لايزال الاقتصاد العالمي يشهد حالة من عدم اليقين افرزتها عدد من المستجدات على الساحة الدولية، وهي حالة تزيد من زعزعة الاقتصاد العالمي.
العديد من التحليلات كشفت في الآونة الاخيرة عن وجود مؤشرات بأن الاقتصاد العالمي قد يشهد نوعاً من الركود مجدداً ومرحلة من التغيرات العميقة،لاسيما مع مانشهده اليوم من تحولات متسارعة في كبرى الاقتصادات العالمية.
وفي اعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة شينغدو الصينية حذر المشاركين من ان قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي يفاقم من حالة عدم اليقين والغموض حيال الاقتصاد العالمي، وتعهدوا باستعدادهم لاستخدام جميع أدوات السياسة المالية والنقدية لدعم الاقتصاد العالمي والتنسيق بينهم، مشيرين إلى أن وضعهم الجيد يتيح لهم معالجة العواقب الاقتصادية والمالية المحتملة بشكل استباقي.
وحذرت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني من مخاطر الديون في الاقتصادات الناشئة، وجاء في تقرير صدر حديثا للوكالة أن مشكلة المديونية في الأسواق الناشئة في تصاعد، وأن ذلك سيجعل تلك الاقتصادات عرضة لهزات عنيفة إذا ما تغير المناخ الاقتصادي الدولي سلبيا.
وهنا نشير الى ما قالته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها لهذ العام، الى أن وتيرة نمو الاقتصاد العالمي متباطئة في الاقتصادات المتقدمة وانخفضت في العديد من الأسواق الناشئة.
كذلك لا يمكن اغفال الدور الذي تلعبه قضايا أخرى لا تقل أهمية عن المسألة البريطانية فهناك عوامل اخرى تشكل معيقا في طريق البيئة الاقتصاد العالمية، بينها “النزاعات الجيوسياسية والارهاب وموجة المهاجرين، وهي قضايا كانت وما تزال اهم العوامل التي تحدد مستقبل البيئة الاقتصادية.
صندوق النقد الدولي في وقت سابق خفّض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لسنتي 2016 و2017، محذرا من ان استمرار الغموض فترة طويلة قد يؤدي الى تباطؤ اقتصادي أكبر. وقد عديل خبراء الصندوق معدل النمو الاقتصادي المتوقع من 3.5% إلى 3.1 % حتى نهاية العام الجاري.
كذلك، هناك تحديات اخرى تهدد النمو العالمي، خصوصا التباطوء في الاقتصاد الصيني، وكذلك الهجمات الارهابية ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وقد أكد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ إلى أن “العالم لا يمكنه الاعتماد على الصين فقط لإنقاذه من انعكاسات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي “بريكست”، مؤكداً أنه “من المستحيل ان نتحمل عبء العالم باكمله”.
ودعا صندوق النقد الدولي بعض الدول، خصوصا المانيا والولايات المتحدة، الى زيادة الانفاق العام. ودعت مجموعة العشرين في بيانها الختامي الى استخدام “كل الادوات المتاحة” لإنعاش الحركة الاقتصادية، وتعزيز النفقات على البنى التحتية”، من أجل تشجيع معدلات النمو، ومن ثم انتهاء حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد العالمي في هذه المرحلة.
أيضا خفض البنك الدولي في سابق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.4 بالمئة في العام الحالي، انخفاضا من توقعه في يناير/كانون الثاني أن تكون نسبة النمو العالمي 2.9 بالمئة.
لقد تسبب خروج بريطانيا من البورصات العالمية 2.1 تريليون دولار، وهي سادس أكبر اقتصاد في العالم حيث يقدر حجمه بــ 2.678 ترليون دولار، هو الحدث الأهم حاليا على مستولى العالم وقد كان له دور بارز وما زال في ارباك الاقتصاد العالمي، وفرض حالة من عدم اليقين على مستقبل الاقتصاد العالمي، وربما نرى هزة عنيفة خاصة في أسواق المال والأسهم والعملات.
وبين محاولات التصدي للتبعات الاقتصادية والمالية لقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتباطؤ في الاقتصاد الصيني، والسعي لتحقيق نمو مستدام ومتوازن وشامل، تبقى حالة عدم اليقين تهيمن على الاقتصاد العالمي، وربما تستمر هذه الحالة الى العام المقبل.
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية