أبرز النقاط التي كشفت عنها نتائج دراسة «صورة العرب في الكتب المدرسية الإيرانية»، والتي تناولتها في المقال السابق، كونها وضّحت كيف يتغذى العقل الإيراني على لغة الكراهية والحقد ضد العرب، وكيف حول هذا الموقف إلى مناهج تعليمية تعلم الطالب الإيراني كيف يحقد على العرب، وكيف يحول هذا الحقد إلى ممارسة فعلية على أرض الواقع، وكيف يدمن هذه الكراهية ويجعلها ثقافة عامة في حياته وقراراته وتوجهاته حيال العرب. ولعل أصدق تعبير عن ذلك قول الدكتور صادق زيبا، الأستاذ بجامعة طهران، من أن «الكثيرين منا نحن الإيرانيين، سواء أكانوا متدينين أم علمانيين، يكرهون العرب. ولو أمعنتم النظر في ثقافات الشعوب الأخرى تجاه سائر القوميات والاثنيات وأخذتم ظاهرة النكات كمقياس لوجدتم أننا أكثر إساءة للغير من خلال السخرية منهم». ويتابع «زيبا» قائلا: «إن الكثير من المثقفين الإيرانيين يبغضون العرب، والكثير من المتدينين ينفرون منهم، لكن هذه الظاهرة أكثر انتشاراً وحدة بين المثقفين الإيرانيين». ويفسر ذلك بالقول: «يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب رغم مرور 1400 عام عليها. إننا نخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين على العرب، كأنهما نار تحت الرماد تتحول إلى لهيب كلما سنحت الفرصة».
وقد كشف نتائج الدراسة المذكورة كذب الشعارات الإيرانية حول مسائل الحوار والتعايش والتعاون مع الجيران، وحول مسألة الاستقرار والسلام في المنطقة.. فكلها شعارات لذر الرماد في العيون وللتغطية على المخططات المرسومة مسبقاً. فالسياسة الإيرانية ولدت من رحم «ثورة الفتنة الطائفية».
وقد أشارت العديد من المصادر إلى أن أغلب سفراء إيران في العواصم العربية، بعد ثورة الخميني، خبراء في اصطناع الفتن الطائفية، ولديهم مهارة في التعاون مع القوى الخارجية لإثارة الحروب الأهلية وإدارتها، وإدخال المنطقة في صراع إقليمي ودولي.
ومهما حاولت إيران الادعاء بأنها مع الاعتدال والوسطية والتعايش والتعاون مع الجيران، فإن حربها على دول المنطقة واضحة ومستمرة ومؤامراتها موثقة.
والجميع يشاهد ما يفعله الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» في العراق وسوريا من إبادة وتدمير وتهجير لشعبي البلدين، تحت غطاء الدفاع عن النظام، ويشاهد أيضاً كيف تدعم إيران الحوثيين في اليمن، وميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق وهي تمارس إبادة السنّة، كما تدعم «حزب الله» في لبنان بالمال والسلاح والتدريب.. مما يؤكد أن إيران أكبر مركز لدعم القلاقل والاضطرابات في المنطقة. ولو كانت للنظام الإيراني إرادة سلام صادقة، لقدم البرهان العملي متمثلا في بناء علاقات تتميز بالصدق والاحترام، وأول تلك الخطوات أن ينقي المناهج التعليمية من لغة الحقد والكراهية على العرب، والتي حولت عقل الطالب الإيراني إلى بندقية مصوبة على العرب ودول الجوار وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت يريده النظام.. ثم بعد ذلك يتحرك جدياً لتحسين العلاقات مع شعوب المنطقة.
إننا ضد الإرهاب بكل أنواعه وضد سياسة التمييز والعنصرية، وضد الطائفية بكل صورها، ومع السلام والاستقرار والتعايش. لكن سياسة إيران تجاه دول المنطقة أصبحت معروفة لعامة الناس ممن يشعرون بما تفعله هذه السياسة من تدخلات خطيرة في شؤون العرب، حيث اعتادت طهران وأتباعها استخدام أساليب القتل والتعذيب والتشريد والملاحقة، في العراق وسوريا واليمن ولبنان.. وهم مستمرون في هذه اللعبة الخطيرة، وكل ذلك لتوسيع مساحة هيمنتهم على المنطقة.
* نقلا عن “الاتحاد”