نتقد جعفري المسؤولين الأمريكيّين على “تصريحاتهم المتدخلة في برنامج إيران الصاروخي”. وأكّد أنّ طهران ستستمر في سياساتها بغض النظر عن “المطالب المفرطة” لواشنطن
تجلت استراتيجية الحرس الثوري الإيراني بشكل أكثر تفصيلًا يوم الثلاثاء الماضي في الاجتماع السنوي للمجلس الأعلى لقادة الحرس الثوري الإيراني في طهران من خلال خطاب طويل ألقاه الجنرال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني.
خصصت نشرة “ميدل إيست بريفينغ” التي تصدر عن فرع “مركز الشرق للبحوث” في واشنطن، أحد مقالاتها هذا الأسبوع، للحديث عن عقيدة الحرس الثوري الإيراني.
فيما يلي نستعرض النقاط الرئيسية في خطاب الجعفري كما نشرته وسائل الإعلام الإيرانية:
-الاتفاق النووي:
وقال جعفري إنَّ خطة العمل المشتركة الشاملة هي وثيقة مشرفة للشعب الإيراني. “وبالرغم من أنَّ المقاومة النووية للأمة الإيرانية، التي أجبرت أعدائنا على تغيير الاستراتيجية، كانت شرفًا لنا، لكنَّ هذه المقاومة تختلف عن نتائجها، وكانت خطة العمل المشتركة الشاملة جزءًا منها”. (وهذا يعني أن جعفري لا ينظر، على أقل تقدير، إلى خطة العمل المشتركة الشاملة بأنها خاتمة مشرفة لما يعتقد أن تكون مقاومة عظيمة).
ودعا الجعفري إلى اليقظة ضد أي تسلل من “الأعداء ومرتزقتهم”. وسأل بشكل بلاغي ما إذا كانت خطة العمل المشتركة الشاملة من شأنها أن توفر حلًا لمشاكل البلاد. “من السذاجة والحماقة النظر إلى خطة العمل المشتركة الشاملة على أنها الحل السحري والناجح للمشاكل التي تعاني منها البلاد. وهؤلاء الذين يروجون لإصدارات مختلفة من خطة العمل المشتركة الشاملة، في الداخل، ينحرفون بغير قصد عن المسار الحقيقي للثورة ويميلون إلى الجبهة المناهضة للثورة.” وأضاف جعفري: “تقدم خطة العمل المشتركة الشاملة الجزء الأقل من حقوق الأمة ويجب ألّا نحتفي بها كاتفاق ذهبي، وسبب للابتهاج”.
-الصواريخ البالستية:
انتقد جعفري المسؤولين الأمريكيين بسبب “تصريحاتهم المتداخلة ضد برنامج إيران الصاروخي”، وشدّد على أنَّ طهران ستواصل سياساتها السابقة بغض النظر عن “المطالب المبالغ فيها” من واشنطن. وقال جعفري: “لسنوات ونحن نزيد من قوتنا على افتراض اندلاع حرب واسعة النطاق ضد الولايات المتحدة وحلفائها. لقد قمنا بزيادة كل قدراتنا لتحقيق نصر مبين ضد هؤلاء الأعداء “. وأكّد جعفري على قرار إيران الصارم بمواصلة الطريق لتطوير قدرات البلاد الصاروخية. وأضاف: “سيكون لدينا صواريخ أكثر دقة ومدمرة، وستتضاعف أكثر من أي وقت مضى”.
وأردف: “إنَّ إطلاق الصواريخ البالستية من مواقع مختلفة هو رد فعل ساحق على مزاعم الأعداء. وقد أظهر ذلك أجزاء من قدرات الحرس الثوري الصاروخية، وحقيقة تواجدهم على الصعيد الوطني.”
وأوضح: “لعبة الحرب ستعلّم الأعداء أنَّ قوة إيران الدفاعية والأمنية هي خط أحمر وغير قابلة للتفاوض تحت أي ظرف من الظروف. وبفضل الله، لم تترك العقوبات الاقتصادية أي آثار على الصواريخ الإيرانية ونحن مستقلون تمامًا.”
-الاستراتيجية الإقليمية:
انتقد جعفري أيضًا الدول العربية المجاورة بسبب “سلوكهم الغبي في اختيار الانحياز للولايات المتحدة ضد إيران”.
وقال جعفري: “الأنظمة العربية مثل المملكة العربية السعودية والبحرين وأقرانهم هي رموز التخلف السياسي الحديث. لقد جعلت الحرس الثوري الإيراني يقوم ببعض الاستعدادات لمواجهة وقاحتهم وسلوكهم الغبي، الذي ينبع من اعتمادهم على قوة الولايات المتحدة. ونحن على استعداد لتلقينهم درسًا لن ينسوه أبدًا ولكننا ننتظر أوامر قائدنا.”
وقد أعرب الجعفري عن ثقته بأن الشعوب العربية ستتحدى حكوماتهم وسوف تسعى “للانتقام” منهم لارتكابهم جرائم ضد الحوثيين في اليمن.
وأكّد جعفري: “الدول العربية في الخليج هي مجرد دول تابعة للولايات المتحدة والغرب وهم أمثلة لأكثر الأنظمة الرجعية في حكم أي إقليم، وتزداد وقاحتهم من خلال اعتمادهم على الولايات المتحدة.”
“في سوريا، سنواصل دعمنا للحكومة السورية والعمل على سلامة أراضيها وسيادتها الوطنية. ونعتقد أنَّ التفكك هو مؤامرة أمريكية بريطانية صهيونية سنحاربها ونقاومها. وبالمثل، في فلسطين، واليمن، سنواصل دعمنا للمقاومة للبقاء في مواقعهم “.
