مرَّ التيار الجهادي في إندونيسيا بمراحل زمنية وفكرية عدَّة، وعرف هبوطًا وصعودًا وتمددًا وانكماشًا واختلفت السمات الغالبة لكل منها، وفقًا للتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، وجاءت الهجمات الأخيرة في جاكرتا لتؤشِّر على عودة بعض هذه التيارات ولكن بعنف أكبر.
فوجئ الإندونيسيون بهجمات جاكرتا، في 14 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد ست سنوات من هدوء عرفته مدن إندونيسيا، في رسالة واضحة مفادها أن مجموعات جديدة تريد تأكيد حضورها في بلد شهد ظهور حركات جهادية عديدة واجهت الحكومة خلال سبعة عقود مضت. ولا يزال الجيش والشرطة يشنَّان عملية عسكرية في مرتفعات بوسو بوسط جزيرة سولايزي ضد عشرات من عناصر مسلحة من “حركة المجاهدين” في إندونيسيا الشرقية التي أعلن قائدها، سانتوسو، مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية. هذا وتسعى الحكومة إلى تعديل قانون مكافحة الإرهاب بما يسمح لها باتخاذ إجراءات استباقية ضد المشتبه في تخطيطهم لهجمات، فيما يظل مستقبل التيار الجهادي في إندونيسيا مرتبطًا بتأثير عدد من العوامل، منها ما يرتبط بالشأن الداخلي مثل تصاعد الطائفية والمذهبية وتطبيق الشريعة، ومنها ما يتصل بتأثيرات خارجية لاسيما ما يجري في العالم العربي من أحداث وما يشهده من حركات “جهادية” مثل تنظيم الدولة والقاعدة وما سواهما.
هاجم مسلَّحون، في 14 يناير/كانون الثاني 2016، عناصر أمن ومقهى في أشهر شوارع العاصمة جاكرتا، وليس بعيدًا عن مقرات حكومية ومكاتب منظمات دولية، وعلى طريق تؤدي إلى القصر الرئاسي(1). لم يكن الهجوم كبيرًا من حيث عدد الضحايا والقوة التدميرية مقارنة بتفجيرات العقد الماضي في عدد من مدن إندونيسيا، لكنه جاء بعد سنوات هدوء ليؤكد ما ظلَّ يقال عن انضمام شباب إندونيسي إلى “تنظيم الدولة الإسلامية” وأنهم ذهبوا فعلًا إلى سوريا، ولتبرز بهذا قضية الإرهاب والجماعات المسلحة ثانية بعد أن ظلَّت الحكومة منشغلة بصراعات وقضايا سياسية وتنموية عديدة، وجاء الحدث ليدفع الشرطة والجيش والقوى الأمنية لتعزِّز من وجودها في وسط جزيرة سولايزي شمال شرقي إندونيسيا؛ حيث تقاتل عشرات الجهاديين الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة في غابات تلك المنطقة.
أمَّا إقليميًّا، فإن وسائل الإعلام تعبِّر عن مخاوفها من أن تكون ماليزيا الهدف التالي لتنظيم الدولة، لكن الأكثر وضوحًا على أرض الواقع حصول مواجهات عنيفة بين الجيش الفلبيني ومسلحين يرفعون رايات تنظيم الدولة في بلدة بوتيغ بإقليم لاناو ديل سور ذي الغالبية المسلمة، في جزيرة ميندناو منذ أواخر شهر فبراير/شباط 2016؛ حيث قُتل جرَّاءها عشرات المدنيين وتشرَّد الآلاف، في مؤشر على رفض المسلحين لخيار السلام الذي التزمت به “جبهة تحرير مورو الإسلامية” وقبلها “جبهة تحرير مورو الوطنية”، مع العلم بأن الظروف السياسية مهيأة لتجدد وتوسع الصراع، وقد حذَّر في هذا السياق، الحاج مراد إبراهيم، زعيم جبهة تحرير مورو الإسلامية، من أن تنظيم الدولة يسعى إلى أن تكون له ولاية تخضع لسيطرته في جنوب الفلبين. ويأتي هذا بعد أن أجَّل الكونغرس الفلبيني إصدار قانون الحكم الذاتي لمنطقة شعب مورو في جنوب الفلبين؛ الأمر الذي يعني التأخر في تطبيق برنامج اتفاقية السلام التي وُقِّعت في مارس/آذار 2014؛ الأمر الذي أشاع حالة من الغضب وخيبة الأمل بين المسلمين في الفلبين؛ ما دفع بعض الشباب للعودة إلى حمل السلاح ومواجهة الجيش الفلبيني رغم تأكيد جبهة مورو على التزامها خيار السلام(2).
وقد دفعت هجمات جاكرتا بالمسألة الأمنية ومواجهة الجماعات الجهادية في إندونيسيا والفلبين وماليزيا إلى الصدارة، وأقلقت دولًا كسنغافورة وتايلاند، وأعادت طرح أسئلة مرة أخرى تتصل بتاريخ هذا التيار وما آل إليه خلال السنوات الأخيرة. هذا وقد مَرَّ التيار الجهادي بمراحل مختلفة يمكن تقسيمها إلى أربع، قبل الوصول إلى واقعها اليوم، وهي ما تتناوله هذه الورقة أدناه.
المرحلة الأولى: حركة دار الإسلام قبل الاستقلال
تعود أصول التيار الجهادي في إندونيسيا إلى ما قبل سبعة عقود؛ حيث ظهرت “حركة دار الإسلام” التي ظهرت في أجزاء متفرقة من إندونيسيا قُبيل وبعد نيلها الاستقلال بعد كفاح ضد المستعمر الهولندي في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، وكانت تسعى نحو تأسيس دولة إسلامية في إندونيسيا، ومن أشهر شخصياتها سيكارماجي ماريدان كارتوسوويرجو(3) الذي أعلن، في 7 أغسطس/آب 1949، عن تأسيس “دولة إندونيسيا الإسلامية”؛ ما تسبَّب في اندلاع مواجهات مع الجيش الإندونيسي لمدة 13 عامًا، وكانت المناطق التي يسيطر عليها كارتوسوويرجو تُسمَّى بـ”دار الإسلام”، ومن هنا ظهر مصطلح حركة أو تيار دار الإسلام، وأُلقي القبض على كارتوسوويرجو عام 1962 لتكون نهاية الحركة المتمحورة حول شخصه(4).
المرحلة الثانية: الجهاديون في عهد الرئيس سوهارتو
تميَّز عهد الرئيس الأسبق سوهارتو (1966-1998) بقبضة أمنية وفرض أيديولوجية للدولة، أوجب على كل منظمة أو جمعية أو حزب أن تتبناها كأساس لعملها؛ ما دفع التيار الأعظم من المتدينين التقليديين، حسبما يوصفون في إندونيسيا، إلى التركيز على التعليم الشرعي في معاهدهم الدينية، وانحصر نشاط الحركات الإسلامية حينها في مدارسها الخاصة ومؤسساتها.
ولكن في هذا السياق ظهر تنظيم “كوماندو جهاد”(5)كأثر من بقايا تيار حركة دار الإسلام، ووصفه باحثون بأنه تنظيم شكلي كانت تحرِّكه شخصيات في الدولة والأجهزة الأمنية لدعم حزب “غولكار” الحاكم آنذاك ولإضعاف حزب التنمية المتَّحِد الإسلامي(6)، فضلًا عن مواجهة المدِّ الأحمر. انتهى هذا التنظيم بجذب بعضهم للعمل السياسي مع الحزب الحاكم واعتقال 185 من أعضائه عام 1977، وفي تلك الفترة وخلال محاكمات المتهمين بالانضمام للتيار الجهادي ظهر مصطلح الجماعة الإسلامية لأول مرة، وظهر حينها لأول مرة اسمان لرجلين سيُصبحان مشهورين لاحقًا، هما: أبو بكر باعشير وعبد الله سونغكر، اللذان واجها أول محاكمة بتهمة العمل الجهادي السري عام 1977، مع أنهما كانا يتحركان مع غيرهما لمواجهة المدِّ الشيوعي، لكن الحكومة رأت فيهما تحديًا للحكم العسكري القائم لتركيزهما في خطابهما على “عدم جواز طاعة حاكم ذي سياسات تخالف الشريعة”، ولرفضهما مبادئ الدولة، وقد وقعت أحداث عنف متفرقة وما زال الجدل قائمًا حول حقيقة تلك الأحداث، وهل هي صنيعة أجهزة أمنية أم هو تحرك جديد لجيل ثان من تيار دار الإسلام.
