انهياراسعار النفط قد تؤدي الى حرب باردة طويلة الامد

انهياراسعار النفط قد تؤدي الى حرب باردة طويلة الامد

iran-russia
لاتزال اسعار النفط العالمية في سباق مع الزمن اذ هوت الى ما دون الخمسين دولارا مسجلة أدنى مستوى لها منذ عام 2009 وسط توقعات بتراجع أسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولارا للبرميل هذا العام.
وادت غزارة الفائض المعروض الى انخفاض كبير في الاسعار فيما واصلت الاسواق الرئيسية كسوق نيويورك تدهورها إلى مستويات قياسية بسبب طغيان التشاؤم ببقاء الأسعار الحالية عند مستوياتها لفترة طويلة .
البورصات الخليجية لم تكن بمنأى عن آثار هذا التراجع الحاد لاسعار النفط فقد شهدت أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي تراجعات حادة وسط انسداد افق التوقعات لاي تحسن على المدى القريب وهو ما أشار إليه وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي مستبعدا حدوث أي انتعاش مفاجئ لأسعار النفط.
وقال المزروعي: إن منظمة أوبك لن تغير إستراتيجيتها لإنتاج النفط، مشيرا إلى أن هذا يعد رسالة إلى السوق والمنتجين الآخرين بأنه يتعين عليهم أن يتحلوا بالعقلانية والاقتداء بأوبك في التطلع إلى تنمية سوق النفط العالمية وأن تتواءم زيادة الإنتاج مع ذلك النمو.
وفي ذات السياق قال رجل الاعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال: “هناك طلب أقل وعرض كبير وكلا الأمرين وصفة مناسبة لإنهيار سعر النفط وهذا ما يجري حاليا، مبينا أن سعر برميل النفط في الأسواق العالمية لن يرتفع بعد الآن فوق مستوى 100 دولار”.
وأضاف الوليد بن طلال في مقابلة مع صحيفة ‘USA Today’ الامريكية: “إذا بقي المعروض من النفط عند المستوى الحالي، والطلب عليه منخفض، فمن الطبيعي أن تنخفض أسعار النفط أكثر، وفي حال تراجعت إمدادات النفط في الأسواق (انخفاض العرض) وزيادة الطلب، فمن الممكن أن ترتفع الأسعار حينها، ومع ذلك، فإنني متأكد من أننا لن نرى سعر 100 دولار للبرميل، وكنت قد قلت قبل عام إن سعر النفط فوق 100 دولار يعد سعرا مصطنعا وغير واقعي”.

رسم بياني يوضح انخفاض اسعار النفط “2014-2015”

Fainal-01-01

 

الولايات المتحدة

الولايات المتحدة تعد احد اللاعبين الفاعلين في ازمة تراجع اسعار النفط حيث قامت بانتاج النفط الصخري باسعار تنافس النفط التقليدي اقل؛ ما ادى الى حالة من الاستنفار لدى اعضاء اوبك ولكن بحسب مراقبين لن تتمكن من القيام بهذا الدور لفترة طويلة من الزمن، لعدة أسباب موضوعية متعلقة بالنفط، وبالدين العام، وبالتحالفات السياسية.
المحلل الاقتصادي جوناثان تروغمان خلص في تقرير له نشرته صحيفة نيويورك بوست الأمريكية يوم الأحد، إلى أن الولايات المتحدة تعيش حربًا حقيقية في مجال الطاقة مع “بطل النفط من الوزن الثقيل في الشرق الأوسط”، المملكة العربية السعودية.
وتساءل في تقريره عن السبب الحقيقي وراء هبوط سعر النفط في الأسواق اليوم. ويجيب تروغمان عن تساؤله قائلًا:” إن هذا السبب، والمحرك الرئيس لانهيار أسعار الطاقة، هو أن حليفة الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، قد أعلنت الحرب على إنتاج النفط الصخري والثورة الأمريكية المزدهرة في مجال التنقيب عنه، وصناعة الطاقة”.
واشار جوناثان تروغمان، في تقريره ، إلى أن الولايات المتحدة تعيش حربًا حقيقية في مجال الطاقة مع “بطل النفط من الوزن الثقيل في الشرق الأوسط”، المملكة العربية السعودية مؤكدا ” أنها حرب من أجل النفط بكل وضوح، إنها حرب أسعار”.

