سعى حزب الله خلال العرض العسكري الذي قام به في منطقة القصير السورية لاستعادة صورة قوية لدى جمهوره تشوّهت في الآونة الأخيرة بسبب الخسائر التي مني بها في سوريا والتي أصاب وقعها الآلاف من العائلات الشيعية في لبنان التي فقدت أقرباء لها على الجبهات السورية.
وأثارت صور الاستعراض انتقادات واسعة في أوساط معارضي حزب الله في لبنان، كما دفعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التعبير عن قلقها بعد تداول معلومات عن ظهور آليات أميركية الصنع خلال العرض العسكري، ما اضطر الجيش اللبناني إلى التأكيد أن “الآليات المذكورة ليست من مخزون الجيش اللبناني وغير عائدة له”.
ورأت أوساط سياسية لبنانية أن توقيت الاستعراض العسكري يحمل دلالات متعددة الأبعاد، أولها أنه جاء في الأيام الأولى لبدء عهد ميشال عون الرئاسي الجديد وفي عزّ المداولات الجارية لتشكيل أول حكومة لهذا العهد برئاسة سعد الحريري، ما يفرض على الجميع ثابتة أن سلاح حزب الله هو خارج أي نقاش، خصوصا أنه بات جزءا من واقع إقليمي، لا شأن للداخل اللبناني بمآلاته.
واعتبر نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام اللبنانية أن “المقاومة لا تريد استثمار قوتها العسكرية في الصراع الداخلي اللبناني، وبالرغم من قوتها، فنحن نشارك في العمل السياسي والانتخابي مثل بقية الأطراف فنربح أو نخسر”.
ونفى حزب الله لاحقا في بيان أن تكون هذه التصريحات صدرت عن القيادي بالحزب.
واعتبرت هذه الأوساط أن الحزب، بعد نكساته السورية، مضطر لتذكير الرأي العام كما النخب اللبنانية بفائض قوته و”تعففه” عن استخدامها داخليا.
وقال قاسم خلال لقاء في مركز إسلامي، “أصبح لدينا جيش مدرب ولم تعد المقاومة تعتمد على أسلوب حرب العصابات”، إلا أن مكتب العلاقات الإعلامية في حزب الله أوضح في وقت لاحق أن قاسم قال إن حزب الله “بات أكبر من مقاومة وأقل من جيش” وليس “جيشا مدربا”، بما اعتبر محاولة من الحزب للتخفيف من الإحراج الذي يسببه ذلك للرئيس عون.
واعتبر المراقبون ذلك بمثابة رد على التصريحات التي أدلى جبران باسيل، وزير الخارجية اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر الحليف للحزب، والتي طلب فيها انسحاب الحزب والميليشيات من سوريا و”ترك سوريا للسوريين”.
غير أن أوساطا دبلوماسية رأت في الاستعراض العسكري حاجة إيرانية لإرسال رسائل إلى واشنطن وموسكو حول دورها المفصلي في تقرير مصير سوريا مستقبلا.
وترى أن طهران قلقة من الرياح القادمة من واشنطن بعد انتخاب دونالد ترامب، وأن النظام الإيراني يأخذ بجدية وعود الرئيس الأميركي الجديد بإلغاء الاتفاق النووي، وهذا ما يفسر التصعيد في الخطاب الإيراني والتلويح بالبدائل العسكرية كتلك التي تحدثت عن إقامة طهران قبل سنوات مصنعا لإنتاج الصواريخ في حلب وعن وجود قاعدة لإطلاق الصواريخ هناك.
صحيفة العرب اللندنية