وفي مطلع الثمانينات شهدت إندونيسيا صعودًا لنشاط إسلامي واسع في الجامعات في وسط جاوا وغربها رفضًا لسياسات الحكومة، كما وقع بعض الأحداث الدامية على أيدي الأجهزة الأمنية(7)، وبدأ الاهتمام بقتال الأفغان للسوفيت يظهر بين الشباب الإسلاميين، وإيثارًا للابتعاد عن الضغوط الأمنية التي كانت سائدة آنذاك تَرَكَ عشرات أو مئات -تتضارب المعلومات بهذا الشأن- من الشباب الإندونيسي بلادهم إلى ماليزيا، ومن هؤلاء أبوبكر باعشير الذي غادر جاوا الوسطى عام 1985 إلى ماليزيا وخرج معه بعض أتباعه، فيما ذهب بعضهم إلى أفغانستان للمشاركة في قتال السوفيت مع الأفغان والعرب، وهناك وُلِد جيل جديد من الجهاديين المتدربين جيدًا، والذين لم يبقَ منهم اليوم ناشطًا بشكل ظاهر إلا القليل حسب المعلومات الاستخباراتية والشهادات في المحاكم.
المرحلة الثالثة: ما بعد التحول الديمقراطي
عرفت البلاد إثر سقوط الرئيس الأسبق محمد سوهارتو، عام 1998، أجواء من الحريات لكنها شهدت أيضًا أحداث عنف في مناطق عديدة، نتيجة لتصاعد سقف المطالب داخليًّا ولتدخلات القوى الخارجية، بعضها كان مواجهة بين مسيحيين ومسلمين في سياق تدافع سياسي واقتصادي واجتماعي ولم تكن ذات بُعد ديني مجرد؛ حينها ظهر آلاف الجهاديين بل ومن عامة شباب التيار الإسلامي، الذين واجهوا المسيحيين، بين عامي 9919 و2002، في أمبون المعروفة بوجود نزعة انفصالية مسيحية فيها منذ عقود، وكذلك في بوسو(8) حيث قُتل نتيجة الصراع فيها بين مسلمين ومسيحيين نحو ألفي شخص بين عامي 1998 و2000.
وفي عام 2000 اجتمع نحو 1800، من جهاديي إندونيسيا -ربما بعد أن خاض بعضهم تجربة المواجهة مع المسيحيين في أمبون، وكان ذلك أداء لمهمة “دفاع عن وحدة إندونيسيا ووجود المسلمين في شرقها” -وهي مهمة لم يكن الجيش يريد أو يفضِّل خوضها لصبغة الأمر الدينية- وأعلنوا عن تأسيس “مجلس المجاهدين لتطبيق الشريعة”، في ظهور علني ضمن منظمة مجتمعية، وكان هذا الظهور الثاني في جاكرتا بعد الحشد الذي سبقه لمقاتلين إسلاميين من جزيرة جاوا، الذين توجهوا إلى شرقي إندونيسيا لمواجهة المسيحيين. وخلافًا لما يتردد في بعض التقارير الصحفية فإن الجذور التاريخية لمجلس مجاهدي إندونيسيا أقدم من تنظيم القاعدة ولا يحتاج هذا التنظيم، أي “المجلس”، ومن ارتبط به لأن يجعل من القاعدة مثالًا ليتبع قيادته أو أن يستلهم أفكارًا منه، فمجلس المجاهدين امتداد للفكر الجهادي في بلاده وإن تأثَّر بفكر الحركات الإسلامية المعاصرة لاسيما الجهادية منها التي ظهرت في أواخر القرن العشرين، والجدير بالذكر، أنه رغم خروج بعض مؤسسي هذا التيار إلى جماعات أخرى وتأسيس بعضهم لجماعتي “أنصار التوحيد وأنصار الشريعة” -كما سيأتي لاحقًا- إلا أن هذه المجموعة ما زالت في إندونيسيا كتنظيم دعوي ذي فكر جهادي لكنه لا يشارك في عمل مسلح كتنظيم بمجموعه في إندونيسيا، رغم تعرض بعض أعضائه لسجن أو لمحاكمات في بعض القضايا.
المرحلة الرابعة: عشرية التفجيرات
لم يدم الوضع طويلًا بالنسبة للجهاديين فابتداء من أغسطس/آب 2000 الذي أُعلن فيه عن تشكيل مجلس مجاهدي إندونيسيا دخلت إندونيسيا عشرية من التفجيرات المتتالية ابتداء من تفجير السفارة الفلبينية في عام 2000، وتفجيرات كنائس ومدارس ومطاعم، ثم تفجير بالي الشهير عام 2002 الذي راح ضحيته أكثر من 200 قتيل و200 جريح. وتواصلت التفجيرات في بالي وجاكرتا ومناطق أخرى بما في ذلك تفجير السفارة الأسترالية عام 2004 وفندقين وسط جاكرتا عام 2009، وكانت خاتمة هذا العقد في تاريخ الجهاديين حشدهم لقوة من مختلف أطيافهم في معسكر بإقليم آتشيه، استطاعت الاستخبارات الكشف عن مكانه ومهاجمته واعتقال من فيه ومحاكمتهم وذلك عام 2010. وشهد ذلك العقد تحولًا في الأسلوب الأمني في التعامل مع الجهاديين بتشريع قانون جديد وتشكيل وحدة 88 لمكافحة الإرهاب، واعتُقِل المئات وحوكموا وأُعدم بضعة منهم، وما زال هناك 215 سجينًا في قضايا الإرهاب والطوارئ وإن أُطلق سراح 56 منهم في عام 2015(9).
واقع التيار الجهادي اليوم في إندونيسيا
يُلاحَظ على تيار حركة دار الإسلام التاريخية التي انقسمت خلال العقود الماضية إلى مجموعات عديدة، وفقًا لمفكرين إندونيسيين، عدم وجود نهج فكري وسياسي موحَّد وواضح رغم السنوات الطويلة والتجارب التي مَرَّ بها هذا التيار؛ لذلك شهدت السنوات الأخيرة مزيدًا من الانقسامات بين أتباع التيار الجهادي التي يمكن إيجازها توضيحًا لواقع هذه المجموعات اليوم:
1- المجموعات الرافضة لتنظيم الدولة: حصل خلاف في عام 2008 داخل صفوف “مجلس مجاهدي إندونيسيا” حول قيادته وأسلوب اتخاذ القرارات وقضايا أخرى؛ فخرج أبوبكر باعشير وبعض أعضاء المجلس وأسَّسوا “جماعة أنصار التوحيد”، لكن اعتقال أبي بكر باعشير ومحاكمته للمرة الرابعة خلال ثلاثة عقود عام 2011(10) مهَّد لانشقاقات أخرى، لاسيما بعد ظهور “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”؛ حيث نُقل عن باعشير مبايعته مع عدد قليل من أتباعه من داخل السجن لتنظيم الدولة الإسلامية، وإن وُصفت بأنها إعلان تعاطف وتأييد لا أكثر. وبعد ذلك بأيام خرج الذين رفضوا مبايعة تنظيم الدولة من “جماعة أنصار التوحيد” وتركوها، وتُقدَّر نسبتهم بـ95% من الأعضاء، وأعلنوا، في 11 أغسطس/آب 2014، تأسيس “جماعة أنصار الشريعة”. ومن اللافت أن اثنين من أبناء باعشير خرجوا لينضموا إلى هذا التشكيل الجديد أيضًا، وحسبما قال “حارث أمير فلاح”، السجين السابق وعضو قيادة جماعة أنصار الشريعة: إن “انقسام التيار الجهادي كان حتميًّا، فعندما أعلن تنظيم الدولة الخلافة رحَّب بذلك بعضنا، لكن الأكثرية منَّا رفضت خلافة أبي بكر البغدادي لوجود أسئلة جوهرية عن منهج اختياره كخليفة والإسراف في محاربته للمسلمين وغيرهم؛ ولهذا خرجنا وأسَّسنا تنظيم أنصار الشريعة”(11).
