كشف أول وزير خارجية لإيران بعد نجاح الثورة الإيرانية إبراهيم يزدي، عن تفاصيل مثيرة للعلاقات الإيرانية الأمريكية والعلاقات الإيرانية الإسرائيلية، خلال لقاء خاص مع وكالة “فارس” الإيرانية.
وحول قضية زيارة الوفد السياسي الأمريكي الذي بعثه الرئيس الأمريكي لطهران بقيادة مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي مك فارلين أو ما يعرف بفضيحة “إيران غيت”؛ قال يزدي في الحوار الذي ترجمته “عربي21”: “أنا لا أمتلك معلومات كافية عن هذه القضية، لكن مجيء مك فارلين إلى طهران كان بغرض تسوية القضايا من جانب أمريكا مع إيران”.
وأضاف وزير خارجية إيران الأسبق: “عندما أدرك الأمريكيون أن إسرائيل تسلّم السلاح لإيران، عرفوا بأن إيران تحتاج إلى صواريخ التاو”.
وتابع الوزير الإيراني السابق: “هذه الصواريخ المضادة للدبابات كانت منتهية الصلاحية، لكن إسرائيل كانت تخزّنها في مستودعاتها، وكانت تبيعها لإيران بـ12 ألف دولار للصاروخ، وعندما أفرغت إسرائيل مستودعاتها ذهبت إلى الولايات المتحدة لتشتري منها”. وأشار إلى أن “الأمريكيين لا يستخدمون هذه الصواريخ (التاو) حتى في المناورات العسكرية، رغم وجودها في المستودعات”.
وتابع أن أمريكا انتبهت إلى أن إسرائيل تشتري هذه الصواريخ بسعر ألفي دولار من أمريكا، وتبيعها لإيران بـ12 ألف دولار، مضيفا أن ذلك دفع الأمريكيين للتحرك وفتح قناة مباشرة للتواصل مع طهران.
واستطرد إبراهيم يزدي قائلا، إن الولايات المتحدة سألت إيران: “لماذا تستوردون أسلحتكم من إسرائيل؟ إذا عرف العالم ذلك فإنها ستشكل لكم فضيحة.”
وأضاف المتحدث أن التصرف الأمريكي أغضب الإسرائيليين، مشيرا إلى أن بوش الأب الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ذهب إلى إسرائيل.
وأوضح أن رئيس وزراء إسرائيل اعترض على تصرف أمريكا وقال: “شخصيا سأذهب إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي، وأريد التحدث معه بشأن هذه المسألة”، وخلص إلى أن الإسرائيليين قاموا بتسريب قضية مك فارلين في هذا السياق، كرد على الولايات المتحدة.
وحول طريقة وصول السلاح الإسرائيلي إلى إيران قال يزدي: “السيد قرباني من ضباط جهاز السافاك (جهاز الاستخبارات الإيراني في عهد الشاه) كان يعمل مع الموساد الإسرائيلي، وخلال الحرب العراقية- الإيرانية بعث برسالة لإيران يقول فيها: أنا ضابط وطني أقدس بلدي إيران، وأريد أن أساعد إيران في هذه الحرب، وأنا على اتصال مع سوق السلاح ولدي بعض الإمكانيات، إذا كنتم في حاجة إلى السلاح؛ بإمكاني تزويدكم”.
وأضاف المتحدث أن الضابط كان يشتري السلاح ويسلمه لإيران في تبريز، وفي المكان نفسه يستلم ثمن بضاعته نقدا، وأوضح إبراهيم يزدي أنه في إحدى المرات سلم لإيران 80 صاروخا من نوعية “الهاربون”، لكن طهران اكتشفت عبارة “صنع في إسرائيل” على الصواريخ أثناء اختبارها.
واستطرد المتحدث أن إيران، بعد ذلك، رفضت دفع ثمن السلاح، ونقل عن قرباني (السمسار الإيراني) قوله، إنه “مطالب بأن يدفع 15 مليون دولار لإسرائيل مقابل الصواريخ”.
