في خطوة قد تقلب موازين الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تواردت أنباء عن ترشيح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، لكرسي الرئاسة مرة أخرى.
وكشف موقع “المونيتور” الأمريكي، أن الرئيس الإيراني السابق لا يزال مستمرًا بنشاطه السياسي من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها في مايو المقبل.
ورغم إعلان نجاد في سبتمبر الماضي، عدم الترشح، استجابة لأوامر المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم دخول سباق الانتخابات؛ منعًا لحدوث انقسام شعبي في البلاد، إلا أن الموقع يؤكد أنه تراجع عن قراراه السابق.
واستند الموقع لتصريحات قيادي في التيار الأصولي المعتدل، الذي أشار إلى أن نجاد يواصل جولاته وإلقاء الخطب وتعريف الناس ببرامجه، الأمر الذي يوحي بأنه سيكون مرشحًا محتملاً للانتخابات المقبلة.
وأضاف أن نجاد يعتقد أن دعوة المرشد علي خامنئي له بعدم الترشح للانتخابات ليست أمرًا، بل هي نصيحة يحق له الأخذ بها أو لا.
وينتظر كثيرون نتائج الانتخابات الإيرانية التي قد تحدد خريطة جديدة لسياسة إيران مع المنطقة، خاصة أنها تعد أول انتخابات رئاسية بعد الاتفاق النووي الإيراني.
من ينافس؟
في حال قرر نجاد خوض السباق فسيكون عليه مواجه، الرئيس الحالي حسن روحاني، الذي يحاول أن يقتنص فترة رئاسية جديدة.
وأعلن شخصان رسميًا خوض الانتخابات القادمة منهم وزير سابق في حكومة نجاد؛ حيث النائب الإيراني محمد مهدي زاهدي، الذي ينتمي للتيار المحافظ، خوض الانتخابات الرئاسية.
وسبق أن شغل منصب سفير إيران السابق لدى ماليزيا، ووزير العلوم في حكومة الرئيس الإيراني السابق ورئيس لجنة التعليم والأبحاث بالبرلمان الإيراني السابق.
بينما أول من أعلن خوضه الانتخابات مرشح حزب مؤتلفة الإسلامي، وهو من أقدم الأحزاب الأصولية في إيران، وهو سيد مصطفى ميرسليم.
وشغل ميرسليم منصب وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي فى حكومة هاشمي رفسنجاني الثانية.
عودة بعد اختفاء
في يونيو الماضي، نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، تقريرًا يرصد عودة نجاد إلى الساحة السياسية الإيرانية، بعد أن تبوأ منصب رئاسة بلاده مرتين.
ظهر الرئيس السابق يتحدث إلى الناس عبر المساجد ملوحًا بإمكانية ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة، موجهًا اتهاماته للرئيس الحالي “حسن روحاني” بالفشل في الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران، قائلاً إن الاتفاق ضحى بالمشروع النووي الإيراني في مقابل مكاسب غير محددة المعالم.
وبعد أن أثار ظهور الجدل والتكهنات بعودة للحكم، لم يَطُل أمد التكهنات، أنهى خامنئي هذا الجدل وجاءت تصريحات المرشد الأعلى بعدما اجتمع بنجاد، ليعلن أن الظرف الراهن غير مناسب لترشحه لمنصب الرئاسة.
لماذا لا؟
ورغم التوقعات بعودته، إلا أن مراقبين يستبعدون ذلك الاحتمال؛ فنجاد طالما عادى الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي، والسبب الأهم هو رفض التيار المحافظ أن يقدم مرشحين للرئاسة، وأن التيار لديه أسماء لديهم شعبية أكبر من شعبية نجاد، ويستطيعون أن يخدمون سياستهم القادمة.
كما أن احتجاجات 2009 قد تدفع التيار للتفكير عشرات المرات قبل أن يخوض المغامرة، ففي يونيو 2009 ولمدة ثمانية أشهر؛ اشتعلت مظاهرات في إيران عقب رفض المرشحين السابقين ميرحسين موسوي، ومهدي كروبي، قبول نتائج الانتخابات، واتهام السلطات بتزوير النتائج لمصلحة نجاد.
ووصفت الاحتجاجات وقتها بالساخنة، ودخل فيها النظام الإيراني بشكل غير مسبوق في حالة طوارئ خشية إسقاط النظام، وأن تتحول إلى ثورة شعبية ضد النظام، وقتل عدد من المحتجين واعتقل المئات.