إذن فنحن أمام انقسام جديد في التيار الجهادي، أبرز عناصره الجهاديون الذين يرفضون تنظيم الدولة ويعتبرون فكره “خارجيًّا”، لاسيما بسبب محاربته تنظيمات جهادية أخرى في الشام. ويؤيد هذا التيار الإندونيسي الجهادي فصائل المعارضة السورية والمقاومة اليمنية ضد الحوثيين، وغالبية عناصره أو أكثرهم ينتمون لتنظيمَي “جماعة أنصار الشريعة” و”مجلس مجاهدي إندونيسيا”، وكلاهما معلن ومعروف لدى السلطات ولا تُتَّخذ إزاءهما أي إجراءات كتنظيم أو مؤسسة، لكن بعض أعضاء هذين التنظيمين تعرَّضوا للسجن بسبب التحاقهم ببعض الأنشطة الجهادية داخليًّا أو خارجيًّا أو بسبب إدانتهم لعلاقتهم بمن تورطوا بتفجيرات أو هجمات داخليًّا، وهي معادلة قد تبدو غريبة وتنطوي على تفسيرات أمنية عديدة، لكن قد يتغير موقف الحكومة من هذين التنظيمين لو ضُمِّن في تعديل قانون الإرهاب مادة تُسهِّل على الحكومة تجريم أو حظر جمعيات أو مجموعات توَرَّط بعض أفرادها في أعمال مسلحة أو في تفجيرات وإن كانت مسجلة قانونًا. أمَّا اليوم وإلى اللحظة فهذه منظمات تعمل بالعَلَن دعويًّا وتعبويًّا وتعليميًّا، بينما قد يشارك أفرادها بالقتال في بعض الأماكن التي للجماعات الجهادية فيها جبهات مفتوحة كما هي الحال في سوريا.
2- المجموعات المؤيدة لتنظيم الدولة: لاقت هذه الفئة اهتمامًا إعلاميًّا واسعًا محليًّا ودوليًّا رغم قلَّة عدد أعضائها نسبة إلى مجموع التيار الجهادي أو الإسلامي عمومًا. وكان من اللافت أن يحكم القضاء الإندونيسي، في التاسع من فبراير/شباط الماضي 2016، بالسجن لفترات متفاوتة على سبعة إندونيسيين لتأييدهم تنظيم الدولة أو دعمهم له أو لمجرد ذهابهم إلى سوريا(12)، وتتحدث الشرطة الإندونيسية عن قائمة طويلة من الخلايا والمجموعات المؤيِّدة لتنظيم الدولة أو التي تحمل فكره أو التي اتجه أعضاؤها إلى سوريا فعلًا، ويصعب تأكيد وجودها كلها اليوم وعدد مَنْ بقي منها(13)، لكن ما يمكن تأكيده وجود مجموعتين رئيستين:
الأولى: مَنْ ذهب من الشباب الإندونيسي إلى سوريا: وهم موجودون هناك وظهرت عدَّة تسجيلات لإندونيسيين يتحدثون عن وجودهم في سوريا في مناطق يحكمها تنظيم الدولة(14)، وتختلف تقديرات عددهم ما بين مائة وألف، لكن بالطبع ليس كل إندونيسي يتجه إلى سوريا ينضم لتنظيم الدولة فهناك من انضم لجبهة النُّصرة، وهناك غيرهم ممن اتجه إلى العمل الخيري ويسهم في جمع التبرعات وتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين، إضافة إلى القليل ممن انضم لكتائب سوريَّة أخرى معارضة ولا معلومات دقيقة حول أعدادهم.
الثانية: المتواجدون في إندونيسيا: أهمهم “حركة المجاهدين في شرق إندونيسيا”(15)، بقيادة أبي وردة سانتوسو، وما زال مئات من الجيش والشرطة يشنُّون عملية عسكرية ضدهم في غابات بوسو، ولعلها العملية العسكرية الوحيدة القائمة فعلًا ضد مسلحين في إندونيسيا اليوم، وكانت قد دخلت مرحلة جديدة، في 24 يناير/كانون الثاني 2016، بحشود عسكرية جديدة، بغية ملاحقة نحو خمسين شخصًا من مجموعة سانتوسو الذين أعلنوا مبايعتهم لتنظيم الدولة الإسلامية في يونيو/حزيران من عام 2014(16).
وبالعودة إلى هجمات جاكرتا، فقد تزايد الحديث في أعقابها في الأوساط الأمنية والتشريعية والإسلامية حول تقدير ما وصل إليه فكر هؤلاء الشباب، وتشير تحقيقات الشرطة(17) -رغم تحفظ كثيرين من التيار الجهادي والصحفيين المستقلين على روايتها- وما تحدَّث به سجناء سابقون من التيار الجهادي كان قد أُطلق سراحهم(18)، تشير بمجموعها إلى عدد من النقاط:
وجود تأييد من شباب إندونيسي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام رغم عدم ذهاب بعضهم إلى سوريا أو العراق ومنهم أمان عبد الرحمن السجين حاليًا بتهم تتعلق بالإرهاب(19)، ورغم سجنه فإنه ظلَّ يتصل ببعض الأفراد من خلال زياراتهم له وعبْر بَثِّ خطبه المتوفرة في بعض المواقع على الإنترنت(20)، ويُرَجَّح أن المهاجمين الأربعة الذين قُتلوا في هجمات جاكرتا الأخيرة ممن تأثَّروا بفكره، ويميل بعض الجهاديين إلى أن أمان عبد الرحمن، حسبما يُروى عنه، يحمل فكرًا “تكفيريًّا” تجاوز الفكر الجهادي السائد في إندونيسيا، فهدف الهجمات لم يعد المصالح الغربية بل الأجهزة الأمنية للدولة نفسها، ولهذا فإن جهاديين آخرين يعتبرون أمان عبد الرحمن خارجي الفكر ويرفضون طروحاته.
ومن أبرز علامات هذا الفكر التمرُّدُ على الحكومة والسعي لتحريك ثورة مسلحة ضدها ورفض النظام القائم برمته، بما في ذلك المبادئ الخمسة(21) التي تُعد أيديولوجية الدولة التأسيسية، ولهذا دعا أمان عبد الرحمن الأحزاب الإسلامية إلى عدم المشاركة في النظام الديمقراطي محذِّرًا إياهم من تكرار ما تعرضت له حركة الإخوان المسلمين في مصر والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، ولهذا اختلف حتى مع زملاء له في دراسته وتدريسه في معاهد شرعية من التيار السلفي.
والجدير بالذكر أن أمان عبد الرحمن قد حصل على قدر وافر من العلوم الشرعية لكنه لم يُعرف عنه التوجه إلى أيٍّ من جبهات القتال في العالم العربي والإسلامي؛ ما طرح تساؤلات حول كيفية تأثره بفكر يتعارض مع الجهاديين الآخرين في إندونيسيا، ومنهم أولئك الذين راجعوا تصوراتهم وأعلنوا رفضهم للتورط في عمليات داخل إندونيسيا باعتبارها أرض دعوة وليست أرض قتال في نظرهم، وأن للجهاد أحواله وشروطه كما يحدث اليوم في فلسطين وسوريا واليمن حسبما وصلت إليه قناعاتهم.