الرابحون والخاسرون في حرب الاسعار

منطقة اليورو ايضا كان لها حصة من هذه الازمة حيث صرح بيتر برات كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي “في ظل أسعار النفط الاخيرة سينخفض معدل التضخم أكثر بل سيقل كثيرا عن التوقعات حتى الآن.”
مشيرا إلى ان البنك المركزي الاوروبي لم يلق بالا لمثل هذه الصدمات الخارجية في السابق، ولكنه لم يعد بوسعه أن يفعل ذلك الآن في ظل بيئة، تكون فيها توقعات التضخم منخفضة جدا ولا يمكن ببساطة أن نغض الطرف.”
روسيا ايضا تحتاج لسعر برميل النفط عند 100 دولار تقريبا كي تنضبط ميزانيتها. وهبوط السعر للنصف يعني بالضرورة رفع الضرائب وخفض الإنفاق بشكل حاد أو استنزاف الاحتياطات النقدية لروسيا بدرجة تثير القلق.
وأظهرت بيانات الجمعة أن التضخم في الصين قرب من أقل مستوى في خسمة اعوام عند 1.5 بالمئة ما يعكس ضعفا اقتصاديا قد يقود لمزيد من التحفيز.
ويشير العديد من الخبراء الى ان هناك خطرا حقيقيا لحدوث انكماش العام الحالي.”
ايران جاءت تصريحات رئيسها حسن روحاني لتعبر عن الازمة التي تعيشها حيث قال روحاني في كلمة بثها التلفزيون الحكومي الثلاثاء 13 يناير/كانون الثاني: “أولئك الذين خططوا لخفض الأسعار على حساب دول أخرى سيندمون على هذا القرار”.
وقال محسن رضائي، سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام الايراني ، ان بلاده ستخسر مئة بليون دولار أخرى في السنوات الثلاث المقبلة، إذا بقي سعر النفط في حدود 50 دولاراً للبرميل.
وتشير مصادر ايرانية الى ان سعر صرف الدولار الأميركي رسمياً في اسواق طهران يبلغ حالياً حوالي 27000 ريال إيراني، أما في السوق السوداء فيبلغ حوالي 38000 ريال.

العراق اكبر الخاسرين

ونقلت وكالة رويترز للأنباء، عن شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، قولها إن العراق رفع سعر البيع الرسمي لخام البصرة الخفيف في عقود فبراير/شباط مع آسيا بمقدار 30 سنتًا للبرميل، ليصل إلى متوسط أسعار خامي دبي وعمان. وفي الوقت ذاته، خفضت سومو خام البصرة الخفيف المقدم للولايات المتحدة ليصبح ناقص 1.05 دولار للبرميل. كما انخفض سعر البيع الرسمي لخام البصرة في عقود أوروبا لمعادل خام برنت الفوري إلى ناقص 5.95 دولار للبرميل، بعد أن كان المعادل ناقص 4.35 دولار للبرميل في يناير/كانون الثاني.
وسجلت الصادرات العراقية أعلى مستوى لها منذ 1980 في ديسمبر/كانون الأول، وفق ما ذكر متحدث باسم وزارة النفط، وذلك بفضل مبيعات قياسية من مرافئ الجنوب.
لكن العراق الذي يعاني عجزا كبيرا في موازنة عام 2015 واجه مشاكل كبيرة بسبب انخفاض الاسعار فقد لجأ الى تخصيص سعر 60 دولارا كسعر لبرميل النفط في الموازنة واعلان التقشف، وتقليص النفقات ،الا انه لم يلبث ان تلقى صدمة اخرى نتيجة الانخفاض المستمر لاسعار النفط لينخفض السعر العالمي الى ما دون الخمسين دولارا وصولا الى حدود 45 دولارا للبرميل وهو ما شكل ضربة للعراق وموازنته التي تبنى على سعر برميل النفط وهو مايجعل من العراق اكثر الدول تأثرا بتراجع اسعار النفط .
“وبحسب مصادر خاصة لمركز الروابط فقد وصل سعر برميل النفط الى حدود 36دولارا للبرميل الواحد؛ ما يشكل ضغطا هائلا على الخزينة العراقية التي أكدت المصادر أنها اصبحت شبه فارغة ، وقد تشهد المرحلة المقبلة ازمة في رواتب موظفي الدولة العراقية ، وبدأت الحكومة العراقية بالاقتراض من مصارف حكومية وهي ” التجاري ، الرشيد ،الرافدين “.
ان العراق اليوم يواجه تحديا كبيرا نتيجة ازمة اسعار النفط العالمية وهو ما يفرض عليه ايجاد حلول وبرامج اقتصادية للتخفيف من اثار تذبذب اسعار النفط .
ومن هنا يرى العديد من الخبراء ان العراق في الايام المقبلة سيشهد تراجعا في القوة الشرائية للمواطن العراقي، وتراجع معدل النمو نتيجة الضغط على رواتب الموظفين ، لكنه يمكن ان يقلل من اثر هذا الوضع بضبط النفقات .

افاق مستقبلية لتدهور النفط

حتى الان يشيرانخفاض أسعار النفط الى تباطؤ النمو العالمي وهو يعد بمثابة ناقوس تحذير لاقتصاد يعتمد على التصدير.
وقال كبير اقتصاديي آسيا والمحيط الهادي في آي. اتش.اس غلوبل اينسايت راجيف بيسواس ” ان انخفاض أسعار النفط يعني تحويل مبلغ يقدر بنحو 1.5 تريليون دولار من الدول المنتجة للنفط في العالم إلى الدول المستوردة وسيكون الفائز الاكبر الدول الصناعية المستوردة للنفط”.
ومن المعلوم ان انخفاض الطاقة يوفر سيولة نقدية للمستهلكين والشركات، لكن دول اخرى يقلقها كثيرا احتمال تعرض الأسعار لضغوط تدفعها للهبوط.
ومن المعروف أن التسارع أو الطفرات التي شهدتها أسعار النفط في الآونة الأخيرة هي التي اسهمت وعجلت بشكل كبير في سعي الدول الكبرى لامتلاك بديل للطاقة الاستخراجية التي تتحكم بها إلى حد كبير وفاعل دول “الأوبك”
ولايمكن اغفال حقيقة ان العالم يعيش على مفترق طرق وسط توترات عالية قد تؤدي الى حرب باردة طويلة الامد عنوانها “حروب النفط “.

عامر العمران