كانت واحدة من أهم الانتقادات الرئيسية الموجهة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، عدم امتلاكه استراتيجية دبلوماسية للتعامل مع التوازن الدقيق في العالم، والتي قد تأجج بعض التوترات وتسمح لقوى عالمية أخرى بالظهور، ويقصد بهذه القوة هنا الصين التي بشكل كبير تلعب دورا فعالا عالميا.
ومحادثة ترامب المثيرة للجدل مع رئيسة تايوان، تساي إينغ وين، كسرت نحو أربعة عقود من البروتكولات بين الصين والولايات المتحدة، وعادت لفتح مسألة الدبلوماسية المثيرة للجدل، وأثارت أيضا غضب الجانب الصيني.
كما أن زيارة ترامب باعتباره مرشح جمهوري إلى المكسيك، تحولت إلى مشكلة سياسية كبيرة للرئيس المكسيكي انريكي بينا نيتو وفي ختامها أصدر الجانبين رؤيتهما المختلفة لما حدث، تماما كما حدث بشكل غريب بشأن الحديث بين ترامب ورئيسة تايوان.
وبالعودة إلى شهر أغسطس الماضي، ادعى ترامب أن الاجتماع مع بينيا نيتتو، لم يناقش فيه خطة ترامب بطريقة أو بأخرى إجبار المكسيك على دفع الأموال لفكرة بناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ولكن سرعان ما نشر فريق الرئيس المكسيكي على موقع تويتر تغريدة توضح أن ترامب أكد عدم دفع المكسيك ثمن هذا الجدار.
وبعد أسبوع من زيارة ترامب، أكد أن الاجتماع مع الرئيس المكسيكي انتهى دون أي نتائج، وكان مجرد نقاشات. وكما حدث مع المكسيك تظهر الآن تايوان، ولا يوجد أمر واضح بشأن الاتصال بين الرئيسة التايوانية وترامب، مما أثار غضب الصين، حيث تعتبر الحكومة الصينية تايوان، إقليما تابعا لها، وواشنطن تتبع نهج أن تايوان والصين بلد واحد منذ السبعينات، وتحقيقا لهذه الغاية لم يتحدث قادة الولاياات المتحدة وتايوان منذ ذلك الحين، لأن الحديث مع الحكومة التايوانية من الجانب الأمريكي، يعد اعترافا رسميا بها.
وبعد تسريب أخبار المكالمة مع الرئيسة التايوانية، بدأت ردود الأفعال تظهر، وأوضح ترامب أن إينغ وين، هي من بدأت المحادثة والمبادرة بالاتصال، وقلل من شأن الاتصال واصفا إياه بمكالمة تهنئة لفوزه برئاسة الولايات المتحدة. ولكن المتحدث باسم الحكومة التايوانية، اليكس هوانج، تعليقا على تغريدة ترامب، أوضح أن المكالمة كان متفق عليها مسبقا، وأضاف: بالطبع اتفق الجانبان في وقت سابق قبل إجراء الاتصال.
وذكرت الحكومة التايوانية أن الجانبين ناقشا تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتقارب الاقتصادي والأمني والسياسي بينهما، وبالتالي كل ما سبق جعل الصين غاضبة، وتستنكر أن هذا الاتصال كان فقط بغرض التهنئة.
كما هو الحال مع المكسيك، يمكن للعامة المقارنة والحكم على مدى اختلاف أحداث الروايتين، ربما بادرت تايوان بالاتصال، ولكن كان هناك شخص ينسق الأحداث ويرتبها قبل أن يتلقى ترامب المكالمة، وبالتأكيد لدى تايوان مصلحة في تحويل هذه المكالمة إلى صفقة كبيرة. ولكن التساؤلات الحقيقية هنا تتركز حول الأشخاص الذين يقدمون المشورة إلى ترامب، حين يتعلق الأمر بالعلاقات الدبلوماسية مع قارة آسيا حيث يأتي هذا الاتصال، بعدما نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا بشأن اهتمامات ترامب بالتواصل مع قادة العالم وأهمية تحضير فريقه لهذه المكالمات والعلاقات، لأن الرهانات في هذه الحالة أعلى بكثير من الصين والمكسيك.
وحتى لو من المفترض أن هذه المكالمة ليست صفقة كبيرة بين البلدين، إلا أن الأمر يعد مهما وكبيرا للصين، وقد تقدمت بكين بالفعل بشكوى رسمية للولايات المتحدة بشأن هذه المسألة، مؤكدة أنها لا تريد أي شيء يدمر العلاقات الصينية الأمريكية.
ريهام التهامي
واشنطن بوست
نقلا عن موقع البديل