وبعيدًا عن هذه الملاحظات، هناك من التيار الجهادي الإندونيسي من يشكِّك في حقيقة هجمات جاكرتا الأخيرة وحتى في ما سبقها من هجمات أخرى، من أولئك عرفان أواز، رئيس مجلس مجاهدي إندونيسيا، الذي وصف ما حصل بـ”المسرحية المدبَّرة” من خلال سيناريو يُدفع فيه بعض الشباب إلى القيام بعمل مسلح أو تفجيرات من قِبل جهات أمنية لتحقيق أهداف سياسية محلية ودولية بحسب قوله(22). وذهب إلى مثل ذلك عمر عبده، وهو سجين سابق يُقدَّم إعلاميًّا على أنه خبير أمني، ويقول بأن التفجيرات تسوِّغ للجهات الأمنية والقانونية استهداف شريحة عريضة من التيار الجهادي والناشطين الإسلاميين، بما يؤدي إلى تشويه العمل الإسلامي بصورة عامة وبفعل أخطاء بعضهم وتورطهم في تفجيرات يُقتَل فيها أبرياء.
عوامل ومحددات مستقبل التيار الجهادي الإندونيسي
يُرجَّح أن يظل التيار الجهادي في إندونيسيا حاضرًا وبمختلف مدارسه، وقد تتكرر هجمات وتحدث تفجيرات، ويلعب عدد من العوامل المؤثِّرة دورًا في وقوع ذلك وفي تحديد مستقبل الجهاديين الإندونيسيين:
1- توجهات الدولة الأيديولوجية: ظهر التيار الجهادي في الأربعينات من القرن الماضي ردًّا على توجهات التيار القومي وعلى سياسات الدولة واستمر على موقفه هذا لعقود، وسيظل هذا العامل محددًا لتوجهاته في المستقبل، خاصة من حيث قُرب أو بُعد الدولة عمَّا تطالب به الحركات الإسلامية عمومًا، وكذلك من حيث ردَّة فعل الحكومة بعد أية هجمات. وأصبح من الواضح أنه ما إن تحدث تفجيرات حتى تسارع الحكومة إلى الحديث عن تعديل القوانين الأمنية لتكون أكثر قدرة على النيْل من المشتبه بهم دون قيود، ولطالما اتُّهم بعض المؤسسات والمعاهد الإسلامية(23) بأنه يُخرج شبابًا يحمل “فكرًا متطرفًا”، ولكن للمفارقة أن مسؤولين في وزارة الشؤون الدينية نفَوا ذلك تمامًا(24)، وأن لا أحد من هذه المؤسسات والمعاهد له أي صلة بالتفجيرات، كما تستعين الحكومة عادة في خطابها الرسمي بجمعية نهضة العلماء التي صارت بقيادتها الحالية تقود “الخطاب الديني الرسمي” في مواجهة التيار الجهادي(25)، بل وتقف ضد تيارات محافظة أو سلفية. وتبدو مقاربة الحكومة هذه بعيدة عن واقع الخطاب الوعظي في إندونيسيا، لاسيما وأن السياسات الأمنية قد تجرُّ البلاد إلى اعتقالات تعسفية وستثير غضب فئات مختلفة من التيار الإسلامي(26).
2- ارتدادات السياسات الأمنية: السياسات الأمنية قد تنجح في القضاء على كثير من خلايا الجهاديين لكنها ستزيد من غضبهم، فهم يرون أن أن قوة الـ88 لمكافحة الإرهاب لا تواجه بالجدية نفسها الانفصاليين من منظمة بابوا المستقلة ذات الصبغة المسيحية، ويدور جدل سياسي إعلامي حول ما يجب تعديله من القوانين، فالتعديلات والإضافات إن تمت فإنها في نظر حقوقيين قد تفتح المجال أمام انتهاكات لحقوق الإنسان، وهنا يطرح حقوقيون تساؤلات حول قدرة هذه التعديلات على ردع أية محاولات لحمل السلاح أو تدبير تفجيرات أم أنها سترسخ موقف “التمرد على الدولة” بين فئة من الجهاديين أو غيرهم(27).
3- الاختراقات: يشير بيان الجبهة الدفاعية الإسلامي(28) إلى إمكانية تورط “عناصر مخابرات أجنبية” وراء تدبير تفجيرات جاكرتا، وهو ما ذهب إليه عمر عبده، سابق الذكر، ويتفق معه غيره من نفس التوجه في أن عناصر أمنية متورطة في الهجمات وأنها أفسحت المجال أمام بعض الجهاديين لينفذوا خططهم دون تدخل من قبل السلطات للحؤول دون وقوعها، وبحسب تعبيره: “قد نسمِّي هذا بالمسرحية، لاسيما إن عرفنا أن من نفَّذ هجوم جاكرتا الأخير يأتمرون بأمر شخص داخل السجن وهو “أمان عبد الرحمن” الذي كان رغم سجنه يتواصل عبر النت وينشر خطبه وفكره، ولو كان المدبِّر تنظيم الدولة الإسلامية بكل قوته فلابد أن عدد الضحايا سيكون أكثر والهدف أوضح” حسب تحليله(29).
وترى قيادات من التيار الجهادي أنَّ تجدُّد التفجيرات أو الهجمات -التي لا تحقق أي نجاح للتيار الإسلامي عمومًا- مرتبطة باختراقات أو تسهيلات أو استدراج أمني يراد من ورائه استغلال تلك الأحداث لأهداف مختلفة، أولها ما يتعلق بإضعاف مجموعات من الناشطين الإسلاميين أو الجهاديين عمومًا بفعل تورط بعضهم في أعمال تفجيرات أو هجمات، لا تحقق نفعًا للأغلبية المسلمة في إندونيسيا، فتؤخذ الأغلبية بجريرة أقلية تحركت منفردة، في مقابل تقوية شوكة أطراف سياسية أخرى تجد في هذا الملف وسيلة سهلة لتحسين وضعها رسميًّا ومجتمعيًّا.
4- نفوذ الأقليات الدينية: لهذا البُعد أكثر من وجه؛ ففي عقدي السبعينات والثمانينات كان نفوذ الأقلية المسيحية متمثلًا بأنشطة تنصير يثير غضب تيارات إسلامية، والوجه الثاني ما حصل بعد عام 1998 من صراعات بين مسلمين ومسيحيين في شرقي وشمال إندونيسيا، وهذا الأمر قد يتجدَّد في أقصى شرق إندونيسيا في ظل مخاوف من تحركات انفصاليين ارتبطت شخصياتهم بكنائس محلية وجهات خارجية. أمَّا العنصر الثالث الجديد الآخذ بالبروز في الساحة السياسية خلال السنوات القليلة الماضية، فهو صعود أسماء ساسة في الحكومة المركزية والإدارات المحلية، مسيحيين أو من ذوي الأصول الصينية (مسيحيين وبوذيين)، متجاوزين بذلك نفوذهم الاقتصادي المعهود؛ حيث ظلَّت القومية الصينية معروفة بسيطرتها على مفاصل تجارية ومالية مهمة في البلاد، لكن شخصيات بارزة منها بدأت تنشط في عالم السياسة أيضا تمويلًا وممارسةً، ورغم أن القانون يحفظ لكل المواطنين على اختلاف أعراقهم وأديانهم حق المشاركة السياسية ولا اعتراض من قبل أحد على ذلك ويجري هذا على كل القوميات وأتباع الديانات. لكن توسع نفوذ غير المسلمين سياسيًّا يثير حفيظة بعض القوميين والإسلاميين، وما لم تشهد السنوات القادمة صعودًا لشخصيات سياسية جديدة من أي تيارات وطنية وقومية وإسلامية تخطف النجومية في المسرح السياسي فإن هذا سيزيد من مخاوف الإسلاميين المحافظين والقوميين بل وعامة المواطنين ممن يجدون أنفسهم أكثر ضعفًا سياسيًّا وأقل ملكية للأراضي والمصالح التجارية، وبعض كُتَّاب التيار الجهادي بدأوا يحذِّرون من هذه العواقب، وإن تجدَّد أي توتر فإن ظهور الجهاديين مجددًا أمر متوقع لاسيما إن رأت فيهم أطراف معينة سلاحًا فعَّالًا لحسم الموقف.
