بغداد – توقعت مصادر عراقية مطّلعة أن يتلقى الاحتياطي النقدي العراقي ضربة كبيرة خلال 2017، تهوي به إلى ما دون الثلاثين مليارا، بعد أن كان يناهز 80 مليار دولار قبل نحو عامين. وعزت ذلك إلى تضخم نفقات الحرب على داعش.
وكشف مسؤول بارز في وزارة الدفاع العراقية لـ”العرب” أن العراق ينفق ما يتراوح بين 2.3 و2.5 مليون دولار، يوميا، على الحرب ضد تنظيم داعش، منذ انطلاق معركة الموصل قبل ما يزيد على الشهرين.
وهذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها بغداد عن كلفة دقيقة أو تقريبية لنفقات الحرب ضد التنظيمات المتشددة، إذ يحرص المسؤولون العراقيون على التكتم بشأن هذه النفقات، نظرا لتضخم أحجامها وقلة الجدوى الناتجة عنها.
وقال المسؤول العراقي إن التحالف الدولي ينفق، حاليا، نحو 11.7 مليون دولار يوميا على عملياته العسكرية في سوريا والعراق، 7.8 مليون دولار منها تنفق في العراق.
وتسبب معدل الإنفاق العسكري المرتفع، وفي ضوء تدني أسعار النفط، في أضرار بالغة لاحتياطي البلاد النقدي الذي يديره البنك المركزي العراقي، إذ انخفض من 80 مليار دولار قبل عامين، إلى أقل من 60 مليارا أواسط 2016.
وتتوقع مصادر وثيقة الصلة بهذا الملف أن ينحدر إلى نحو 30 مليارا في صيف 2017، في ظل استمرار العمليات العسكرية في الموصل لطرد تنظيم داعش.
ولفت خبراء إلى أن هناك سوء إدارة لملف النفقات العسكرية، إذ يجري استخدام ذخائر باهظة الثمن ضد أهداف ليست حيوية، ما ضاعف الكلفة المالية للعمليات العسكرية.
تضاف إلى ذلك التعويضات المالية الكبيرة التي تتحملها ميزانية الدولة في ملف تعويض عوائل القتلى ومعالجة الجرحى في صفوف القوات الأمنية وفصائل ميليشيات الحشد الشعبي التي تحولت بفعل القانون إلى مؤسسة رسمية تنفق عليها الدولة.
هاشم الهاشمي: القوات العراقية تسرف في استخدام ذخائر عالية الكلفة في غير محلها
وأكد المحلل السياسي هشام الهاشمي لـ”العرب” أن هناك إسرافا في استخدام القوة النارية ذات الكلفة العالية، حيث يتم استعمالها في غير محلها، فمثلا منظومات الكورنيت، وهو صاروخ موجه مضاد للدروع روسي الصنع، تستعمل لمرة واحدة وبكلفة 50 ألف دولار في حالات خاصة أهمها التصدي للمفخخات المدرعة.
وبحسب الفيديوهات الموثقة، فإن بعض المقاتلين يستعملونها في ضرب أبراج القنص الداعشية والتحصينات الإسمنتية التي تمكن معالجتها بأسلحة مختلفة وكلفة منخفضة.
ويتم استخدام كثافة نارية مع كل مصدر ناري من العدو بطريقة فيها الكثير من الإسراف والقليل من الاحترافية.
ويتوقع الهاشمي زيادة أكبر في الإنفاق العراقي على الحرب، خلال الأسابيع القادمة، مع حاجة بغداد الملحة إلى تحقيق حسم عسكري في معركة الموصل، ما يعني استهلاك أسلحة وذخائر أكبر في وقت أقصر.
وقالت مصادر في البنك المركزي العراقي لـ”العرب” إن الانخفاض في مستوى احتياط النقد أمر طبيعي، ولا يمكن أن يشكل مصدر قلق قياسا بحجم التداول بالدينار والدولار.
ولا تقف مشكلات العراق المالية عند حد تغطية نفقات الحرب المرتفعة خلال 2017، بل تتجاوزها إلى ملف النازحين، إذ ينتظر ارتفاع عدد نازحي الموصل خلال الأشهر الثلاثة القادمة من 145 ألفا، إلى نحو مليون شخص، مع الوصول المتوقع إلى قلب الساحل الأيمن من المدينة، ذي الكثافة السكانية الهائلة، ما يضيف أعباء مالية جديدة على الحكومة العراقية.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد أعلن في أغسطس الماضي عن تقليص الميزانية المخصصة للوزارات مقابل الرفع في مخصصات الحشد الشعبي.
وأثمر ضغط الأحزاب الشيعية على زيادة مخصصات الحشد إلى نحو 2.6 مليار دولار لتشكل 3.6 بالمئة من إجمالي النفقات الحكومية في ميزانية 2016. وكانت تبلغ حوالي مليار دولار تقريبا في عام 2015.
العرب اللندنية