أنهت القوات العراقية المشتركة أسبوعها الأول منذ الإعلان عن دخولها كوكجلي، أول أحياء مدينة الموصل من المحور الشرقي، وبدء صفحة الاشتباكات المسلحة القريبة من دون أن تتمكن من تحقيق وعود سابقة أطلقتها قيادات في الجيش العراقي، أكدت أن بضعة أيام كفيلة للوصول إلى جسر القادسية وسط الموصل، بعد تحرير أول أحياء المدينة في ظل تأكيدات عن ارتفاع خسائرها البشرية بسبب العمليات الانتحارية والهجمات المباغتة من بين المباني والأزقة الضيقة.
وتعزو قيادات عسكرية عراقية ذلك إلى رمي تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) بكل ثقله في هذه المعركة، ومعرفته بالأحياء التي تجري فيها المعارك وبراعته في استخدام العمليات الانتحارية والفخاخ، فضلاً عن صعوبة الاستعانة بالطيران بسبب تقارب المسافة بين مقاتلي “داعش” والقوات العراقية المشتركة. وتركزت معارك أمس، الخميس، ولليوم الثاني على التوالي، في أحياء الميثاق والوحدة والشيماء والسلام والقدس والكرمة وعدن والزهراء والإخاء، بعد إحكام القوات العراقية سيطرتها بشكل مطلق على أحياء السماح والانتصار والتلفزيون وكوكجلي والملايين في المحور الشرقي، بينما بدا المحور الشمالي حيث منطقة السادة بعويزة هادئاً، باستثناء القصف المتبادل بين الجانبين، فيما سيطرت القوات العراقية على قرية العباس جنوب الموصل بشكل كامل، بينما تواصل مليشيات “الحشد الشعبي” تحركاتها باتجاه مدينة تلعفر على المحور الغربي للموصل، وسط معلومات، حصلت عليها “العربي الجديد”، تؤكد أنها تحقق تقدماً جيداً، من خلال سيطرتها على مساحات زراعية وقرى تقع على بعد 15 و20 كيلومتراً من مطار المدينة.
“ |
وشهد أمس، وفقا لضابط عراقي، أكثر من 10 عمليات انتحارية في أحياء شرق الموصل، ما أجبر بعض القوات على التراجع. وقال العقيد محمد نايف الطائي، لـ”العربي الجديد”، إن “الأحياء الشرقية باتت ساحة المواجهات، وداعش يعرف شوارع وأزقة تلك الاحياء أكثر من قوات الجيش”، لافتاً إلى أنه “تمت الاستعانة بطائرات صغيرة مسيرة على طول تلك الأحياء، تعمل بمثابة إنذار مبكر لتلافي الهجمات المباغتة التي ينفذها التنظيم بين حين وآخر على القوات العراقية”. ويضيف “تنحصر ساحة المعارك حالياً في أحياء الميثاق والوحدة والشيماء والسلام والقدس والكرمة وعدن والزهراء والإخاء بلا أي تغيير عن يوم الأربعاء، وهي عبارة عن كمائن وعمليات استهداف وانسحاب بين الطرفين، ويمكن وصفها فعلاً بحرب شوارع”، مؤكداً أن “وحدات خاصة ستصل خلال ساعات بهدف حسم ملف تلك الأحياء، ما سيمكن القوات العراقية من الانتقال إلى أحياء أخرى تعتبر قلب مدينة الموصل، مثل التأميم والنور والزهور والمصارف وغيرها”.
وعلمت “العربي الجديد” نقلاً عن مصادر في بغداد أن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، طالب الأميركيين بمشاركة مروحيات “الأباتشي” الأميركية بشكل متواصل للسيطرة على 12 حياً تقع عند أطراف المدينة. وقال مسؤول عسكري عراقي، لـ”العربي الجديد”، إن “الأباتشي” تشارك في المعركة لكن ليس بصفة مستمرة، وحالياً باتت هناك حاجة ملحة لها، خصوصاً مع عدم استطاعة طيران التحالف الحربي قصف مناطق الاشتباك بعد قصف بالخطأ طال مجموعة من الجنود العراقيين. ووفقاً للمسؤول فإن التنظيم يستعين بمقاتلين جدد، استقدمهم من سورية، في حرب الشوارع الدائرة حالياً، وأغلبهم انتحاريون يقومون بتفجير أنفسهم بعد نفاد ذخيرتهم. من جانبه، نفى قائد جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق عبد الغني الأسدي وجود أي تعثر في العمليات، مبيناً، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “البطء الحاصل طبيعي، ويتماشى مع ظروف المعركة”، مؤكداً أن “قواته أدخلت التنظيم في ثقب أسود، إذ يدفع بموجات من الانتحاريين والمقاتلين بشكل يومي وتتم إبادتها، وبالتأكيد هو لن يفعل ذلك إلى ما لا نهاية، فموارده البشرية والتسليحية محدودة”.
“ |
وأعلن المتحدث باسم قوات التحالف الدولي، الكولونيل جون دوريان، إن القوات المتقدمة والطائرات دمرت نحو 70 نفقاً كان عناصر “داعش” يستخدمونها لشن هجمات مباغتة من داخل المناطق ذات الكثافة السكانية. وقال: “كانوا قد أقاموا دفاعات دقيقة، ونفترض أنهم سيقومون بأي شيء وهم بين المدنيين لأنهم لا يهتمون بأحد”، مشيراً إلى أن الغارات الجوية ضربت مئات من مواقع التنظيم في حملة الموصل. وبالتزامن مع بدء الهجوم على مدينة الرقة السورية، أكد مسؤولون عراقيون أن الأميركيين يستعينون بقوات مشتركة من الجيش العراقي والبشمركة لقطع طريق الموصل ــ الرقة، منطلقين من منطقة صحراء ربيعة العراقية التي يسيطر عليها الأكراد، وتقع على الشريط الحدودي بين البلدين، وتتواجد فيها قوات أميركية داخل معسكر قرب سايلو (صوامع) الحبوب. وقال المقدم في قوات حرس الحدود، ضياء الدين علي السعدي إن الهدف هو قطع الطريق بين الرقة والموصل، والمهمة ستكون سهلة، فأغلب قوات “داعش” المنتشرة على الحدود انقسمت بين داعمة لجبهة الموصل وأخرى داعمة لجبهة الرقة، فضلاً عن أنها مناطق صحراوية، يسهل للطيران معالجة أي هدف فيها. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، يان كوبيس، أمام مجلس الأمن أول من أمس، “عملية التحرير هذه تشير إلى بداية النهاية لما يسمى بخلافة داعش في العراق”، موضحاً أن منظمات الأمم المتحدة الإغاثية تجهز لإيواء عشرات آلاف أخرى من النازحين مع اقتراب موسم الشتاء. وحذر من أن المصالحة واستعادة الثقة في الحكومة أمر ضروري إذا أريد للانتصارات ضد “داعش” أن تستمر.
أحمد الجميلي وبراء الشمري
صحيفة العربي الجديد