5- التفاعل مع القضايا العربية والإسلامية: ستظل القضايا العربية والإسلامية حول العالم ملهمًا ومحركًا بل ومحددًا مهمًّا لتوجهات التيارات الجهادية في إندونيسيا، كما تأثَّرت بأدبيات القتال في أفغانستان والقضية الفلسطينية والكشميرية والموروية في الفلبين، وأخيرًا الثورة السورية واليمنية. وما ستفرزه نتائج “ثورات الربيع العربي” والصراعات القائمة بأبعادها الطائفية والإقليمية لاشك أنها ستؤثر على وجهة التيار الجهادي مستقبلًا، بما في ذلك مآلات مشاركة الإندونيسيين اليوم في القتال إلى جانب تنظيم الدولة في سوريا، مقابل رفض آخرين لتنظيم الدولة وتأييدهم للواء المعارضة السورية المسلحة(30).
6- تحسُّن أو تدهور أداء الأحزاب الإسلامية: خلافًا لمشاركة الإسلاميين في الحكومة السابقة خلال عشرية الرئيس الأسبق سوسيلو بامبانغ يودويونو (2004-2014)، فإن من الواضح أن تأثير الإسلاميين في صنع القرار السياسي قد تراجع خلال حكم الرئيس الحالي، جوكو ويدودو منذ أواخر عام 2014، وبسبب ضعف أداء أغلبية قادة الأحزاب الإسلامية فإنها تلقى نقدًا من قبل تيارات إسلامية تمثِّلها منظمات وجمعيات ومؤسسات مدنية وتعليمية تنشط خارج تلك الأحزاب، وهي تيارات محافظة جديدة آخذة في الصعود وجذب الأتباع، ومن بين هؤلاء التيار الجهادي، وما لم تتقدم أسماء وقوى سياسية إسلامية جديدة خلال العقد المقبل، فإن تراجع مستوى ونفوذ الإسلاميين في النظام السياسي القائم سيعمِّق من حالة الإحباط لدى شرائح من إسلاميي إندونيسيا وربما يعزِّز الموقف الرافض للنظام القائم والدولة.
7- أسلمة أو علمنة التشريعات والقوانين: لم يُرِدِ الإسلاميون فرض تشريعات قد تثير غضب غير المسلمين، لكن القيم الأخلاقية ورُوح مقاصد الشريعة الإسلامية حاضرة في القوانين ذات البُعد الاجتماعي والاقتصادي، غير أن هذا المشهد قد لا يُرضي جهاديين ممن يرون أن ما تم من أسلمة في التشريعات والسياسات غير كاف، لاسيما في ظل توجهات حكومة الرئيس جوكو ويدودو حيث هي المشاركة الإسلامية الأضعف منذ التحول الديمقراطي عام 1998، فالأجواء تبدو أكثر علمانية وميلًا في السياسات إلى التنين الصيني من ذي قبل، لهذا ستظل قضية تطبيق الشريعة والأسلمة حاضرة وعنصرًا مؤثرًا ومحركًا للتيار الجهادي مستقبلًا(31)، فالسبب الأول وراء ظهور تيار الدولة الإسلامية التاريخي حسب خطابه هو حرمان الشعب الإندونيسي المسلم من حقه في تطبيق الشريعة الإسلامية التي يؤمن بها غالبية الشعب بعد كفاح ضد الاستعمار، ثم سيطرة التيار القومي العلماني.
8- ظهور المذهبية واحتمالات المواجهة: من أكثر نقاط الجدل سخونة -في مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات بين مختلف التيارات الإسلامية في إندونيسيا- موضوع الصراع في سوريا واليمن والعراق، الذي ولَّد استقطابًا سياسيًّا ومذهبيًّا حادًّا بين الشباب الإندونيسي المهتم بالشأن الديني والعربي، يأتي هذا بعد ظهور حركة تشيع خلال العقود الثلاثة الماضية في إندونيسيا، وبسبب عدم اتضاح أية سياسة أو تصور جلي للدولة تجاه ذلك؛ فإن الأمر قد يصبح سببًا لمواجهة في قادم السنوات لاسيما إذا لم تبادر الحكومة بسياسة عاجلة تحفظ بها الحقوق والوئام الاجتماعي، ولأن هذا الأمر ليس من أولويات الوزراء المعنيين بالشؤون الدينية والقانونية اليوم(32)، فإن إندونيسيا قد بدأت تشهد تحركًا شعبيًّا في بعض المحافظات لمواجهة المدِّ الإيراني في بلادهم دون انتظار أي موقف رسمي من الحكومة. وإن استمر كل ذلك، في نظر متابعين للمشهد، فإنه قد يستدرج شبابًا من التيار الجهادي أو التيارات الأخرى لمواجهة هذا الطارئ الجديد على الساحة الإندونيسية، وربما يكون من مصلحة بعض الأطراف أن تشتعل مواجهة بين الجانبين لإضعاف الأغلبية المسلمة سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.
ختامًا، فإن ما كان يُعرف في الساحة الإندونيسية باسم تيار “حركة دار الإسلام” قلَّة من حيث العدد، وهو حال الوجه الجديد لهذا التوجه الذي صار بعض أتباعه يرفعون راية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فهم إن بلغوا في بعض أوقات نشاطهم بضعة آلاف فهو نادر وفي الغالب ينخفض عددهم عبر تاريخهم الذي امتد طوال أكثر من نصف قرن إلى مئات فقط، بينما الحركات الإسلامية الرئيسية في البلاد تبلغ الملايين.
لكن مستقبل التيار الجهادي وتفاوت حضوره بين القوة والضعف سيعتمد على عدد من العوامل التي من أبرزها على الصعيد الخارجي: التأثيرات العربية والإسلامية العابرة للحدود من قضايا أو جماعات جهادية، وعلى الصعيد الداخلي أداء الأحزاب الإسلامية تقدمًا أو تراجعًا، والسياسات الأمنية وأساليب التعامل مع الناشطين الإسلاميين، وصعود الدعوات المسيحية الانفصالية والاختراق المذهبي الإيراني، كل تلك العوامل والمؤثِّرات منفردة أو مجتمعة قد تدفع بالتيار الجهادي ومقولاته إلى صدارة المشهد الإندونيسي.
______________________________________
صهيب جاسم – باحث وإعلامي متخصص في شؤون جنوب شرق آسيا
مراجع
1- انظر الجزيرة نت: إندونيسيا تتعرف على منفِّذي هجمات جاكرتا، 15 يناير/كانون الثاني 2016.
http://www.aljazeera.net/news/international/2016/1/15/%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86%D9%81%D9%91%D8%B0%D9%8A-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%AA%D8%A7
2- صحيفة الإنكوايرير الفلبينية، 8 مارس/آذار 2016.
3- كان كارتوسوويرجو ناشطًا وطنيًّا معروفًا بين مسلمي جزر أرخبيل الهند الشرقية، شارك في حشد تنظيم متطوعي حزب الله الذي كان ذراعًا لمجلس شورى مسلمي إندونيسيا (ماشومي اختصارًا) خلال الاحتلال الياباني، ثم ساعد على تحويل ماشومي إلى حزب سياسي إسلامي بعد نهاية الحرب، لكنه شخصيًّا، ومع بعض أعوانه، لم يتوافق مع آراء قيادات ماشومي الإسلامية الأخرى فيما يخص مناوراتهم السياسية قبيل الاستقلال. وفي عام 1947 بدأ تجميع أعضاء لما سيكون تيارًا يُعرف باسمه في جاوا الوسطى، وفي يناير/كانون الثاني 1948، أعلن كارتوسوويرجو الجيش الإسلامي الإندونيسي (تي إي إي)، وفي ذلك الوقت لم تكن الجمهورية الإندونيسية المعلَنة حديثًا عدوَّه بل كان الهولنديون أعداءه ولم يكن حينها قد أعلن تأسيس دولة مستقلة، مع أن بعض المصادر التاريخية تقول بأنه سعى لإعلان “دولة إندونيسيا الإسلامية” في عام 1945 لكنه أُقنع من قِبل بعض القيادات البارزة في البلاد آنذاك بضرورة توحيد الصف والعمل مع العلمانيين من التيار القومي بزعامة أحمد سوكارنو حتى يُطرَد المستعمرون. من هنا، يمكن القول: إن جذور هذا التيار الجهادي تعود إلى مواجهة المستعمر الهولندي، وبعد أن بدأ كارتوسوويرجو تقوية جذوره وتدعيم هيكلة تنظيمه السياسي والإداري في منطقة جاوا الوسطى المهمة كان الصدام مع الحكومة القومية الإندونيسية الجديدة أمرًا لا مفرَّ منه.
