الولايات المتحدة.. والحاجة الى الجدية بخصوص الإنفاق الدفاعي

الولايات المتحدة.. والحاجة الى الجدية بخصوص الإنفاق الدفاعي

 

الولايات المتحدة

 

 

جارلس لين: كاتب مقالات رأي في صحيفة الواشنطن بوست الامريكية

3/9/2014

ترجمة مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

 

في الايام التي سبقت قمة “منظمة حلف شمال الأطلسي” التي انعقدت هذا الأسبوع، قيل الكثير عن حقيقة أن الولايات المتحدة هي واحدة من عدد قليل من الدول الأعضاء الـ 28، التي تنفق أكثر من 2 %  من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، جنبا إلى جنب مع بريطانيا، وبالنسبة لإستونيا واليونان، فقد جرى تأهيل الاخيرة، بعد ان انهار ناتجها المحلي الإجمالي على نحو أسرع من ميزانيتها العسكرية.

ولا شك ان على الأوروبيين تحمل جزءاً من عبء الدفاع، إذ يصطفون اليوم لمقاومة العدوانية الجديدةالتي يبديها الرئيس الروسي فلاديميربوتين، وإقناع الولايات المتحدة، التي تنفق حاليا 3 دولار على الدفاع مقابل كل 1 دولار ينفقه حلفاؤها في منظمة حلف شمال الأطلسي، على مواصلة تقديم الدعم لهم.

بعد الأحداث التي جرت في أوكرانيا وفي شمال العراق، ينبغي إجراء تقييم واقعي ميزانيات الدفاع في الولايات المتحدة، والتي لا ترقى الى حصة البنتاغون التي تبلغ 3.8%  من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لتقديرات البنك.

وبموجب القانون الحالي، ووفقاً لتقديرات “مكتب الميزانية في الكونغرس” فان الإنفاق الدفاعي سينخفض بنسبة 2.7 % من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقد المقبل، بسبب اثار استمرار الحرب في أفغانستان.

ويمثل هذا أدنى مستوى للتمويل منذ قبل الحرب العالمية الثانية، وسيتعين عليها توزيع التزامات الدفاع، التي تتجاوز التزاماتها حيال منظمة حلف شمال الأطلسي. وخلافا لمعظم حلفائها الأوروبيين، فلدى الولايات المتحدة مصالح والتزامات وتحالفات في آسيا وفي أماكن أخرى.

والحقيقة ان تكريس الحصة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة أو أي بلد آخر لميزانية الدفاع، يكون مؤشراً رمزياً كونه لا يحتوي على أية معلومات حول الاستخدام الفعلي للأموال.

وتزايد تقليص ميزانية الدفاع في الولايات المتحدة قياسا لاقتصادها الكبير، يراد منه الاتجاه نحو أغراض، لم يعن بها. او لتحقيق ردع أو كسب الحروب هنا .

أفاد مكتب الميزانية في الكونغرس في يناير /كانون الثاني ان تكاليف الرعاية الصحية لوزارة الدفاع سيرتفع من 49 مليار دولارعام 2014 إلى 70 مليار دولار في 2028 (في التضخم المعدل دولار). بزيادة قدرها نحو 40 % من حيث القيمة الحقيقية. ونتيجة لذلك، فإن الرعاية الصحية التي تمثل 11 % من ميزانية الدفاع عام 2028،  لتشهد اليوم ارتفاعا يصل الى 9 % .

ويعد الانفاق هو النابض الرئيس من هذا النمو، وقد وجد مكتب الميزانية في الكونغرس ان هناك فوائد سخية تبذل على نحو متزايد، وبموافقة الكونغرس لصالح المتقاعدين العسكريين وليست بضمنها تكاليف رعاية من هو منخرط في الخدمة الفعلية وعائلاتهم.

ووفقاً لمكتب الميزانية في الكونغرس، فانه في ظل المناخ المالي، فان زيادة حصة وزارة الدفاع لن تكون كبيرة، وان النمو السريع في تكاليف الرعاية الصحية العسكرية، قد يجبر وزارة الدفاع لخفض انفاقها في مجالات أخرى، مثل هيكل القوة، والاستعداد العسكري، وتحديث أسلحة “أقل بيروقراطية: كل دولار ينفق على الفوائد الصحية للمتقاعدين فانه يقلل من نفقات تدريب وتجهيز الرجال والنساء، في زمن تصاعدت فيه تهديدات (داعش)، وسياسات بوتين في اوكرانيا.

وهو امر ينطبق على الرواتب العسكرية، التي تبلغ 51 مليار دولار في السنة المالية 2014، ومن المتوقع أن تنمو إلى 62 مليار دولار بحلول عام 2024.

وقد وثقت مجموعة من اللجان والخبراء، الفوائد التي يحصل عليها المتقاعدون، بوصفها احدى ادوات التوظيف، وفي الاغلب فان تأهيل العاملين لن يتم إلا بعد 20 عاما من الخدمة، وما هو أكثر من ذلك، فان كثيراً من المتقاعدين ممن هم في سن العمل، ويحصلون على الرعاية الصحية العسكرية المدعومة بقوة، وبإمكانهم الحصول على تأمين طبي من خلال الوظائف التي يشغلونها بعد تقاعدهم.

ويبدو ان الكونغرس لا يجرؤ على اجراء اصلاحات صغيرة على برنامج الصحة، وصولاً لتوفير المليارات، خشية من جماعات الضغط. وان الاتفاق الذي حصل في نهاية عام 2013 لجهة تقليص نقطة مئوية واحدة من معاش التقاعد العسكري، من نفقات غلاء المعيشة ، ادت الى توفير 6 مليارات دولار امريكي لأكثر من 10 اعوام، وهي نسبة ضئيلة، على ان هذا التقليص لا يدخل حيز التنفيذ حتى ديسمبر عام 2015، بسبب قوة جماعات الضغط للعسكريين المتقاعدين التي تعهدت بإلغائه.

والحقيقة هي إن الرعاية الصحية للمتقاعدين العسكريين والمعاشات بحاجة ماسة للإصلاح، وهذا ما ادركه الرئيس أوباما، لذلك قدمت عدد من المقترحات المتكررة للكونغرس، لكن المشرعين من كلا الطرفين ابدوا اعتراضاً، وذلك احتراما لجماعات الضغط، وعلى حساب القدرات الدفاعية للبلاد.

وفي الوقت ذاته، فان عدوان بوتين، وصعود (داعش)، اختبارات خطيرة، قد تتجاوز قدرة الغرب الديمقراطي على جمع وإنفاق الدولارات للدفاع؛ إنها اختبار لقدرتنا على التغلب على المصالح الضيقة وتحديد الأولويات. وغالباً ما يعزى فشل أوروبا، حتى الآن، في مواجهة هذه التهديدات الجديدة على نحو فعال، إلى الشعور بالضيق الاقتصادي، الذي بدوره ينعكس على ادارتها للازمات على نحو معقد وغير حاسم، مما يقلص من جديتها. وهذا كله صحيح. ولكن نحن مختلفون جدا؟

http://www.washingtonpost.com/opinions/charles-lane-the-us-needs-to-get-serious-about-defense-spending/2014/09/03/711d0092-3398-11e4-9e92-0899b306bbea_story.html?hpid=z3