أعلنت واشنطن أثناء زيارة رئيس وزراء العراق حيدر العبادي القائد العام للقوات المسلحة، أن بداية من أكتوبر المقبل تكون القوات العراقية أكملت استعداداتها لخوض معركة تحرير الموصل.
من جانبه بادر العبادي إلى الإعلان عن بدء اقتحام مدينة الشرقاط، التي فر منها تنظيم داعش دون استماتته في الدفاع عن مواقعه فيها.
أوباما ربما لديه الخبر اليقين في إشارته إلى صعوبة معركة الموصل، وذلك البعض من معطيات واقع التحركات والتجهيز على الأرض أو البحر، تزايد أعداد المقاتلين في الإسناد والتدريب المسبق والاتصالات ومجموعات خاصة من أعلى الكفاءات تساندها قواعد عسكرية ثابتة ومتحركة بعيدة نسبيا عن جبهة العمليات مزودة بسلاح جو متطور يستجيب للمعلومات الاستخباراتية عن التحركات والمواقع المستهدفة.
وكانت الأيام الأخيرة ميدانا عمليا لسرعة الاستجابة لتحجيم تهديدات متوقعة قد يلجأ إليها التنظيم في إحداث مفاجأة أو رد فعل مروع يؤدي إلى صدمة، وهو أسلوب اعتادت عناصر المجموعات الانتحارية القيام به لتحقيق توازن رعب يقلل فوارق التجهيز أو التسليح.
حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول أبحرت في طريقها إلى شرق المتوسط دعما للعمليات العسكرية لاستعادة الموصل، وعلى متنها 24 طائرة رافال ترافقها سفن دعم حربية متعددة المهمات تضاف إليها 12 طائرة موجودة أساسا على مقربة من العراق، إضافة إلى بطاريات مدفعية سيزار بمدى 40 كم تُحمل على شاحنات، وهي مدافع تعرف بالذكية موجهة بالليزر وخرائط الأقمار الصناعية جي بي اس ونسبة إصابتها للأهداف عالية ودقيقة، أصبحت جاهزة في شمال الموصل، أي تحت تصرف قوات البيشمركة التي تتدرب عليها بإشراف مستشارين من الجيش الفرنسي سيواصلون خدماتهم أثناء المعركة.
وهناك كتائب وفصائل بريطانية وتحالف جوي دولي يقوم بطلعاته منذ ما يقارب السنتين وشارك في عمليات طرد إرهاب داعش من مدن صلاح الدين والرمادي والفلوجة ومدن متناثرة في جزيرة وبادية العراق الممتدة إلى سوريا.
روسيا أيضا سارع وزير دفاعها، سيرغي شويغو، بالإعلان عن إرسال حاملة الطائرات أدميرال كوزنيتسوف إلى السواحل السورية لتنظم إلى مجموعة السفن الحربية وعلى متنها العشرات من المقاتلات من طراز سوخوي وأنواع أخرى وكذلك طائرات مروحية، في الوقت الذي تتوارد الأنباء عن 3 آلاف مقاتل روسي سيشارك في حصار وتطويق حلب.
الانطباع السائد أن داعش لا يمكن إخراجه من الموصل بحرب المنشورات وتداعي المدن والقصبات المحيطة بها كما القيارة أو الشرقاط، ولذلك التجييش الدولي مقياس لقوة داعش العسكرية؛ واحتمال استخدامها سلاح الكوارث أسلوبا لإرغام الطرف الآخر لإيقاف العمليات، والتفكر بالنتائج.
ونستدرج هنا مفردة التفكر بديلا للتفاوض، فداعش، كما أكدت لنا سوابق التنظيم ومواقعه الإلكترونية، غير قابل للتفاهم والحوار مع أي طرف دولي.
على مشارف أكتوبر الموصلي، أنباء عن شكوك بضربات لغاز الخردل من قبل التنظيم في معركة القيارة، رافقها الهجوم للمرة الثانية من قبل قوات التحالف على معمل آخر لداعش يقوم بصناعة عبوات الكلور الذي انتشر بعد إزالة أسلحة النظام السوري إثر ضربة الغوطة الشامية.
وفي مؤشر خطير يدلل على نية داعش في السيطرة على سد الموصل والتهديد بتفجيره، هو هجومان قامت بهما قوات التنظيم خلال الأيام الأخيرة على قوات البيشمركة في المنـاطق القريبة من السد، مع مخاوف لمصادر الاستخبارات الإيطالية من عدم قدرة القوة الإيطالية البالغ عددها 450 جنديا على تأمين حماية السد والعاملين في الشركة المكلفة بصيانة وتأهيل السد.
على مشارف أكتوبر الموصلي، على المجتمع الدولي العمل على استشراف واستنهاض الأمل والاعتراف بصياغة عالم جديد لا مكان فيه لإرهاب النظام الحاكم في سوريا، وإرهاب نظام الملالي في طهران ومقلديه في العـراق ولبنان واليمن وصادراته الطائفية، وإرهاب داعش وملاحقه؛ لننتهي من هذا الموت المعّلق فوق رؤوس شعوبنا كمواعيد إعدامات مؤجلة، ومن ثم نعيد اكتشاف الحياة كما لو أننا ندخلها أول مرة.
حامد الكيلاني
نقلا عن العرب