لم تنته الحرب في سوريا بعد، ولا يمكن التنبؤ بما إذا كانت ستضع أوزارها بُعيْد انتهاء الهدنة الهشة، أو انفضاض محادثات السلام الجارية في جنيف بين أطراف النزاع دون اتفاق.
ومع استمرار القتال بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري، فإن التطورات على الساحة تُنذر باندلاع حروب جديدة تجلت أولى بوادرها بإعلان فصائل وقوى كردية تأسيس كيان فيدرالي (اتحادي) شمال البلاد.
فبعد إعلان الجيش الحر أنه سيتصدى عسكريا للكيان الجديد، توصلت قيادات 45 عشيرة سورية إلى اتفاق بتشكيل قوات مشتركة تحت اسم “جيش العشائر الشرقية” لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية والقوى المتحالفة معه.
وكان ناشطون وفعاليات ثقافية واجتماعية سورية قد بدؤوا جهدا سياسيا وطنيا لمقاومة “الفدرلة” بإطلاق صفحات تحت عنوان “لا للفيدرالية” على مواقع التواصل الاجتماعي، قوبلت بنشاط معاكس من دعاة التقسيم.
جيش العشائر
يرى المحلل العسكري العميد أحمد رحال أن تشكيل جيش العشائر والإعلان عنه هذه الفترة خطوة ذات طابع دعائي أكثر من كونها تحركا واقعيا على الأرض، ذلك أن روسيا والولايات المتحدة لن تقدما على تسليح هذا الجيش لكونه يناصب حلفاء القوتين العظميين “الأكراد” العداء.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أنه حتى لو حصل جيش العشائر على سلاح، فإن مجلس الأمن سيتدخل بعد أول طلقة توجه ضد الأكراد بدعوى حماية أقلية تتعرض لظلم الأكثرية، وبالتالي سيكون هناك مبرر للاعتراف بكيانهم وحمايته دوليا.
وعلى النقيض، يؤكد المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشرقية ومجلس القبائل السورية، مضر حماد الأسعد، أن جيش العشائر الشرقية توجه منذ تشكيله لقتال النظام و”العصابات الإرهابية”.
وأوضح أن “الهدف الأسمى” لهذا الجيش هو “المحافظة على وحدة التراب السوري ومنع التقسيم، وكذلك الوقوف ضد الداعمين الخارجيين الساعين إلى تكريس الطائفية وإنقاذ نظام (الرئيس بشار) الأسد”.
وأشار الأسعد إلى وجود مئات المتطوعين من الشباب الذين يتلقون حاليا تدريبات عسكرية بإشراف ضباط منشقين عن النظام، ويتزعم المجلس الذي يعمل في المنطقة الشرقية الشيخ نواف البشير.
وكشف الرائد عمر طراد، القائد العسكري لجيش العشائر، أنهم أنشؤوا ما سماها “ركائز” لقواته في ريف إدلب وريف حلب الشرقي، وأنهم سيطلقون عملية عسكرية كبيرة في وقت قريب، من دون أن يدلي بتفاصيل بهذا الشأن.
وكان طراد أدلى، في تصريحات صحفية سابقة نُسبت إليه، بأنهم يطمحون لإدارة المنطقة الشرقية عبر بناء مؤسسات قائلا “كوننا من أبناء المنطقة”.
غير أنه أكد للجزيرة نت أن هدفهم هو توحيد جهود شباب العشائر وتنظيمهم في مؤسسات مدنية وعسكرية ورأب الصدع بين العشائر.
حروب محتملة
وعن الحروب المحتملة في سوريا والتي لن تنتظر سقوط نظام الأسد، أشار العميد رحال إلى نوعين من الحروب، أولاهما حروب الفدرلة التي هي في حقيقتها تقسيم مقنّع، لأنها تقوم على تقسيم طائفي وليس على بنى اقتصادية أو اجتماعية، موضحاً أن القوى الكبرى لن تسمح بها غالبا لأنها ليست مستعدة لتحمل عواقبها، خاصة ما يتعلق بملف الهجرة الذي أرهق الجميع.
أما النوع الثاني من الحروب المحتملة -وفق العميد- فهي بينية أيضا حيث سيتم تجنيد قوى محلية لمقاتلة كل الفصائل التي يعتبرها الغرب إرهابية، وليس تنظيم الدولة وحسب، مثل جبهة النصرة وجند الأقصى والتركمانستان، وسيتم إذكاء هذه الحرب بتمرير معلومات استخبارية لجبهة النصرة وتنظيم القاعدة عن الفصائل التي تعمل على استهدافها، كما حدث مؤخرا عندما هاجمت “النصرة” الفرقة 13 في معرة النعمان.
ياسر الأطرش
الجزيرة نت