المالكي يرفض ويحذّر مِنْ ضرب المشروع الإسلامي.. هذا هو فحوى جزء مما قاله الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي، في حوار مع فضائية “السومرية” بُثّ أمس. المالكي لم يُفصح عمّن يراه مُقبلاً أو عاملاً على ضرب المشروع الإسلامي، لكنه ترك لنا تلميحاً يُشير إلى العِلْمانيين الذين ذكرهم صراحةً وهو يمهّد لتحذيره.
والآن لننظر في ما إذا العلمانيون متورطون في العمل لضرب المشروع الإسلامي. لكن قبل هذا: ما هو المشروع الإسلامي؟ ما تفاصيله؟ مَنْ مِن أحزاب الإسلام السياسي، بما فيها حزب الدعوة نفسه، قد طرح مشروعاً واضحاً ومتكاملا لإدارة الدولة في أيّ من الانتخابات التي شهدناها في السنين العشر الماضية؟
كلّ ما فعله العلمانيون أنهم، بعدما طفح الكيل لدى الناس، نزلوا مع كثيرين غيرهم بينهم إسلاميون، إلى الشارع في 2011 ثم في 2015، وحتى اليوم، مطالبين بإصلاح العملية السياسية. قادة أحزاب الإسلام السياسي أنفسهم ما انفكّوا يقرّون علناً بأنها عملية فاشلة وفي حاجة للإصلاح. السيد المالكي واحد من المُقرِّين بهذه الحقيقة. في إطار الإصلاح رفع العلمانيون شعار إلغاء نظام المحاصصة الذي يعترف قادة الإسلام السياسي، وبينهم المالكي أيضاً، بأنه بلاء على العملية السياسية وعلى الدولة.
العلمانيون وغيرهم من المتظاهرين، طالبوا أيضاً بتوفير الخدمات العامة الأساس (الكهرباء، الصحة، التعليم، الماء وسواها)، وبمكافحة الفساد الإداري والمالي الذي يقف وراء تردّي الأمن وانهيار نظام الخدمات العامة ووراء فشل الدولة برمّتها.
العلمانيون رفعوا شعار “باسم الدين باقونا الحراميّة”، ولا أظنّ أنّ عاقلاً يمكن أن يفهم من هذا الشعار بوصفه مسعى لمعاداة الدين أو لضرب المشروع الإسلامي، إن كان ثمة مشروع إسلامي عن حق.. هذا الشعار الذي وجد هوىً حتى لدى المرجعية الشيعية العليا، هو دعوة لصون سمعة الدين من الأدران التي لحقت بها من مسؤولي الدولة الفاسدين، وهم في الغالب قياديون وأعضاء في أحزاب الإسلام السياسي ويقدّمون أنفسهم بوصفهم أمناء سرّ الدين.
هذا ما فعله العلمانيون. ولو يتحلّى السيد المالكي بالموضوعية وينظر إلى الأمور بوجدان لوجد أنّ مطالب العلمانيين هي في صالح المشروع الإسلامي، إنْ كان ثمة مشروع.
ولو يتحلّى السيد المالكي وسواه من قادة أحزاب الإسلام السياسي، الشيعية والسنّية سواء بسواء، بالموضوعية وينظرون بوجدان إلى الأمور لاكتشفوا أنّ أحزاب الإسلام السياسي هي التي تعمل على ضرب المشروع الإسلامي، إنْ كان له وجود في الأساس. هي التي سنّت دستوراً ” لم يأتِ بشكل دستور يبني دولة، وفيه ألغام كثيرة”، و”كُتِب تحت دوافع خوف وطمع والرغبة بالعودة الى الماضي”، كما قال السيد المالكي بعظْمة لسانه في هذا الحوار وفي مناسبات عدة سابقة. حصل ما يعيبه المالكي في الدستور،لأنه هو وقادة الإسلام السياسي الآخرون أصرّوا على كتابة الدستور بأنفسهم، وهم الجهلة في هذا الأمر، ولم يفسحوا في المجال لخبراء القانون الدستوري وسواهم ليكتبوا مسودة الدستور.
ولو يتحلّى السيد المالكي، وسائر قادة الإسلام السياسي، بالموضوعية وينظرون بوجدان إلى الأمور للاحظوا أنّ أحزابهم هي التي استحوذت على دولة ما بعد صدام، وهي التي تعاملت مع هذه الدولة بوصفها غنيمة حرب فتنافست وتصارعت على حصصها من هذه الغنيمة، وفي إطار عملية الاستحواذ والمنافسة والصراع على السلطة والمال والنفوذ دفعت هذه الأحزاب إلى مناصب الدولة عناصر لا تُجيد إدارة دكاكين صغيرة، وكثير منهم من فلول نظام صدام، فيما حيلَ دون تولّي العناصر الوطنية والمهنية النزيهة والشريفة هذه المواقع. كانت النتيجة تفشّي الوصولية والانتهازية والفساد الإداري والمالي. هذا وسواه هو ما عمل ويعمل الآن على ضرب المشروع الإسلامي، إنْ كان هناك مشروع إسلامي بحقّ وحقيق.
لعِلْمِ السيد المالكي أنّ نشطاء ومثقفين إسلاميين (شيعة) يرون ما أراه، أنا العلماني.. وإذا أحبّ أنْ يعرف ويتوثّق أُحيله إلى: غالب الشابندر، إياد جمال الدين، غيث التميمي، ضياء الشكرجي، سليم الحسني، طالب الرماحي، صاحب الحكيم، وحتى عزّت الشابندر، ولا أستثني عادل عبد المهدي.
عدنان حسين
موقع المدى