بدأت الأذرع الآيرانية التي تم اعدادها وانشاؤها وتدريبها ودعمها بالمال والسلاح تظهر بشكل واضح وفعال في جميع المدن والعواصم العربية خاصة وان المشروع الآيراني أصبح حالة واقعية تشهدها جميع أقطار المنطقة العربية وبالتحديد دول الخليج العربي بعد أن أصبح الوضع العربي والمشاكل التي يعيشها الشعب العربي والآختلاف في الرؤيا والآهداف حول كيفية معالجة ما يعانيه الآمن القومي والآقليمي للمنطقة من أهم اسباب التصدع الفكري والسياسي والآمني لدى القائمين على الشأن العربي ، مما جعل ايران تتحرك وتنتهز الفرص لمدأذرعها وتنفيذ سياستها التوسعية ومشروعها التوسعي تجاه الامة العربية وعواصمها .
وبعد الآحداث التي شهدها العراق في الآسابيع الماضية والآصوات التي نادت بالآصلاح وتشكيل حكومة تكنوقراط والآعتصامات والآحتجاجات التي قامت بها الجماهير العراقية لنيل حقوقها والحفاظ على مكتسباتها واحلامها بالعيش الكريم الذي يؤسس لحياة سعيدة تتوفر فيها جميع مستلزمات الرعاية الآجتماعية والصحية ورفع المستوى المعاشي لأبنائها وعوائلها والتي انتهت بصورة درامية أدت الى اقتحام ودخول قاعة البرلمان العراقي ورفع الشعارات التي تنادي باسقاط البرلمان والحكومة والبدأ بتأسيس حياة سياسية جديدة بعيدة عن المحاصصة الطائفية ورفع شعارات تؤكد سيادية واستقلال العراق ومنع التدخل الاقليمي والدولي بشؤونه الداخلية وتحديدا من ايران وزعمائها وقادة مليشياتها الذين يتحكمون بالقرار السياسي العراقي وبقيادة البلد وأختيارحكوماته ووزرائه وتحديد مستقبله السياسي .
شكل هذا الامر مفاجاة سياسية وميدانية وانزعاج ايراني وخوفا من فشل المشروع التوسعي الذي يسعى اليه المسؤولون الايرانيون ، وتأثير هذه التظاهرات والشعارات على أدواتهم وأذرعهم في بغداد وتهديد استمرار العملية السياسية وشخوصها في العراق والتي تحظى بدعم واسناد من حكومة طهران .
شرعت الآجهزة الآمنية والآستخبارية الآيرانية بتوجيه أذرعها المليشياوية وقادتها للتواجد في الآماكن المهمة والأستراتيجية بالعاصمة بغداد وبالقرب من المنطقة الخضراء وما يجاورها لحماية السياسيين العراقيين المرتبطين بايران واجهزتها وتشديد حالة الآمن واتخاذ الآجراءات الكفيلة بحماية بغداد .
فجاء الظهور العلني في الميدان ل( سرايا الخرساني ) لتؤكد حقيقة المشروع الآيراني التوسعي في العراق بتواجد عناصرهذا التشكيل التي تعمل بتوجيه من ايران وبمسؤولية (علي الياسري) الذي أعلن أن (هذه السرايا تتبع ولاية الفقيه في ايران ولا تتبع حكومة بغداد التي لم تعلن ولاية الفقيه ) وأكد (نحن ندين بالولاء لخامنئي لأنه يقدم لنا كل ما نحتاجه من دعم ) وأدعى (بأن الآسلام لا يعترف بالعراق أو غيره ونحن ننفذ ما يريده الاسلام ونؤخذ أوامرنا من خامنئي كونه الولي ) كما أكد أن مؤسس (سرايا الخرساني )هو الجنرال حميد تقوي الذي قتل في المواجهات العسكرية التي جرت قبل أشهر في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين ووصف (قاسم سليماني ) بشيخ المجاهدين وأنه القائد الفعلي للمقاومة الآسلامية في العراق وسورية ولبنان والبحرين .