4- الجدير بالذكر، أنه بعد أن انهزمت ثورات حركات دار الإسلام في الأقاليم الإندونيسية في منتصف عقد الستينات، اختفت القيادات المعروفة ووجوه هذا التيار عن الأنظار فبعضهم قُتل وآخرون استسلموا للحكومة وفريق ثالث مُنح عفوًا من قِبل الدولة لإنهاء عوامل بقاء هذا التيار، وفريق رابع اختفى عن أنظار الدولة، كما خرج آخرون إلى دول أخرى كماليزيا وغيرها .
5- ظهر هذا الاسم على أنه لجماعة جهادية منذ السبعينات، ومعظم المصادر يتحدث عن تورط أحد وزراء حكومة سوهارتو في التخطيط لجمع من يحملون فكرًا جهاديًّا أو المتأثرين بأفكار حركة دار الإسلام التاريخية بعد سنوات من القضاء عليها، وأنه استطاع تنظيمهم مرة أخرى ضمن عمل سري جديد آنذاك، وهذا قبل معاودة القضاء على هذا التنظيم بعد أداء مهمته السياسية. حاول خمسة من هذا التنظيم اختطاف طائرة ركاب إندونيسية من جنوبي سومطرة، في 28 مارس/آذار من عام 1981، والتوجه بها إلى بانكوك، وطالبوا بإطلاق سراح نحو عشرين سجينًا سياسيًّا وطرد من قالوا: إنهم مسؤولون إسرائيليون، من إندونيسيا إضافة إلى مطالبتهم بمبالغ مالية، وبعد 4 أيام من التفاوض اقتحمت القوات الخاصة الإندونيسية الطائرة وقتلت المختطِفين ونجا الركاب، في مشهد ما زال يطرح تساؤلات حول حقيقته. ومن الذين تحدثوا عن التأثير الاستخباراتي في بلورة تنظيم كوماندو جهاد “بشرى مقدس” أحد كبار مسؤولي هيئة مكافحة الفساد ورئيس الهيئة القضائية الإندونيسية العليا سابقًا: منى كريسدينار، بشرى مقدس: “الاستخبارات أحيت تنظيم كوماندو جهاد، مجلة تريبيون ناشيونال الإندونيسية، 18 يوليو/تموز 2011.
http://www.tribunnews.com/nasional/2011/07/18/busyro-muqoddas-komando-jihad-dihidupkan-intelijen-2
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
6- كين كونبوي، إنتيل: الاستخبارات الإندونيسية من الداخل، نشر إكوينوكس ببليشينغ، جاكرتا 2004، ص 137-145.
Conboy, Ken, INTEL: inside indonesia’s intelegence service ( Equinox publishing, Jakarta2004), pp 137-145.
7- يمكن العودة إلى لجنة المفقودين وضحايا العنف الإندونيسية، التي أصدرت تقارير موثقة عن بعض الحوادث التي شهدت انتهاكات حقوقية خلال تلك السنوات من حكم سوهارتو. تقول اللجنة عن حادثة تالانغساري في إقليم لامبونغ بجنوبي جزيرة سومطرة -والتي وقعت في فبراير/شباط من عام 1989-: إن تلك الحادثة من المآسي الإنسانية التي وقعت خلال عهد النظام السابق في ظل فرض أيديولوجية واحدة وقمع أي ناشط يحاول تحدي تلك الأيديولوجية الرسمية، وقد هوجمت في تلك الحادثة تلك القرية وحصلت مواجهات بين جماعة وارسيدي -التي وُصِفت بالجهادية أو الرافضة لنظام الدولة آنذاك- والجيش، كانت حصيلتها، حسب اللجنة الحقوقية، 5 مخطوفين، و27 قتيلًا من تلك الجماعة، و78 مفقودًا، واعتقال 23 شخصًا، وترحيل 24 طفلًا وامرأة، ومحاكمة 25 آخرين. تم إطلاق سراحهم بعد انتهاء حكم سوهارتو عام 1998 مع غيرهم من السجناء السياسيين. أمَّا الحادثة الثانية الشهيرة، فهي التي وقعت في منطقة تانجونغ بريوك وليس ببعيد عن جاكرتا، في 12 سبتمبر/أيلول 1984، وما زالت أسر الضحايا في تلك الحادثة تطالب الرئيس الحالي كما طالبت الذي قبله بالكشف عن ملابسات ما حصل من مقتل 24 شخصًا وإصابة 55 آخرين بجروح خطيرة وفقدان عشرات غيرهم إلى يومنا، حسب أرقام مفوضية حقوق الإنسان الإندونيسية وتقارير لجنة المفقودين وضحايا العنف الإندونيسية. انظر ملخص تقرير لجنة المفقودين وضحايا العنف الإندونيسية (مجموعة من المحققين): حادثة تالانغ ساري في لامبونغ، فبراير/شباط 2006، موقع لجنة المفقودين.
https://www.kontras.org/pers/teks/Kasus%20Talangsari%20Lampung.pdf
مجموعة تقارير صادرة عن لجنة المفقودين وضحايا العنف الإندونيسية، ورابطة أسر ضحايا حادثة تانجونغ بريوك 1984، ثلاثون عاما على حادثة 12 سبتمبر/أيلول 1984: أيها الرئيس جوكوي لا تنسَ الوفاء بوعدك. موقع لجنة المفقودين،
https://www.kontras.org/home/index.php?module=pers&id=1942
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
8- Alanshari, Fauzan, The posonese Tragedy, forum for Muslim struggle and contact, Jakarta, 2007.
9- حسب معلومات الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب. المنشورة في 18 يناير/كانون الثاني 2016.
10- تقرير قناة الجزيرة عن محاكمة أبي بكر باعشير، أمير مجلس مجاهدي إندونيسيا، عام 2004، لصهيب جاسم من جاكرتا.
http://www.aljazeera.net/programs/newsreports/2011/12/12/%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D8%B4%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%B3%D9%8A
محاكمة أبي بكر باعشير الأخيرة والتي ما زال مسجونًا بحكمها حتى الآن عام 2011 في تقرير لقناة الجزيرة، لصهيب جاسم من جاكرتا.
http://www.aljazeera.net/programs/newsreports/2011/12/12/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A3%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D9%83%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D8%B4%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A7
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
11- مقابلة للكاتب مع حارث أمير فلاح، لإعداد تقرير تليفزيوني لقناة الجزيرة يوم 15 يناير/كانون الثاني 2016.
12- أحدهم سُجن لإدارته موقعًا إلكترونيًّا يؤيد تنظيم الدولة ويدعو إلى القتال ضد بشار الأسد، وآخر أُدين لمساعدته إندونيسيين في الذهاب إلى سوريا، وآخر حاول الذهاب إلى سوريا للانضمام للتنظيم، ورابع ذهب فعلًا وانضم للتنظيم ثم عاد، وخامسهم كان يقطع تذاكر السفر لكل من يريد الذهاب إلى سوريا، وسادسهم ذهب إلى سوريا مع قيادي إندونيسي في تنظيم الدولة هو أبو جندل وكان طباخًا في معسكر، وآخرهم كان يجمع التبرعات لإرسال المقاتلين إلى سوريا.