وأضاف قرباني أنه “لجأ إلى تاجر سعودي واقترض منه 15 مليون دولار، على أساس أن يدفع للتاجر 18 مليون دولار بعد ثلاثة أشهر”.
واستدرك أنه بعدما رفضت إيران تسليمه ثمن السلاح، بعث برسالتين إلى حسين منتظري؛ نائب الخميني وكشف له زيارة مك فارلين مستشار الأمن القومي الأمريكي لإيران، وأكد في إحدى الرسائل بأن ضمن الوفد الأمريكي الذي زار إيران كان هنا ممثل رسمي لإسرائيل.
يذكر أن التاجر السعودي الذي كان يمول صفقة شراء إيران السلاح من إسرائيل، والذي عرفت لاحقا بفضيحة “إيران غيت”، هو تاجر السلاح السعودي الشهير عدنان خاشقجي.
وكشف إبراهيم يزدي بأن صحيفة “الشراع” اللبنانية هي أول من سربت خبر زيارة مك فارلين إلى إيران، وبعد نشر هذا الخبر عرف الأمريكيون عن علاقة حكومة ريغان مع إيران.
وتعليقا على قضية مك فارلين، قال يزدي: إن “زيارة الدبلوماسيين المعتمدين أو الأشخاص الذين توكل إليهم مهام دبلوماسية بغطاء عمل خاص يعتبر أمرا طبيعيا جدا، وفي العلاقات بين أمريكا وإيران، فإن زيارة مك فارلين لإيران تدخل في نفس النطاق، ولم تكن حالة استثنائية، لكن إخفاء زيارة فارلين لطهران وإبقاء القضية سرية هي التي أصبحت قضية”.
وأضاف: “وهذا يعني عندما يكون شخص مهتم، وينظر للقضية بصورة سياسية ويرى هناك شخص باسم مك فارلين مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي يزور إيران، والمسؤولون الإيرانيين يخفون زيارته، سيبادر بذهنه هذا السؤال! ما إذا كانت هناك زيارات أو اجتماعات أخرى بقيت طي الكتمان؟.”
وتابع: “إذا تم الإبقاء على سرية زيارة مك فارلين إلى إيران، هل ذهبت من إيران شخصيات بمستوى ماك فارلين إلى أمريكا وتم إخفاء هذه الزيارات؟ هذه النقاط التي تتبادر إلى الذهن حول قصة ماك فارلين.
وحول نفي المسؤليين الإيرانيين حينها علمهم بوجود مك فارلين في الطائرة التي وصلت طهران قال يزدي: “هذا كلام غير صحيح، وحتى هم أنفسهم لم يصدقوا هذا الكلام، ولكن كانت هناك توجيهات لإطلاق هذه التصريحات لأنه لا يمكن أن يزور هكذا شخص أمريكي دون وجود ضمانات وتنسيق”.
وحول عدم علمه كوزير خارجية بمفاوضات مك فارلين وزيارة الوفد الأمريكي لإيران قال يزدي: “في إيران ليس من المستغرب أن يحدث ذلك، في الوقت الذي لدينا وزير خارجية، من الممكن أن تتم بعض الاتصالات دون علم وزير الخارجية والآن أيضا يحدث نفس الشيء”.
وقالت مراسلة وكالة “فارس” إن “الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني كان الشخص الرابع ضمن الوفد الإيراني الذي تفاوض مع الأمريكيين في طهران، وأكد رفسنجاني ذلك في مذكراته ولكن لماذا روحاني ينفي ذلك؟”.
ورد يزدي قائلا: “في عالم السياسة هذا النوع من السرية شائع جدا وهو أمر ضروري.”
يذكر أن إبراهيم يزدي أول وزير خارجية بإيران بعد سقوط الشاه، وكان على خلاف واسع مع الخميني وخلخالي حول أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران والإعدامات التي نفذها بحق الآلاف من الإيرانيين بتهمة “معاداة الثورة الإسلامية الإيرانية”.
عربي21- محمد مجيد الأحوازي