وأضاف: “حماية النظام والثورة داخل إيران تعتمد بشكل مباشر على الظروف الإقليمية التي يعمل رجالنا بجد على تحسينها وجعلها مواتية لمصالحنا. المرحلة الثالثة من ثورتنا العظيمة تحدث الآن، وقواتنا تُنجز مهمتها دون خوف أو تحفظات. إنَّ نظرية ثورتنا العظيمة قد تحوّلت إلى قوة كبيرة وعظيمة تنتشر خارج حدودنا لتصبح فعّالة على المستوى الإقليمي.”
ومع ذلك، لم يفسّر جعفري ما المقصود بــ “المرحلة الثالثة من الثورة”. من سياق الحديث، يبدو أنها خطة أكثر نشاطًا لتصدير الثورة الإيرانية إلى دول الشرق الأوسط الأخرى.
-السلطة السياسية الداخلية في إيران:
أعرب الجعفري بعبارات واضحة عن معارضة الحرس الثوري لروحاني والمصلحين بشكل عام. وقال: “علينا ألّا نهمل حقيقة أن تسلل الولايات المتحدة في بلدان أخرى يأخذ دائمًا شكلًا من أشكال المعارضة الغربية وأنَّ الولايات المتحدة تقوم بذلك معنا أيضًا”.
حاول جعفري جاهدًا العثور على مبرر مناسب للدور السياسي والاقتصادي للحرس الثوري داخل النظام. وأوضح: “يقوم النظام الإيراني على المؤسسات والقوانين، ولديه سلطة قضائية، وبرلمان منتخب، وحكومة ومؤسسات أخرى. ولكن كل هذا ليس كافيًا لضمان النجاح. إنَّ ما نحتاجه في قلب نظامنا القانوني هو هيكل داخلي حقيقي يمثل مبادئ وقيم ثورتنا.”
“قادة الحرس الثوري الإيراني لا يشعرون بالاكتئاب أو التشاؤم عندما يسمعون أو يرون بعض الشخصيات التي تدّعي أنها ذات صلة بالثورة ومع ذلك يهاجمونها. للأسف، أثناء ثورتنا، كان هناك شخصيات بارزة انحرفت عن الخط الثوري. وقد حدث هذا إما بسبب سوء الفهم، والمفاهيم الخاطئة أو بسبب ضعف الثقة في قوة الثورة. لقد تأثروا بالأجانب واستغلوا مناصبهم لإثارة الشكوك حول مستقبل “. (في الغالب، كان يقصد رفسنجاني).
وعلاوة على ذلك، خاطب روحاني قائلًا إن خططه “لن تنجح”. “المشاريع والنظريات التي تتعارض مع مسار الثورة الإيرانية ستنهار حتى لو تمّ تشكيل حكومة وبرلمان على تلك الأوهام. وسوف يلفظها الشعب الإيراني خارج الخريطة السياسية الإيرانية.”
“أولئك الذين يرون أنَّ الاتفاق النووي نموذجًا لحل الأزمة الداخلية والاقتصادية مخطئون تمامًا؛ إذ لم تكن قراءتهم صحيحة لهذه الصفقة ولا لأبعادها الخطيرة. وللأسف، هؤلاء الذين يدافعون عن هذه الصفقة يرغبون في إذلال الشعب الإيراني من خلال الترويج لها.”
- هذه هي عقيدة الحرس الثوري الإيراني:
العديد من الخبراء الذين يتابعون الوضع عن كثب في إيران قد يجدوا أن مفهوم جعفري لدور الحرس الثوري الإيراني داخل النظام السياسي في إيران هو الأبرز في الخطاب. لقد كافح الجنرال من أجل وضع الحرس الثوري الإيراني، على نحوٍ مقنع قدر الإمكان، داخل الهيكل السياسي في إيران. لكنه لم يستطع العثور على أي حُجة أخرى غير الحمى الثورية المعتادة. وليس من الواضح ما إذا كان الجنرال يرد على الآخرين الذين ينتقدون دور الحرس الثوري الإيراني على أسس دستورية وقانونية. لكنَّ مثل هذه القضايا تُناقش وراء الأبواب المغلقة في طهران.
هناك نقطة أخرى تبدو مهمة؛ وهي التحدي الواضح من جعفري للإصلاحيين الذي أعرب عنه علنًا وبكل بصراحة. في هذا الخطاب، يزيد جعفري من احتمال شنّ حملات قمع أخرى ضد الإصلاحيين قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل في تكرار لما حدث للرئيس السابق خاتمي ومؤيديه الليبراليين في وسائل الإعلام والجامعات (المعارضة “الغربية” “كما وصفها).
ثمّ، هناك تهديدات علنية كثيرة من جعفري ضد العرب، الذين انتقدهم لاتباعهم الولايات المتحدة، في نفس اللحظة التي ينتقدهم فيها أوباما في “عقيدته” أثناء حواره مع جيفري جولدبرغ بصحيفة “ذي أتلانتيك”. ومن الواضح أن جعفري يضغط على العرب من جانب واحد في حين أنَّ الولايات المتحدة تُلقي باللوم عليهم من جهة أخرى.
ينتقد جعفري الدول العربية لكونها حليفة للولايات المتحدة التي تلومها لرفضها التخلي عن تهديدات جعفري حول “المرحلة الثالثة” من الثورة أو قبول دعوة أوباما لمشاركة المنطقة مع جعفري ورجاله. ولكن لا شيء يأتي من واشنطن أو الشرق الأوسط يجب أن يفاجئنا بعد الآن.
مركز الشرق للبحوث