تلقى العالم بفتور انتخاب البليونير الأميركي دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة أمس، فيما رحب اليمين المتطرف في المقابل ببداية عصر جديد.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إن فوز ترامب «لا يسرني لكنه الرئيس المنتخب بحرية للولايات المتحدة وله الحق في أن نعطيه فرصة».
واعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن انتخاب ترامب رئيساً يفتح مرحلة من عدم اليقين، وقال إن نتائج الانتخابات الأميركية تتجاوز حدود الولايات المتحدة داعياً إلى «توحيد أوروبا قادرة على حماية قيمها». وأضاف هولاند: «سنكون حذرين وصريحين في محادثاتنا مع الولايات المتحدة». وجاءت لهجة هولاند بالغة البرودة واعداً أنه سيبدأ «بسرعة ولكن بحزم وتنبه» الحوار مع الإدارة الأميركية. أما أمين عام الحزب الاشتراكي الفرنسي جان كريستوف كامبدليس فقال: «اذا بقينا منقسمين ستنتصر مارين لوبن». وسارعت رئيسة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن قبل صدور النتائج النهائية إلى تهنئة ترامب بتغريدة على «تويتر»، وعقدت مؤتمراً صحافياً أمس، حيّت فيه «قرار شعب حر». وسرّعت صدمة انتخاب ترامب ردود فعل المرشحين الفرنسيين إلى انتخابات حزب الجمهوريين التي ستجرى في ٢٠ و٢٧ من الشهر الجاري وأبرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة السابق آلان جوبيه، فهنأ ساركوزي ترامب وشجعه في «مهمته الكبيرة والصعبة»، موجهاً تحياته إلى هيلاري كلينتون، معتبراً أن «نجاح ترامب هو رمز رفض الشعب الأميركي للأيديولوجية الواحدة»، منبهاً إلى ضرورة «الاستفادة من درس هذا الانتخاب لنكون متشددين وأقوياء».
أما جوبيه المفضّل في استطلاعات الرأي لانتخابات الجمهوريين الأولية، فحذر الشعب الفرنسي من أخطار التطرف والغوغائية على الديموقراطية، مشيراً إلى أن «الشعب الأميركي قال كلمته ديموقراطياً». ورأى رئيس الحكومة الفرنسية السابق دومينيك دوفيلبان أن «الشعبوية كثيراً ما تكون نابعة عن شعب مجروح علينا أن نحترمه».
وعلى غرار باريس، توقعت برلين أوقاتاً «أصعب» مع ترامب، فشددت المستشارة الالمانية انغيلا مركل للرئيس الأميركي المنتخب على أن «التعاون الوثيق» بين البلدين في المستقبل يجب أن يقوم على القيم الديموقراطية المشتركة، وذكرته بـ «مسؤوليته» على المستوى العالمي.
وقالت مركل إن «ألمانيا وأميركا تشتركان في قيم الديموقراطية والحرية واحترام حكم القانون وكرامة الانسان بغض النظر عن لون بشرته أو دينه أو جنسه أو ميوله الجنسية او قناعاته السياسية». وأضافت: «بناءً على هذه القيم أعرض تعاوناً وثيقاً على الرئيس المقبل للولايات المتحدة دونالد ترامب». ولفتت التي انتقد ترامب مراراً في الماضي سياستها حيال اللاجئين السوريين، إلى أنه سيتحتم على الرئيس المقبل «تحمل مسؤولية ستنعكس تبعاتها على جميع أنحاء العالم تقريباً» بسبب ما لبلاده من «قوة اقتصادية هائلة وطاقة عسكرية وتأثير ثقافي».
أما وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير فتوقع «أوقاتاً أصعب» على الصعيد الدولي مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض. وأضاف أن «ترامب أدلى خلال حملته الانتخابية بتصريحات لم ينتقد فيها أوروبا فقط، بل انتقد ايضاً بالتحديد ألمانيا».
وأوضح شتاينماير: «نتوقع كما أتصور أن تصبح السياسة الخارجية الأميركية في المستقبل القريب أقل وضوحاً»، داعياً إلى عدم التضحية «بالعلاقة بين ضفتي الأطلسي» التي تشكل «واحداً من أسس الغرب».
وكان المسؤول في الحزب المحافظ بزعامة المستشارة الألمانية، نوربرت روتغن الذي يترأس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب، أقل مراعاةً في رد فعله. فأعلن أن فوز ترامب «شرخ خطير ذو أبعاد تاريخية»، معتبراً أن الرئيس المقبل كان خلال الحملة «صوت التعصب والكراهية وحتى العنف». وخلص إلى القول أن فوزه «أكثر من خيبة، انه صدمة».
إلى ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي الرئيس الأميركي المنتخب إلى اجتماع قمة بمجرد أن يسمح وقته بذلك، مشيراً في خطاب لتهنئته بالفوز إلى أهمية الروابط الأمنية والتجارية بين الجانبين. وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في الخطاب: «اليوم صار توطيد العلاقات عبر الأطلسي أكثر أهمية من ذي قبل». وأضافا: «فقط بالتعاون الوثيق سيكون بإمكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إحداث تأثير لدى التعامل مع تحديات لم يسبق لها مثيل مثل داعش والتهديدات في شأن سيادة أوكرانيا وتغير المناخ والهجرة».
وقالا: «لحسن الحظ إن الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واسعة (النطاق) وعميقة: بدءاً من جهودنا المشتركة لتعزيز أمن الطاقة وتناول مسألة تغير المناخ ومروراً بالتعاون لمواجهة تهديدات لأمن جيران أوروبا شرقاً وجنوباً ثم انتهاءً بالمفاوضات في شأن اتفاق الشراكة في التجارة والاستثمار عبر المحيط الأطلسي – علينا ألا نضيّع أي جهد لضمان بقاء العلاقات التي تربطنا على قوتها واستمراريتها». ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اجتماعاً خاصاً الأحد المقبل عقب فوز ترامب.
واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن زعامة الولايات المتحدة «مهمة أكثر من أي وقت مضى» بعد فوز ترامب قائلاً إن «حلفاً قوياً يُعد أمراً جيداً للولايات المتحدة وأوروبا».
من ناحية أخرى، هنأ الرئيس الصيني شي جينبينغ الجمهوري ترامب بفوزه بالرئاسة الأميركية وقال إنه يتطلع إلى العمل معه والتمسك بالاحترام المتبادل بعيداً من النزاعات والمواجهات». وأضاف أن الصين والولايات المتحدة بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم، تتحملان مسؤولية حماية السلام والاستقرار العالميين وتشجيع الازدهار العالمي.
كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن موسكو مستعدة للمساهمة في إعادة بناء العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل رئاسة ترامب. ودعت حركة طالبان الأفغانية الرئيس الأميركي المنتخب إلى سحب قواته من أفغانستان.
وهنأ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس، ترامب معرباً عن أمله في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وهنأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، دونالد ترامب على انتخابه، متوقعةً الحفاظ على العلاقات القوية التي تربط بين البلدين.
أما بالنسبة إلى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي فإن التحالف مع واشنطن سيبقى ثابتاً لأن منطقة آسيا المحيط الهادئ «تشكل قوة محركة للاقتصاد العالمي».
رندة تقي الدين
صحيفة الحياة اللندنية