http://www.bbc.com/indonesia/berita_indonesia/2016/02/160209_indonesia_vonis_isis
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
13- حسب رواية الشرطة، فإن التيار الجهادي غير المعلَن ينقسم في إندونيسيا إلى ثلاث مجموعات، هي: الجماعة الإسلامية وتستهدف المصالح الغربية، والتوحيد والجهاد وتكفِّر المخالف معها، وتيار الدولة الإسلامية التاريخي، لكن لا يمكن تحديد عدد مَنْ بقوا في هذه التيارات وليس من دراسة أو تحقيق أو بيانات تؤكد وجودهم متماسكين كتنظيمات، وتتحدث الشرطة أيضًا عن 21 خلية تؤيد أو تتعاطف فكريًّا مع تنظيم الدولة وهي أسماء كثيرة ليس من الممكن التحقق من عدد المنضمين إليها وهل كلها قائمة إلى اليوم أم لا، وأبرزها: حركة المجاهدين في شرق إندونيسيا وهي الأبرز، وحركة المجاهدين في غرب إندونيسيا، ومحور بانتن، وجماعة أنصار التوحيد التي لا يُعرَف كم بقي من أعضائها بعد انشقاقها، وجماعة أنصار الدولة، وعسكر دين الله، وحركة التوحيد في لامونغان، وأنصار الخلافة في جاوا الشرقية، والإخوان الموحدون في جزيرة الملوك، وخلافة المسلمين وغيرها.
https://beritagar.id/artikel/berita/15-organisasi-pendukung-isis-versi-polri
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
14- من هذه الفيديوهات التي انتشرت :
https://www.youtube.com/watch?v=B9ZUg3sha4A
https://www.youtube.com/watch?v=tlUliMSNwSI
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
15- من الفيديوهات المنسوبة لحركة المجاهدين في شرق إندونيسيا التي تحاربها الدولة حتى لحظة كتابة هذه السطور، انظر على سبيل المثال:
الإصدار المرئي “بيان عن العملية الاستشهادية في مدينة بوسو”، حركة المجاهدين في شرق إندونيسيا.
https://www.youtube.com/watch?v=JR4CVYMrQGg
وآخر تحت عنوان “صوت الجهاد” وصادر عن نفس المجموعة:
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
16- وفقًا لما نُشر من معلومات فإن سانتوسو بدأ حياته مقاتلًا مع المسلمين الذين احتشدوا من مختلف مناطق إندونيسيا عام 1998 وما بعدها لمواجهة المسيحيين في منطقة بوسو بجزيرة سولاويزي، ثم سُجن عام 2003 بتهمة حيازة سلاح، وبعد إطلاقه عاد ليشارك مع جهاديين آخرين في إنشاء معسكر تدريب في غابات بوسو ما بين عامي 2009 و2013؛ حيث تخرجت 9 دفعات منهم، ثم أعلن عن حركة المجاهدين في شرق إندونيسيا في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2012، في خطوة تعتبر تحديًا للحكومة وللقوة 88 لمكافحة الإرهاب. اعتُقل 17 شخصًا من مجموعة سانتوسو العام الماضي، 2015، كما قُتل نحو 10 خلال عام ونيف، ويتهم سانتوسو القوة 88 في هذا السياق بأنها أداة بيد أستراليا وأميركا، ويتحدث عمَّا يصفه بالظلم الذي يتعرض له المسلمون في تلك المناطق من قبل الأجهزة الأمنية.
لمعرفة المزيد انظر مجلة تمبو الإندونيسية: مجموعة من الصحفيين، بائع السكاكين في الجبل الأزرق، مجلة تمبو الإندونيسية، 14 فبراير/شباط 2016، الصفحات 28-34
Bekas penjual Parang di Gunung Biru, Tempo Magazine, 14 February2016, PP 28-34.
17- قال قائد الشرطة الإندونيسية، بدر الدين هايتي: إن هناك ثلاث خلايا إرهابية في جاكرتا، جاء هذا في حديثه للصحفيين يوم 15 فبراير/شباط 2015 بعد إلقاء القبض على 33 شخصًا يشتبه في أنهم على علاقة بتفجيرات جاكرتا الشهر الماضي. وقال: إن بعضهم حصل على تمويل من دول عربية، وإن لهم ارتباطات بسجناء بتهم الإرهاب، ولكل خلية أو مجموعة أهدافها وطرقها. فبعضهم، حسب قوله، كان يسعى لتفجيرات انتحارية بينما كان يخطِّط غيرهم لهجمات مسلحة ضد الشرطة. وحذَّر الوزير المنسق للشؤون السياسية والأمنية والقانونية لوهوت بانجايتان من تكرار الهجمات منوهًا لأن موازنة القوة 88 لمكافحة الإرهاب قد زِيدت وستخصص الحكومة هذا العام نحو 150 مليون دولار أميركي لتعزيز قوة هذه الوحدة من الشرطة.
انظر صحيفة ريبوبليكا الإندونيسية، 16 فبراير/شباط 2016.
18- مجموعة من الصحفيين والمحررين، أموال المدبر من وراء القضبان، مجلة تمبو الأسبوعية الإندونيسية، 7 فبراير/شباط 2016، الصفحات 28-37.
Group of Editors, Duet Pengendali Dari Balik Jeruji, Tempo Magazine, 7th February 2016, pp 28-37.
19- حُكم على أمان عبد الرحمن عام 2004 بالسجن سبع سنين بتهمة السعي لتدبير تفجير، وقيل حينها: إن العبوة الناسفة التي كان يعدها أتباعه انفجرت في منزلهم، ثم أُطلق سراحه، ليُلقَى القبض عليه ثانية ويُحكم عليه بالسجن تسع سنين بتهمة المشاركة في إعداد معسكر لمقاتلين في أحد جبال آتشيه عام 2010. أعلن أمان عبد الرحمن من سجنه في منتصف عام 2014 عن بيعته لتنظيم الدولة، وتقول الشرطة: إن جماعته هي “أنصار الدولة” في إندونيسيا. ومن المتأثِّرين بفكره سانتوسو، وبحروم شاه الذي ظهر في أكثر من تسجيل فيما يبدو أنه معسكر لتنظيم الدولة في سوريا، وكذلك أبو جندل أو سليم مبارك التميمي، وبحر النعيم الذي اتهمته الشرطة بلعب دور في تفجيرات جاكرتا الأخيرة، رغم عدم وضوح كيفية تورطه وهو في سوريا حاليًا حسب معلومات أمنية. صحيفة جاكرتا بوست، 25 يناير/كانون الثاني 2016.
20- تساءل حارث أمير فلاح السجين السابق وعضو قيادة جماعة أنصار الشريعة التي ترفض البيعة لتنظيم الدولة، عن سبب السماح لأمان عبد الرحمن بالتواصل الإلكتروني وبمقابلة متعاطفين معه يأتون لزيارته في السجن، في لقاء مع مجلة غاترا الأسبوعية الإندونيسية:
مجموعة من المحررين، عملية الفكر التكفيري المتطرف، مجلة غاترا الأسبوعية الإندونيسية، الصفحات 91-101
Group of Editiors,Operasi Doktrin Takfir Ekstream, Gatra magazine, pp 91-101.
21- المبادئ الخمسة المثبتة في دستور البلاد لعام 1945 هي التي تجعل من إندونيسيا في نظر أغلبية نخبتها المثقفة أو السياسية دولة موحدة وهي غير علمانية ولا إسلامية، وهي بإيجاز: الإيمان بالله وحده أو بإله واحد، الإنسانية العادلة والمتحضرة، وحدة إندونيسيا، قيادة البلاد بحكمة وعلى أساس التشاور وتمثيل صوت الشعب، وأخيرًا العدالة الاجتماعية لكل الإندونيسيين.
