ما ان بدأت معركة تحرير الموصل مع فجر يوم السابع عشر من تشرين الاول عام 2016 حتى أصبحت معالم وأوجه هذه المعركة واضحة المعالم والدلائل واتسمت بانها تميزت عن باقي مثيلاتها من المواجهات التي خاضتها القوات العسكرية والامنية العراقية في مناطق عديدة من الاماكن التي كان يتواجد فيها مقاتلي داعش في مدن الانبار وصلاح الدين وديالى ، وبدأت بخطة محكمة واستراتيجية من عدة محاور بلغت ثلاث محاور رئيسية كا أهمها محوري (الخازر والكوير) وبمشاركة فعالة وميدانية وتنسيق عال ما بين القوات الكردية والقوات العراقية ، وبتقدم بطئ على المحور الجنوبي بداية من مفرق ناحية القيارة على الطريق الدولي الرابط ما بين محافظتي صلاح الدين -نينوى والمحور الشمالي المتواجد في منطقة سد الموصل وأتسم بتعاون ايجابي وتقدم ما بين القوات العراقية ومقاتلي الحشد الوطني الذي أطلق عليه (حرس نينوى) وباشراف أثيل النجيفي محافظ نينوى السابق .
ويمكن لنا أن نؤشر أهم صور وملامح الاسبوع الاول من بداية المعركة والذي تمثل بالأتي :
1.تواجد القوات العسكرية والأمنية العراقية من جنود وضباط الفرق (9-15-16) في محاور القتال كافة وداخل أراضي أقليم كردستان العراق ،وهذا حدث للمرة الاولى بعد خروج أخر جندي من محافظة كركوك بعد أحداث حزيران 2014 وسيطرة مقاتلي داعش على أجزاء كبيرة من المدينة ،وعدم موافقة قيادة الأقليم على التواجد العسكري لحكومة بغداد في الأقليم منذ بداية الغزو الأمريكي للعراق .
2.اتسم التواجد العسكري للقوات العراقية في أقليم كردستان بتعاون وانسجام وتنسيق كامل على أرض الميدان مع القيادات السياسية الكردية ومقاتلي البيشمركة الذين تواجدوا في جميع مناطق سهل نينوى . وتم تحقيق نتائج متقدمة ومتسارعة وبزمن قياسي واضح على جبهات منطقتي (الخازر والكوير) .
3.تمكنت القوات الكردية وبالتعاون مع الفرقة 15 من اقتحام ودخول قضاء الحمدانية وبمشاركة قوات مكافحة الارهاب بعد معارك ضارية وشرسة واجهتها أمام مقاتلي داعش وبالتالي أحكمت سيطرتها ومدت نفوذها على جميع مناطق القضاء والنواحي المحيطة به وهذا يشكل تقدما وانجازا تعبويا مهما على الميدان لأنه يقرب المسافة لهذا المحور باتجاه مدينة الموصل بمسافة 10-12 كيلو متر .
4.كان التلاحم الواضح والخطة الميدانية التي رسمت بتطويق مناطق (تلسقف -برطلة-بعشيقة ) أهميتها في تدعيم مسار المحور الخاص بقضاء الحمدانية ، وهذا ساهم في احكام السيطرة على ناحية برطلة وتلسقف وبالتالي وضع القوات الكردية أمام خطة جديدة بتطويق مركز ناحية بعشيقة من عدة محاور رئيسية بغية السيطرة عليها لما لها من مردودات ايجابية على سير المعركة والمواجهات العسكرية .
5.كانت الصورة الاوضح في الاسبوع الاول من معركة الموصل هي (المشاركة التركية) التي بدأت بقصف جوي لأهداف وأماكن تابعة لتنظيم داعش حول مدينة الموصل ثم تلاها المشاركة الفعلية للقوات التركية المتواجدة في أعالي هضبة ناحية بعشيقة بعمق 5كم والمطلة على مركز الناحية بقصف مدفعي مركز ومتواصل على مقرات وتواجد مقاتلي داعش والذي ساهم بفعالية متقدمة في احكام السيطرة على مركز الناحية من قبل القوات الكردية .
6.أبرز ما حصل في الايام الاولى للمعركة قيام مقاتلي داعش بعملية مباغتة نوعية بالسيطرة على عدة أحياء سكنية واستهداف مقرات امنية في وسط وجنوب مدينة كركوك وأهمها السيطرة على محطة كهرباء الدبس واستهداف مقر مديرية شرطة المحافظة وبعدها تمكنت القوات الامنية والقوات الخاصة التي ارسلت من مدينة السليمانية واشراك الحشد التركماني من السيطرة واعادة الامن والاستقرار للمحافظة ولكن هذه المفاجأة اوضحت مدى امكانية مقاتلي داعش في التواجد واحداث الثغرات الامنية والاستفادة من الفراغ الامني الموجود في عدد من المناطق حول مدينة كركوك .
7.الحدث الاهم تمثل بقيام مقاتلي داعش بمهاجمة مركز قضاء الرطبة التابع لمحافظة الانبار واحكام السيطرة عليه من ثلاث محاور رئيسية والتي شهدت انهيار قوات الفرقة الاولى والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وتم السيطرة على معظم الاحياء السكنية والمباني الحكومية من قبل داعش .
وتأتي أهمية التعرض على الرطبة كونه يرسل رسالة أخرى انه باستطاعته استهداف أماكن استراتيجية وتعبوية يستفاد منها اعلاميا واختياره للرطبة كونها تشرف على منطقة طريبيل والخط الدولي السريع وتجاور حدود الاردن وكونها ترتبط بمنطقة النخيب الاستراتيجية وتتصل بعقدة طريق 160 الذي يربط الخط الدولي بمحافظة كربلاء والمناطق الصحراوية المهمة .
ان هذه كانت أبرز الملامح للاسبوع الاول للمعركة فهل سنرى مفاجأت أخرى أم حسما متقدما للمعركة بمحاورها جميعا هذا ما سنراه في الايام والاسابيع القادمة .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية