لإيران مكاسب سياسية وأمنية وإقتصادية على أرض العراق سيتم تناول هذه المكاسب الثلاث على شكل مقالات منفردة تشرح كل مكسب وأهميته لدى إيران.
المكسب السياسي :
لن يكون سهلا على إيران تغيير الوجوه السياسية العراقية الفاعلة على الساحة العراقية في الوقت الحالي لأن هذا التغيير سيكلفها الكثير ..
أصبحت الصراعات السياسية في العراق لا تخفى على أحد منذ أبريل عام 2003 الى يومنا هذا، والرابح الاكبر من هذه الصراعات والانقسامات بلا شك هي الدول المجاورة للعراق كون العلاقات التي جمعت العراق بأغلب دول الجوار المحيطة به كانت سيئة ومتشنجة ايضا بسبب سياسة النظام المنعزلة آنذاك والمتقوقع على نفسه وحزبه فقط، فمن البديهي أن تدعم دول الجوار العراقي التغيير الذي حصل أثناء الاحتلال الامريكي للعراق، فكان للجار الشرقي للعراق “الجمهورية الاسلامية الايرانية” قصب السبق في إستغلال وإستثمار حالة الفوضى التي عمت البلد.
إستطاعت إيران إستغلال الفراغ السياسي بعد عام 2003 مباشرة وتمكنت من إحراز تقدم سياسي على الساحة العراقية في وقت قصير جداً، مما جعل البوصلة السياسية العراقية تتجه صوب الجار الشرقي للعراق متجاهلةَ الجار الغربي الذي ينقسم بين بلاد الشام ودول الخليج العربي والشمال الذي يطل على تركيا والجنوب الذي ينقسم كذلك بين دول الخليج وإيران ذاتها صنعت إيران بدقة وحرفية عالية مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية الموالية لها على أرض العراق، وساعدت على إدامة نمو وتطوير الاحزاب السياسية الشيعية الكبيرة طيلة فترة معارضتهم للنظام العراقي السابق الذي كان يترأسه صدام حسين، والتي كانت تتخذ من طهران منطلقاً لأعمالها كمعارضين ومطاردين من قبل النظام السابق.
عملت ايران على توحيد جميع الاحزاب والحركات السياسية فكراً ومنهجاً في العراق تحت شعار “أحكم ولا أكتفي بالحكم”، فطموحهم أكبر من فكرة تولي حكم العراق بكثير، كون إيران عقائدية أكثر مما هي سياسية، فهي تطمح وتعمل منذ سنوات على نقل نظام ولاية الفقيه الى العراق أو على أقل تقدير توأمته مع العراق شكلاً ومضموناً، فجميع هذه الأحزاب رسمت لها إيران سقفا لا يمكن تجاوزه ومن يفكر أن يتجاوزه فقد يحكم على مصيره السياسي بالإعدام، وهذا السقف يتمثل بالمصالح العليا للبيت الشيعي، تحدث خلافات بينهم؟ نعم تحدث ولكنها خلافات حزبية شكلية وليست مضمونية اغلبها تتعلق بمكاسب سلطوية وتحسين مناطق
النفوذ السلطوية، وهذه الخلافات تؤججها إيران نفسها لكي تجبرهم جميعاً اللجوء إليها بإستمرار لحل خلافاتهم على طاولة ايرانية!
إستثمرت إيران نفوذها في العراق عن طريق الاحزاب الموالية لها كورقة سياسية في ساحة المساومات الدولية، فإيران لها مشاريعها الطموحة مثل السعي لإمتلاك السلاح النووي وحق التوسع الإمبراطوري التي تعمل عليه منذ سنوات في المنطقة وحق التدخل في شؤون الدول التي يوجد فيها من يواليها بحجة نصرة المذهب وحلفائها مثل الحوثيين في اليمن والعلويين في سوريا والشيعة في االبحرين، ولن تتخلى عن هذه المشاريع مهما كلفها الأمر، ولذلك تسعى إيران بكل ما تستطيع من قوة الى إمتلاك أكبر عدد من الأوراق التي تؤهلها للمناورة السياسية وقوة المفاوضة على الساحة الدولية للإستمرار في تنفيذ مشاريعها التوسعية التي لا حدود لها.
أن فكرة تبديل الوجوه السياسية العراقية المدعومة من قبل إيران هي بمثابة “حلم إبليس بالجنة”، يحدث تبادل للأدوار فقط وصراع شبه دائم فيما بينهم على من يقدم لإيران الخدمة على أتم وجه، المشكلة أنهم يتصارعون على من يخدم إيران ولا يتصارعون على من يبني العراق !
مصطفى الحديثي
Save