ان تمويل (سرايا الخرساني ) يتم من خلال الدعم الذي تقدمه الآجهزة الآستخبارية الآيرانية ومساعدتها بانشاء مشاريع اقتصادية مدعومة في العراق كما ان القائمين على هذا التشكيل يسعون لأن يكون لهم دورا مهما في العملية السياسية في العراق وأن مقاتلي السرايا يشتركون مع تشكيلات الحشد الشعبي بالقتال في المناطق والمدن العراقية التي تشهد نزاعات ومواجهات عسكرية كما يشاركون الميليشيات العراقية بالمواجهة المسلحة داخل الاراضي السورية دعما للنظام الحاكم في دمشق .
ان هذه السرايا تعتبر من ألوية المهمات الخاصة المرتبطة بفيلق القدس في العراق والتابع للحرس الثوري الآيراني وتتخذ من علامته العسكرية علامة للحركة ويتلقى مقاتلي هذه السرايا الدعم الآيراني العسكري المتمثل بتزويدهم بالسلاح الخفيف والمتوسط كأي ميليشيات مسلحة مستخدمين عجلات البيك أب والحمل وعجلات الهمر العسكرية والعجلات ذات الدفع الرباعي ويحمل المقاتلين مختلف الاسلحة الخفيفة والكلاشنكوف والقناصات وقذاف صواريخ آر بي جي سفن ويستخدمون هاونات (60،82،100،120،)ملم المختلفة الآحجام وصواريخ كاتيوشيا مع راجمات صغيرة الحجم الآيرانية الصنع .
ان هذا التواجد الميداني على أرض العراق والتحكم بسياسته والتأثير على قراراته وتهديدأمنه الداخلي واستخدام جميع هذه الآسلحة في التأثير على الوضع الآمني داخل مدينة بغداد ومراكز المحافظات والمدن الوسطى والجنوبية العراقية انما يؤكد حقيقة التوجه الآيراني في الآعتماد على الآذرع الطائفية المسلحة سواء في العراق او سورية وما يحدث اليوم يعد بمثابة لحظة مثالية وفرصة مؤاتية لا يمكن أن تفرط بها ايران بسعيها الى احياء دورها الآقليمي في المنطقة وتقديم نفسها على أنها من تجسد حقيقة (الآسلام الثوري) باعتمادها على حلفاء يمثلون حركات سياسية تمكنوا من توطيد قوتهم ليسيطروا على مؤسسات الحكم في بلدانهم مثل (حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن ) والعمل على تأمين مصالح ايران وترسيخ استراتيجية التوسع والنفوذ الآيراني في بلدانهم .
ان اطماع ايران وطموحاتها في ان تصبح القوة المهيمنة في المنطقة ليس بالآمر الجديد بل هو موقف تاريخي قديم أذ تتطلع ايران لمد هيمنتها وسيطرتها الى الخليج العربي وكل الشرق الاوسط ولعل للمشروع الآيراني اسبابه ومبرراته وهوسه الفكري في عقول القادة الايرانيين عندما يتحدثون أن هدفهم هو قيادة العالم الآسلامي وأنهم سوف لا يتوقفون في سورية اضافة للنظرة الآستعلائية الفارسية بتبعية الدول العربية لأمبراطورية فارس .
سرايا الخرساني :النفوذ الجديد في العراق
هذه الآفكار والاهداف الآستراتيجية الايرانية تتطلب موقفا عربيا جادا وواضحا للحفاظ على الامن القومي العربي والآقليمي تجاه المشروع التوسعي اللآيراني وتضافر الجهود المشتركة لوقف هذا التمدد وتأثيراته على المنطقة العربية وبالتحديد منطقة الخليج العربي .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للابحاث والدراسات الاستراتيجية