يهدد التركيز الإيراني على الاستقطاب المذهبي شمال نيجيريا بتفجر موجة عنف بين المسلمين، وذلك بعد مواجهات بين مجموعات متنافسة سنية وشيعية في ذكرى عاشوراء.
يأتي هذا في ظل حديث عن حرب بالوكالة بين إيران والسعودية شمال نيجيريا بواسطة الجمعيات والمنظمات المقرّبة من كليهما.
وشهد شمال نيجيريا في ذكرى عاشوراء، موجة عنف في العديد من المحافظات، حيث هاجم سكان البعض من التجمّعات الحسينية في العديد من المدن حيث منعت السلطات الشيعة من تنظيم مواكب أحياء عاشوراء.
وقال مراقبون إن السكان المحليين بدأوا يشعرون بتوسع التأثير الإيراني بينهم، وخاصة مع نجاح طهران في بناء مساجد ومدارس دينية لأتباع المذهب الشيعي الذين استقطبتهم الحركة الإسلامية النيجيرية التي هي بمثابة حزب الله اللبناني، حتى أن قائدها إبراهيم يعقوب زكزاكي يقلد في خطبه أمين عام حزب الله حسن نصرالله، ويكنّى بنصرالله الأفريقي.
ودفع الدعم الإيراني السخي الحركة الإسلامية النيجيرية إلى تحدّي الدولة، ومواجهتها بالقوة، فضلا عن استهداف خصومها السنة الذين لا يحصلون على دعم سخي مثلها من الخارج.
ويأتي التركيز على نيجيريا ضمن خطة أشمل للتوسع في أفريقيا، وتستفيد إيران في ذلك من تراجع الجمعيات المدعومة من السعودية تحت وطأة الحرب على الإرهاب.
وقال بيتر فام، مدير مجموعة “أفريكا سانتر البحثية”، التابعة لمجموعة التفكير الأميركية “أطلانتيك كاونسيل” إن إيران لا تكتفي بمعاركها المكشوفة في الشرق الأوسط لتقوية تمددها في المنطقة، بل وضعت خططا منفصلة لتثبيت هذا التمدد في أفريقيا ذات الثقل الاستراتيجي والجغرافي والكثافة السكانية العالية، والتي يمثّل فيها المسلمون ثقلا كبيرا.
وتقول تقارير مختلفة إن الحركة الإسلامية النيجيرية تلقت من إيران دعما عسكريا وتدريبات على حروب العصابات واستخدام الأسلحة الخفيفة وتصنيع القنابل اليدوية، فضلا عن الدعم المباشر للدعاية الدينية وسفر قياداتها إلى إيران لتلقي التكوين الديني وإعلان الولاء للمرجعية هناك.
وزادت حدة رفض الشيعة في الآونة الأخيرة في شمال نيجيريا وخصوصا في كادونا التي يهيمن عليها السلفيون.
ولا تعترف الحركة الإسلامية النيجيرية بسلطة أبوجا وهي تؤيد إقامة نظام على الطريقة الإيرانية خصوصا في ولاية كادونا.
وتشير المواجهات إلى حرب بالوكالة بين الموالين للسعودية وإيران.
ويقول خبراء إن هذه الحرب بالوكالة القائمة في لبنان وسوريا واليمن وباكستان بصدد الانتقال إلى نيجيريا. لكنهم يشيرون إلى أن الدور الإيراني مكشوف وواضح فيما الدور السعودي محدود وغير واضح بالشكل الكامل، وإن كان هذا الغياب لا يلغي إبداء جمعيات سلفية رفضا مطلقا للتوسع المذهبي لأتباع إيران بين سنة نيجيريا.
واحتجت إيران رسميا لدى دولة نيجيريا على هجوم شنّه الجيش ضد مجموعة صغيرة من الشيعة في بلدة زاريا (شمال البلاد) نهاية 2015. وتدخل الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف للاحتجاج لدى أبوجا بسبب الحادثة.
وبدا الموقف الرسمي الإيراني وكأنه يتحدّث عن جالية إيرانية في نيجيريا وليس عن مجموعة من المواطنين النيجيريين تمّت مواجهتهم على خلفية محاولة إثارة الشغب والإخلال بالأمن بعدما استهدفوا قافلة يقودها قائد أركان الجيوش النيجيري يوسف بوراتاي في محاولة لاغتياله.
وقالت وسائل إعلام نيجيرية إن الرياض أكدت دعمها للعملية التي نفذتها سلطات أبوجا ضد عناصر الحركة النيجيرية الشيعية ووصفتها بأنها “معركة ضد الإرهاب”.
وأكد المحلل أبو بكر الصديق محمد أن “رد فعل إيران والسعودية على المواجهات في زاريا، يعكس تيارات طائفية”.
وفي مارس الماضي شارك رجال دين سعوديون في مؤتمر لحركة “إزالة” السنية التي تأسست في 1978 خصص لبحث “الأيديولوجيات الإسلامية المنحرفة” في نيجيريا. ومنذ ذلك الحين كثفوا خطبهم في نيجيريا.
وظهرت الحركة الإسلامية النيجيرية في 1978 كحركة طلابية قبل أن تتحول إلى مجموعة ثورية تستلهم ثورة 1979 في إيران. ثم أصبحت الحركة شيعية في 1996، ما فاقم الضغينة المتبادلة مع السلفيين بمن فيهم جماعة “إزالة”.
صحيفة العرب اللندنية