22- وصف عرفان أواز، رئيس مجلس مجاهدي إندونيسيا، الحادثة بالمسرحية التي احتاجت الشرطة لأربع ساعات لإنهائها، وقال: “إذا كان أحد المنفِّذين قد أُطلق سراحه قبل شهرين من تهمة تتعلق بالإرهاب، فكيف يمكنه التخطيط لعملية وتنفيذها بهذه السهولة إذا لم يُوجَّه إلى ذلك؟!”، وذهب إلى أن “القوة 88 تراقب الحسابات الإلكترونية ووسائل التواصل بحثًا عمَّن يحمل فكرًا جهاديًّا ويسعى للشهادة في سبيل تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة، وبعد أن يتم التعرف على الشخص المستهدف يتواصل معه مخبر على أنه راديكالي أو متعاطف مع الدولة الإسلامية، ويعمل على إعداد المستهدَف جسمانيًّا وربما عسكريًّا أو يُسلَّح مباشرة، بل ويُعطَى أحيانا مسكنًا مؤجَّرًا متواضعًا يسهل اقتحامه، ولن يطول الوقت حتى يتم توفير مواد متفجرة له ويُحرَّض على كراهية القوة 88 لمكافحة الإرهاب ونظام الدولة، وعندما تحين ساعة الصفر ويكون الوقت مناسبًا يتم اقتحام ذلك المنزل ويُبثُّ ذلك على الهواء مباشرة في القنوات التلفازية، وقد لا يدرك المستهدَفون أنهم ضحية أجندة سياسية أجنبية”. ( بتصرف عن مقاله المنشور إلكترونيًّا): أواز، عرفان، الراديكالية الإرهابية في مقابل مواجهة الراديكالية الأمنية، يناير/كانون الثاني 2016:
http://www.majelismujahidin.com/2016/01/deradikalisasi-terorisme-versus-radikalisasi-intel/
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
23- حسب تصريحات لمسؤولي الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب فإنها تتهم 19 معهدًا دينيًّا بالفكر المتشدد، (صحيفة كومباس 2 فبراير/شباط 2016)، وقد دعا فريق من المحامين أصحاب المعاهد الدينية إلى مقاضاة هيئة مكافحة الإرهاب في المحاكم ردًّا على تلك الاتهامات، وطالب محامون عن التيار الجهادي مجلس العلماء الإندونيسي بوضع معايير واضحة تُعرِّف الفكر المتشدد وما يمكن وصفه بالراديكالي من المؤسسات الدينية لا أن يكون ذلك مجرد قرار أمني، صحيفة ريبوبليكا 7 فبراير/شباط 2016.
24- مثل تصريح لمدير شؤون التعليم الديني والمعاهد بوزارة الشؤون الدينية؛ حيث نفى أن تكون هناك معاهد تحرض على العنف والإرهاب ومعاداة الدولة، ، صحيفة ريبوبليكا 6 فبراير/شباط 2016.
25- حسب بيان لسكرتارية الحكومة الإندونيسية، بتاريخ 5 فبراير/شباط 2016، فقد طلب الرئيس جوكو ويدودو من رئيس نهضة العلماء، سيد عقيل سراج، أن يسهم الخطباء من جمهور جمعية نهضة العلماء في مواجهة الإرهاب والتطرف، إضافة إلى فتح المجال لهم في وسائل الإعلام الحكومية.
26- مثالًا على ذلك احتجاج مئات من شباب التيار الإسلامي في مدينة صولو بجاوا الوسطى، يوم 15 مارس/آذار 2016، ضدَّ ما أسموه انتهاكات ترتكبها القوة 88 لمكافحة الإرهاب مطالِبين بحلِّ هذه القوة الأمنية:
مجموعة من المحررين، مطالبات بحل القوة 88 لمكافحة الإرهاب، موقع تشيندانا نيوز الإخباري، 16 مارس/آذار 2016،
http://www.cendananews.com/2016/03/tuntut-pembubaran-densus-88-gema.html
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
كما طالب أحد قياديي جمعية المحمدية الإسلامية، وهي ثاني كبرى الجمعيات الإسلامية مؤسساتيًّا في البلاد، طالب الحكومة بأن تقوم بمراجعة وتقييم أداء القوة 88 لمكافحة الإرهاب، للتأكيد على عدم تكرار ما وقع من وفاة للمتهمين خلال التحقيق أو عملية المداهمة لمنازلهم، منوهًا إلى ضرورة القبض على المتهمين أو المشتبه في تورطهم في أعمال إرهابية والإمساك بهم أحياء للتحقيق معهم بدلًا من قتلهم، موقع حكم أون لاين القانوني الإندونيسي، 18 مارس/آذار 2016.
http://www.hukumonline.com/berita/baca/lt56ec28e91e6e0/muhammadiyah–densus-88-harus-dievaluasi
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
27- المداولات في البرلمان الإندونيسي بدأت بهذا الخصوص، ووسائل الإعلام تناولت بشكل مفصل خلال الأسابيع الماضية المواد التي يُراد تعديلها وإضافتها في قانون الإرهاب رقم 15 لعام 2003 والقانون رقم 9 لعام 2013،
نسخة القانون من أرشيف موقع حكم أونلاين الإندونيسي المتخصص في الشؤون القانونية:
http://www.hukumonline.com/pusatdata/detail/13284/nprt/538/uu-no-15-tahun-2003-penetapan-peraturan-pemerintah-pengganti-undang-undang-nomor-1-tahun-2002-tentang-pemberantasan-tindak-pidana-terorisme,-menjadi-undang-undang
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
ومما هو مقترح تعديله: تجريم منظمات بعينها ترتبط بمنظمات مسلحة داخل وخارج إندونيسيا، وتجريم التدريب وتمويل أعمال إرهابية، وتوسعة تعريف خيانة الوطن، وتمديد فترة الاحتجاز الاحتياطي أو الأوَّلي قبل الإدانة القضائية، وتجريم التحريض كتابة أو تسجيلًا عبر الإنترنت. كما سيوسَّع تعريف التورط في أعمال إرهابية ليشمل اجتماع أفراد يُشتَبَه في أنهم كانوا يخططون لعمل إرهابي، وقد تناولت معظم صحف إندونيسيا خلال الأسابيع القليلة الماضية تصريحات لبرلمانيين وشخصيات دينية وسياسية دعوا إلى التأني في أمر تعديل قانون الإرهاب، ودراسة كل ما يتعلق به بصورة شاملة، وعدم التعجل في تعديل القانون حتى لا يكون سببًا في وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان، صحيفة ريبوبليكا، 19 يناير/كانون الثاني 2016.
28- البيان صادر في يوم الانفجار، بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2016، موقَّعًا من قِبل أحمد صبري لوبيس، رئيس الجبهة، وهي جماعة ضغط سنِّيَّة آخذة بالصعود في الساحة السياسية.
29- في ندوة نُظِّمت في جاكرتا حول “تساؤلات وقضايا بشأن تفجيرات سارينا والتعامل معها”، يوم 19 يناير/كانون الثاني 2016.
30- تشارك منظمات كثيرة من مختلف التيارات الإسلامية في حملات جمع التبرعات لسوريا، لكنها تبدو متواضعة في كثير من المحافظات لاسيما في ظل عدم اتضاح الرؤية بالنسبة للكثير من الإندونيسيين عمَّا يحدث في سوريا، وكيفية التفرقة بين فصائل المعارضة والشعب السوري من جهة وتنظيم الدولة من جهة أخرى، وواضح أن الثورة السورية قد أحدثت انقسامًا في صفوف التيار الجهادي الإندونيسي بين من أيَّد جبهة النصرة أو الفصائل المعارضة الأخرى، وبين من توجَّه إلى معسكرات تنظيم الدولة. انظر: تقرير معهد تحليل سياسات الصراعات، جاكرتا: الإندونيسيون والصراع السوري، الصادر يوم 30 يناير/كانون الثاني 2014.
31- في آخر اجتماع وطني لمجلس مجاهدي إندونيسيا في مدينة جوغجاكرتا بوسط جزيرة جاوا، أكَّد البيان الختامي، الصادر يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، على أن المجلس سيسعى إلى مرافعات أمام المحكمتين العظمى والدستورية ضد قرارات الدولة التي تضر بمصلحة المسلمين وتعرقل تطبيق الشريعة الإسلامية.
32- من بين آخر الأنشطة في هذا الاتجاه لقاء السفير الإيراني في جاكرتا بوزير الشؤون الدينية وحديثهما عن آفاق التعاون بين البلدين، موقع وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية: السفير الإيراني لدى إندونيسيا يبحث آفاق التعاون بين البلدين، 1 فبراير/شباط 2016:
http://www.kemenag.go.id/index.php?a=berita&id=327907
تاريخ الدخول 20 مارس/آذار 2016.
صهيب جاسم
مركز الجزيرة للدراسات