هل سينتهي الإرهاب بالقضاء على “تنظيم الدولة”؟

هل سينتهي الإرهاب بالقضاء على “تنظيم الدولة”؟

56e58d7e392dbb85280c1284

آخر هجمتين إرهابيتين نفّذهما تنظيم الدولة في إسطنبول وبروكسل، جاءتا على رأس جداول الأعمال في كل دول العالم. هناك تركيز عالمي حول العمليات التي ينفّذها أشخاص مجهولون، ولا يُعرف في أي عاصمة سيفجرون غدا. هذا التركيز يغذّي مخاوف الغرب ومناهضتهم للإسلام. ويبدو ذلك جليّا في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تلقي بالا لإرهاب تنظيم الدولة، حيث يستغل مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب الأحداث ليشن هجمة شرسة على الإسلام أثناء حملته الانتخابية.

تراجع الديمقراطية الأوروبية
تحامل ترامب وحقده على الإسلام يولّد الخوف في أذهان الأمريكيين وسيكون سببا لهزيمته في الانتخابات. ترامب هو أخطر سياسي استثمر أفعال داعش في مسيرته السياسية وبهذه الطريقة استطاع أن يقفز ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة.

عاصفة اليمين المتطرّف في أوروبا لمناهضة المسلمين ترتفع وتيرتها مع الخوف من الإرهاب واللاجئين. بينما يسعى ساركوزي للعودة إلى الحكم في فرنسا تحوم مارين لوبان “ظل الفاشية” للسيطرة على مركز القرار في فرنسا.

الديموقراطية في أوروبا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها تشهد تراجعا وانكسارا واضحا، والتحيّزات تضغط على العمل السياسي المتزن.

وهكذا فتنظيم الدولة يؤجّج أزمة “مناهضة الإسلام” التي أنتجها تنظيم القاعدة في أمريكا وأوروبا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وفيما يبدو فتنظيم الدولة أكثر إرهابا من تنظيم القاعدة. لقد استفاد من حالة الصراع في العراق وسوريا ليكوّن شبه دولة ما زالت قائمة على أراض واسعة. هذه الميزة لا يمكن القياس بينها وبين الدعم الذي جناه تنظيم القاعدة من نظام طالبان في أفغانستان. تنظيم الدولة توسّع في محيط الراديكالية وصراع المنطقة الذي أنتجته الموجة الاستعمارية للرئيس الأمريكي السابق بوش واستفاد من طريقة القاعدة وطالبان في السيطرة على الجغرافيا وإدارتها. علاوة على ذلك فمواجهة تنظيم الدولة أخذت وقتا طويلا وما زالت مستمرة وتتم عبر تنسيق ضعيف وغير جدي. يتم العمل على مخطط لإدخال روسيا في منافسة مع القوى الإقليمية والشخصيات المؤثرة في المنطقة.

إرهاب مستمر
مثلا تحرص أمريكا على عدم إيذاء تركيا بينما تصر على أن حزب الاتحاد الديموقراطي ليس نفسه حزب العمال الكردستاني في تعاملها مع اللاعبين المحليين لمحاربة تنظيم الدولة. كما أنها في نفس الوقت تسعى إلى خلق خصومة عميقة بين العرب السنة والأكراد وتدفع نحو نقل الصراع بين حزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديموقراطي مع تنظيم الدولة إلى تركيا.

تهديد تنظيم الدولة الموجّه ضد تركيا ليس محصورا هنا. فلو أن عناصره اتّخذوا من حزبي الاتحاد الديموقراطي والعمال الكردستاني هدفا لهم فبعد فترة تكون هجماتهم الإرهابية غير موجّهة نحو هذا الهدف. مثل الهجمات التي قاموا بها في المطار ومحطة الميترو في بروكسل.

الكشف عن أن أحد منفذي هجمات بروكسل قد تم إبعاده من تركيا وتُرك حرا في أوروبا أمر يشير إلى أن خطر “المحاربين الأجانب” أكبر من مسألة أمن الحدود التركية.

كيف ستتم إدارة العراق وسوريا بعد تنظيم الدولة؟ أمر مهم حتى وإن خرجت المباحثات في جنيف بنتائج إيجابية. هل يمكن القضاء على تنظيم الدولة تماما؟ إنه أمر غير معروف. هل سيتم إنتاج تنظيم دولة معتدل؟ وهذا الأمر غير واضح حتى الآن. ليس من الصعب التخمين بأن الأجزاء المتسيبة من التنظيم المبعثر ستشكّل تهديدا راديكاليا جديدا.

أيضا هناك مسألة مهمة، وهي إذا كان إبعاد تنظيم الدولة من خط مارع – جرابلس أمرا مهما، فكيفية القيام به أمر معقد للغاية. هل سيتم ذلك وفقا للخطة التي وضعها جهاز الأمن التركي والتي تتمثل في الحظر الجوي وإنشاء مناطق آمنة؟ أم أنه سيتم الاستيلاء على هذه المناطق عبر القوى الديموقراطية في سوريا وفي مقدمتها حزب الاتحاد الديموقراطي والجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني؟

من المعروف أن الاتحاد الأوروبي غير متفاعل مع هذا الموضوع، فيما يميل أوباما إلى الخيار الثاني. للأسف فالمصالحة التي لا تتضمن كيفية مكافحة تنظيم الدولة لن تقف حائلا أمام الموجات الإرهابية للتنظيم. حتى لو تم القضاء على هيكل الدولة لدى تنظيم الدولة، فالإرهاب سيستمر.

برهان الدين دوران

تركيا بوست