وإعادة الأمن في المحافظات السنية.

د. مثنى العبيدي

المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية

http://goo.gl/EoEEHW