تعد رسالة القيادي الحوثي يوسف الفيشي التي طالب فيها على صفحته في فيسبوك المسؤولين الإيرانيين بالبقاء بعيدا عن الصراع اليمني رسالة لافتة وتحمل مؤشرات عديدة، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع إعلان حزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ترحيبه بأي جهود تبذل لإيقاف الحرب الدائرة في البلاد بين الحكومة الشرعية المدعومة سعوديا من جهة، والحوثيين والقوات الموالية لصالح من جهة أخرى.
وكان مسؤولون في جماعة الحوثي -على رأسهم المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام- قد زارواالسعودية في مارس/آذار الجاري لإجراء مفاوضات بعد محادثات تحضيرية سرية، كما سلموا أحد الجنود السعوديين الأسرى -وهو جابر الكعبي- إلى المملكة، الأمر الذي يعد تطورا مهما وغير مسبوق في مسار الحرب بعد أكثر من 11 شهرا على بدء عمليات التحالف العربي في اليمن.
وجاءت تلك الزيارة بالتزامن مع هدوء واضح في القتال على الحدود السعودية اليمنية ليعلن بعدها العميد الركن أحمد عسيري المتحدث باسم تحالف إعادة الشرعية في اليمن ومستشار وزير الدفاع السعودي أن عمليات التحالف أوشكت على الانتهاء، وأن المعارك توقفت تقريبا على طول الحدود بين البلدين بعد جهود الوساطة التي قامت بها عشائر يمنية.
وأكد مدير مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر أن الوساطة الحالية جاءت على أساس الهدنة على الحدود فقط وتبادل الأسرى وليست لوقف عمليات التحالف، كما أنها جاءت بطلب وضغط من القبائل القاطنة على الحدود اليمنية مع السعودية لتأثرها بالحرب.
من جانبه، بارك القيادي السابق في جماعة الحوثي علي البخيتي فتح خط تواصل مباشر بين السعودية والحوثيين لتطبيق بنود تفاهم أولي، مشيرا إلى أن التفاهم بين الطرفين لا يعد بتسوية شاملة، بل بالونة اختبار مشتركة لنوايا الطرفين، ومدى جديتهما وسعيهما للوصول إلى حل شامل.
مفاوضات سابقة
ورغم تأكيد بن صقر -في تصريح للجزيرة نت- على أن المفاوضات في ظهران الجنوب كان هدفها التهدئة على الحدود فإنه أشار إلى لقاءات غير مباشرة كانت قد عقدت في مسقط وعمّان “لاستمزاج الآراء وقراءة المواقف”.
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى أن هذه المفاوضات ليست الأولى من نوعها، بل سبق أن قدم الحوثيون عروضا تشمل الانسحاب من صنعاء والعودة إلى معقلهم في صعدة والاعتراف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي والانخراط في حكومة وحدة وطنية مقابل السماح لهم بالاحتفاظ بسلاحهم وعدم متابعة قياداتهم، وربما تكون هذه هي النقطة التي تعطل أي اتفاق معهم.
قوات سعودية تطلق النار على الحوثيين من مواقع حدودية (الجزيرة نت-أرشيف) |
لكن بن صقر يرى أن نقطة الخلاف الرئيسية هي رغبة الحوثيين في وقف إطلاق النار أولا، ومن ثم بدء التفاوض الذي قد يأخذ مدى غير محدد، وهو ما ترفضه قوات التحالف التي تشترط تزامنا بين وقف إطلاق النار وتنفيذ القرارات الأممية التي توجب على الحوثيين سحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها وإعادة الشرعية وتسليم أسلحتهم.
في المقابل، يرى البخيتي أن صمود تلك التفاهمات بحاجة إلى تهدئة حقيقية في كل الجبهات، ووقف القصف الجوي تمهيدا للوصول إلى تسوية شاملة.
وأشار البخيتي في صفحته على فيسبوك إلى أن التفاهم السعودي الحوثي ترك بلبلة على قواعد الحوثيين وحلفائهم، حيث أظهرهم كمن يغازل المملكة ليلا ويدعي مهاجمتها نهارا.
وفي وقت ينتظر فيه مراقبون نتائج وساطة ظهران الجنوب على الأرض قال مسؤول كبير بالحكومة اليمنية لرويترز أمس الثلاثاء إن الكويت ستستضيف محادثات سلام بهدف إنهاء الحرب في اليمن الشهر المقبل بالتزامن مع هدنة مؤقتة، وذلك بعد أن فشلت جولتان من المحادثات غير المباشرة بين وفد الحوثيين وصالح من جهة، والحكومة الشرعية من جهة أخرى.
كما قال وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي إن هناك احتمالية لإجراء محادثات بين الحكومة والحوثيين.
ومع استمرار غارت التحالف على أهداف عسكرية للحوثيين في صنعاء وضواحيها بعد نحو عام على بدئها وبقاء سيطرة الحوثيين على مدن متفرقة بالإضافة إلى عودة حصارهم مجددا لتعز تبقى تلك الوساطة في حدود المطالب الجزئية لبعض القبائل أو في أقصى تقدير لها اختبارا للنوايا، خاصة أن السعودية ماضية في دفع أي ثمن مقابل ألا تسمح لجماعة مسلحة إيرانية الهوى بالسيطرة على حديقتها الخلفية الممتدة على أكثر من 1400 كيلومتر مع حدودها.
غازي كشميم
الجزيرة نت