مؤامرة المالكي

مؤامرة المالكي

نوري-المالكي

الإصلاح مؤامرة، وحكومة التكنوقراط المستقلّين مؤامرة. المتآمرون هم المطالبون بالإصلاح والداعون إلى حكومة التكنوقراط ، والمستهدفون بالمؤامرة هم الإسلاميون ومشروعهم، بل المتدينون قاطبة، بحسب آخر نظريات الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي.

السيد المالكي قال يوم السبت إن دعاة الإصلاح وحكومة التكنوقراط إنما يسعون إلى “إفشال المشروع الإسلامي وضرب المتدينين”، وهذا أخفّ تعبير اقتنصتُه من خطابه.

ليس بوسعي أن أختلف مع السيد المالكي، فالمؤامرة ضد المشروع الإسلامي والإسلاميين قائمة، عمرها سنين ورقعتها الجغرافية تتجاوز حدود العراق ممتدّة بخيوطها في كل الاتجاهات. ما أختلف فيه مع السيد المالكي يتعلق بهوية المتآمرين. ما أراه أن هذه المؤامرة نابعة من أوساط الإسلاميين أنفسهم. المشروع الإسلامي – إذا كان هناك من مشروع إسلامي – أفشله الإسلاميون أنفسهم ويواصل إفشاله الإسلاميون عينهم ويصرّ على هزيمته الإسلاميون ذاتهم.

لم يكن المناهضون لمشروع الإسلام السياسي أو المعترضون عليه أو المعادون له في حاجة إلى تدبير المؤامرات. الإسلاميون متكفّلون بهذا طواعية.. إنهم فعلوا ويفعلون كل ما يقود إلى إفشال مشروعهم، إنْ كان لديهم مشروع.

لا يوجد مثال واحد لمشروع إسلامي ناجح ، سنيّاً كان أم شيعياً. ومقياس النجاح هو مستوى ما يتحقق من الأهداف المعلنة، وأهم الأهداف لكل المشاريع التي ترفع راية الإسلام هو العدالة الاجتماعية. في هذا يتشاطر مشروع الإخوان المسلمين في مصر وسواها ومشروع الجمهورية الإسلامية في إيران ومشروع القاعدة في أفغانسان ومشروع إسلاميّي العراق، وفي المقدمة منهم حزب الدعوة الإسلامية.

في إيران لا توجد قصة نجاح تُحسب للمشروع الإسلامي، وبالأخص على صعيد العدالة الاجتماعية والحريات العامة، واسألوا الرئيس محمد خاتمي والشيخ مهدي كروبي ومير حسين موسوي، ومعهم الشيخ هاشمي رفسنجاني، إن كنتم غير مصدّقين. الإخوان المسلمون فشلوا في السودان (نظام الجبهة الإسلامية الدكتاتوري بقيادة الجنرال البشير). الإخوان المسلمون هُزموا هزيمة مدوّية في مصر بعد سنة واحدة فقط من حكمهم. الإخوان المسلمون فشلوا في تونس (حركة النهضة الإسلامية) على غرار ما حصل في مصر، وإن بوطأة أخفّ. والإخوان المسلمون يفشلون الآن في تركيا التي يتحوّل بها أردوغان وحزبه الإسلامي من ديمقراطية نامية إلى دكتاتورية سافرة ومتوحشة من نمط دكتاتوريات القرون الوسطى. القاعدة وفروعها ومستنسخاتها، وبالأخص داعش، ليست سوى قنبلة نوويّة مدمّرة حتى للإسلام نفسه.

هنا في العراق، الإسلام السياسي، الشيعي والسني سواء بسواء، كان جملة عناوين صارخة للفشل .. إنه القرين والصديق الحميم للحرب الأهلية الطائفية وموتها الجماعي العبثي، وللفساد الإداري والمالي السافر، ولانهيار نظام الخدمات العامة. أما دولته فهي الأُنموذج العالمي للدولة الفاشلة.

بإسلاميين من النوع الذي يحكمون العراق للسنة العاشرة على التوالي، وبمشروع إسلامي من النوع الذي تولّته حكومات الإسلاميين الشيعة والسنّة منذ العام 2005 حتى اليوم، لا يحتاج المعادون للمشروع الإسلامي الذي تحدّث عنه السيد المالكي لأن يدبّروا، تحت أجنحة الظلام أو في نور الشمس الساطع، المؤامرات التي حذّر منها المالكي ودعا إلى التصدي لها. الإسلاميون الذين تولوا السلطة، وبينهم السيد المالكي نفسه، قدّموا، وما زالوا، لأعدائهم ومناهضيهم والمعارضين لهم، خدمة مجانية لا تُقدّر بثمن!

عدنان حسين

صحيفة المدى