يجتمع اليوم كل من الرئيس التركي ونظيره الروسي في سانت بطرسبيرج الروسية، في أول لقاء بين الرجلين بعدما أسقطت القوات الجوية التركية مقاتلة روسية أثناء اختراقها أجواء البلاد في نوفمبر من العام الفائت. الموضوع السوري سيكون بطبيعة الحال من أهم المواضيع الإقليمية التي سيتم التطرق إليها في الاجتماع المذكور.
منذ شهر يونيو الفائت وحتى اليوم، هناك الكثير من الكلام عن اتفاق روسي-تركي في الملف السوري أو عن قرب التوصل إلى مثل هذا الاتفاق على الأقل، لكن الوقائع المتوافرة حتى لحظة كتابة المقال لا تشير إلى هذا الأمر على الإطلاق.
الموقف الرسمي الروسي لا يزال كما هو منذ البداية وكذلك الأمر بالنسبة إلى تركيا. وعلى الرغم من أن الأخيرة فقدت الكثير من أوراق الضغط التي كانت تمتلكها مقارنة بما كان عليه الأمر في بداية الثورة السورية إلا أنها لا تزال في اللعبة.
على الصعيد الاستراتيجي، يكمن الاختلاف الأساسي بين موسكو وأنقرة حول ما يتعلق بمصير الأسد، إذ ترفض روسيا حتى هذه اللحظة التسليم بضرورة خروج الأسد، ولم تبد أي ليونة في مناقشة هذا الموقف، وتقوم بالتهرب من الإجابة عليه من خلال القول إن مصير الأسد يحدده الشعب السوري، في إشارة إلى بقائه حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة على الأقل، وهذا الموقف يتناقض كليا مع الموقف التركي الذي يرى ضرورة رحيله مع بدء المرحلة الانتقالية.
تكتيكياً، هناك اختلاف بين الطرفين حول ما يتطلبه وقف حقيقي لإطلاق النار، والترتيبات التي يتم على إثرها إطلاق الانتقال السياسي. ما تريده موسكو، هو أن تقوم أنقرة بالتسليم برؤية موسكو أعلاه وبالاتفاق الأميركي-الروسي الأخير وأن تضغط على المعارضة السورية في هذا الاتجاه بعد أن تقوم بإغلاق حدودها كلياً.
قبل فترة قصيرة جدا، نقل سفير موسكو إلى أنقرة رسالة شفهية من وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف إلى نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو أطلعه فيها على نتائج المحادثات الأميركية-الروسية لاسيما الاتفاق الذي تم التوصل إليه في نهاية الشهر الماضي، وكرر بطريقة غير مباشرة الأمر نفسه.
منذ اليوم الأول لتدخل موسكو عسكريا في سوريا، كان لديها هدفان أساسيان في خلفية أجندتها المعلنة، الأول القضاء على المعارضة المسلحة (ليس داعش)، والثاني إغلاق الحدود التركية-السورية تماماً لمنع وصول أي نوع من أنواع الإمدادات، وذلك بهدف التمكين للأسد أولاً، ودفع المعارضة السورية عنوةً إلى التسليم بما يتم طرحه في المفاوضات.
بالنسبة إلى الجانب التركي، فهو يعتبر أن موسكو لا تريد أن تقوم بما يترتب عليها من مسؤوليات إزاء حقيقة أنها طرف في النزاع وأن دورها يقتضي بالضرورة الضغط على الأسد. فضلا عن ضرورة تراجعها فيما يتعلق بالموقف من بقاء الأسد.
لا شك أن موسكو ستتمسك بالاتفاق الأخير مع الولايات المتحدة كرافعة في المحادثات مع تركيا، فيما جاء انتصار المعارضة السورية في حلب مؤخرا كورقة من السماء إلى الرئيس التركي ليحسن موقعه قبيل اجتماعه مع بوتين، ومن المتوقع أن يشكل العامل الأمني ومكافحة الإرهاب أرضية مشتركة للانطلاق إلى مناقشة الملف السوري، لكن ذلك ليس كافياً حتى للقول إن الطرفين اقتربا من الاتفاق على الحل في سوريا.