هل يعتذر الساسة العرب والمسلمين من رؤساء وملوك ورؤساء حكومات ووزراء وأمراء ومسؤولين عن حضورهم التظاهرة المليونية التي نظمت في باريس ضد الإرهاب ردًا على حادث مجلة “شارلي إيبدو”، بعد قيام المجلة بوضع رسم مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم في أول عدد لها بعد الهجوم والتظاهرة؟ وهل يعتذر الرئيس الفرنسي ووزراؤه وقادة الغرب عن جريمة “شارلي إيبدو” في حق الرسول صلى الله عليه وسلم؟
صحيفة “شارلي إيبدو” تنشر اليوم -الأربعاء- في أول أعدادها بعد الهجوم الذي أودى بحياة عدد من صحفييها، الأربعاء الماضي، على غلافها رسمًا كاريكاتوريًا جديدًا على غلافها يسخر من النبي محمد خاتم المرسلين، ووفق صحيفة “ليبراسيون” التي تستضيف المقر المؤقت لـ”شارلي إيبدو”، يتكون العدد الذي يحمل الرقم “1178”، من 8 صفحات ويحمل اسم “عدد الأحياء”، ويستهدف القائمون على الصحيفة، توزيع 3 مليون نسخة في 20 بلدًا، بـ16 لغة.
“أنا شارلي”
وقال ريتشارد مالكا، محامي الصحيفة الأسبوعية الساخرة في تصريحات نقلتها صحيفة “لوفيغارو” مؤخرًا، إن العدد الجديد اليوم يشمل رسومًا للنبي محمد وموادًا تسخر من ساسة وأديان أخرى، ووفق تصريحات للقائمين على الصحيفة نقلتها صحف محلية، فإن غلاف العدد الجديد جاء عبارة عن رسم كاريكاتيري للنبي محمد والدموع تنهال من عينيه، حاملًا لافتة مكتوب عليها “أنا شارلي”، في إشارة إلى عبارة كانت رمزًا للتضامن مع الصحيفة في الأيام الماضية ضد الهجمة التي تعرضت لها.
عدد غير مسؤول
وأعلى الرسمة الساخرة من الرسول محمد، دونت عبارة “الجميع مغفور له”، كما تضمن الغلاف عبارة “عدد غير مسؤول”، باللون الأحمر، وقررت “شارلي إيبدو” طباعة 3 ملايين نسخة، من عددها اليوم وقالت إنه سيترجم إلى 16 لغة، وذكرت مؤسسة “ليون” التي تتولى توزيع المجلة الساخرة، أنها ستطرح نسخة اليوم للبيع في 25 دولة، بينها أستراليا، والهند، يذكر أن مجلة شارلي إيبدو كانت تعاني من صعوبات مالية قبل الهجوم الدامي عليها، إلا أنها أضحت بعد ذلك رمزًا وطنيًا لحرية الرأي، ومدعومة من قبل الحكومة الفرنسية والمؤسسات الإعلامية الأخرى، وشارك حوالي 1.5 مليون شخص في مسيرة تضامنية من بينهم شخصيات سياسية ورؤساء بلدان أجنبية وعربية دعمًا للمجلة وحمل الكثير منهم شعارات كتب عليها “أنا شارلي”.
منع صدور الصحيفة
يشار إلى أن “شارلي إيبدو” التي تصدر كل أربعاء، كانت تطبع 60 ألف نسخة، قبل الهجوم، وانتقلت بعد الاعتداء على مقرها، إلى العمل في مكتب صحفية “ليبراسيون” الفرنسية، وكان مقر مجلة شارلي إيبدو، تعرض لهجوم مسلح، في السابع من الشهر الجاري، أودى بحياة 12 شخصًا، بينهم أربعة رسامي كاريكاتور، وشرطيان.
وقد حذرت مؤسسة دينية مصرية ومسؤولون فلسطينيون، من إعادة صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية، نشر رسم كاريكاتيري للنبي محمد خاتم المرسلين، مطالبين بـ”منع صدور الصحيفة”، ففي مصر حذرت دار الإفتاء من إقدام صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية على نشر عدد جديد مسيء للنبي محمد، واصفة الأمر بأنه “استفزاز غير مبرر لمشاعر مليار ونصف مسلم عبر العالم يكنون الحب والاحترام للنبي”.
موجة جديدة من الكراهية
وفي بيان لها قالت دار الافتاء إن “هذا العدد سيتسبب في موجة جديدة من الكراهية في المجتمع الفرنسي والغربي بشكل عام، كما أن ما تقوم به المجلة لا يخدم التعايش وحوار الحضارات الذي يسعى المسلمون إليه، مما يعد تطورًا خطيرًا مناهضًا للقيم الإنسانية والحريات والتنوع الثقافي والتسامح واحترام حقوق الإنسان كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم”.
تعزيز الحوار والتفاهم
وطالبت دار الإفتاء “الحكومة الفرنسية والأحزاب والمنظمات الفرنسية بإعلان رفضها لهذا الفعل العنصري من قبل المجلة، التي تعمل على إثارة الفتن الدينية والنعرات الطائفية وتعميق الكراهية والبغضاء، وتؤجج الصراع بين أتباع الحضارات والديانات، فضلًا عن أنها تهدم الجهود التي تبذل لتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب”، كما أدانت دار الإفتاء “تزايد الاعتداءات التي تعرض لها بعض المساجد في فرنسا عقب العملية الإرهابية” التي ضربت البلاد الأسبوع الماضي.
دعوى حرية النشر والتعبير
بدوره، دعا وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني يوسف ادعيس، الحكومة الفرنسية “للضغط على صحيفة شارلي إيبدو ومنعها إعادة نشر رسوم مسيئة للنبي” وقال: “نتمنى أن تمنع الحكومة الفرنسية هذه الصحيفة من نشر ما يسيء إلى النبي، وخاصة أننا كمسلمين قمنا بإدانة الجريمة التي وقعت ولن نرضى بها”، وأضاف: “عليهم أن يراعوا مشاعر المسلمين، وعلى الحكومة ألا تسمح بذلك بدعوى حرية النشر والتعبير، كونها تمس مشاعرنا وعقيدتنا”، متابعًا: “إعادة نشر الصور يؤجج مشاعر الغضب للمسلمين وإثارة للعنف في كل مكان”.
احترام الأديان
وبشأن إمكانية إثارة موجة غضب في أوساط المسلمين عقب نشر العدد، قال ادعيس: “نحن دعاة دعوة سمحة لا تشجع على العنف والإرهاب، وأدعو المسلمين إلى التروي ومعالجة الموضوع بعيدًا عن العنف والإرهاب”، فيما استنكر حسن الصيفي، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، نشر صحيفة “شارلي إيبدو”، الفرنسية، رسوم كاريكاتور مسيئة للنبي، معتبرًا نشرها “مخالفًا للمواثيق الدولية، واحترام الأديان”، ورأى الصيفي أن “نشر الكاريكاتير، سيثير موجة غضب عارمة في البلاد الإسلامية”، داعيًا “الحكومة الفرنسية، لمنع نشره، وإغلاق المجلة، التي افتعلت وبدأت بالإساءة للمسلمين ونبيّهم”.
وتابع، إن “سمحت فرنسا بنشر هذه الرسوم، فإنها قد تدفع بالمسلمين لردود فعل لا يريدها أحد، نخشى أن تتكرر حادثة شارلي إيبدو، نحن لا نؤيد قتل أي شخص مهما كانت ديانته، ودومًا سنلجأ للاحتجاج بصورة سلمية وقانونية”، ووصف الصيفي نشر “شارلي إبدو” للكاريكاتير بـ”الخطأ الفادح” الذي يجب تدراكه في أسرع وقت، حتى “لا يخلّف ردود فعل سلبية”.
عبداللطيف التركي – التقرير
http://goo.gl/Bkt0Z9