نسخته
وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه النسخة الأمريكية من الإيراني أحمدي نجاد، وقالت الصحيفة إن “الرجلين لديهما خلفيات مختلفة؛ ترامب سليل رجل أعمال ثري في نيويورك، والآخر نجل رجل متدين فقير”.
لكن تطابقت مواقف ترامب ونجاد الحادة؛ حيث هدد ترامب إيران بتمزيق الاتفاق النووي وأيضًا خطاباته العنصرية تجاه المسلمين والمهاجرين، فيما اتهم نجاد بالعنصرية عقب تأييده لمحرقة هتلر لليهود في الحرب العالمية الثانية، ورفض نجاد للاتفاق النووي الإيراني.
ورغم تصريحاته العدائية نحو أمريكا، لكن النسختان قد يكون بينهما علاقات قوية إذا ما فاز نجاد في الانتخابات القادمة، فقد عبر نجاد عن سعادته بفوز المرشح عن الحزب الجمهوري.
وكشفت مصادر إيرانية مقربة من الرئيس السابق يعتزم إرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب قبل أن يتسلم منصبه رسميًا.
وبحسب المصادر، فإن محتوى الرسالة سيركز على ضرورة أن يعمل ترامب بسياسة جديدة تتجاوز سياسة الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديمقراطي في المرحلة المقبلة، مضيفين أن الرسالة ستكون رسالة طمأنة لترامب باعتبار قوته تكمن في تمكنه من الوصول إلى الرئاسة الأمريكية.
نجاد والشرق الأوسط
“تركيا” هي من أكثر الدول التي اهتم بها نجاد خلال فترة حكمه، وزار أحمدي نجاد أنقرة لتعزيز العلاقات مع تركيا، لكن العلاقات توترت لفترة عقب إعلان الرئيس التركي عبد الله غول أنه يريد القضاء على الخطر النووي من المنطقة، مشيرًا إلى إيران.
وسعى أحمدي نجاد للمصالحة مع الدول العربية وعمل على إعادة العلاقات مع الدول العربية الرئيسية، وأبرزها مصر وحتى عام 2007، لم يكن لإيران سفارة في مصر، وزار مصر في زيارة تاريخية عام 2013، التقى خلالها مع كبار المسؤولين كما زار الأزهر الشريف.
وكان أول رئيس إيراني يزور العراق في 2 مارس 2008، وأعلن عن حرصه توطيد العلاقات بين بلاده والعراق.
توتر مع السعودية
بينما خليجيًا، فكان الوضع مختلفًا، فقد شهدت الفترة الماضية توترًا في العلاقات خاصة مع المملكة العربية السعودية، ففي 11 أكتوبر/ 2011 كشفت السلطات الأمريكية عن إحباط مؤامرة إيرانية لتفجير سفارة السعودية واغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير، وقد قالت الرياض إن الأدلة دامغة وإن إيران ستدفع الثمن.
ومنذ 2006 والعلاقات السعودية الإيرانية في تدهور بسبب نجاد، وشبه البعض الوضع أن عهد نجاد يتشابه مع مرحلة الخميني، ويزيد في درجة توحدها انفجار بعض الملفات الساخنة والمتمثلة في الشحن الطائفي.
وحذرت وقتها السعودية إيران من جهودها لنشر المذهب الشيعي في العالم العربي الذي تسوده الغالبية السنية، كما رفض الملك عبد الله التدخل الإيراني في القضية الفلسطينية، وقال عام 2007 “قضية فلسطين المفروض أن يحلها العرب وليس سواهم”.
كما حذرت السعودية إيران من برنامجها النووي، قائلة إن الكل سيدفع الثمن، وإذا كانت السعودية لا تمانع كدولة خليجية في امتلاك إيران برنامجًا نوويًا سلميًا؛ فإن لديها مخاوف معلنة من أن يصبح هذا البرنامج للتسليح العسكري، وهو ما يعني بروز قوة إقليمية نووية جديدة.
وفي 2009، قادت إيران هجومًا على السعودية واعترضت على تصرفات غير إنسانية وغير أخلاقية ضد الحجاج الإيرانيين، على حد زعمها، وهدد نجاد السعودية باتخاذ “قرارات مناسبة”، في حال “لم يتلقَ الإيرانيون معاملة مناسبة تليق بهم خلال أدائهم مناسك الحج”.
لكن في 2012، ظهرت بوادر هدوء في العلاقات مع اقتراب نهاية ولاية نجاد، حيث استقبل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الإيراني خلال القمة الاستثنائية الإسلامية بمكة المكرمة “معانقًا”.
وبث التليفزيون الرسمي السعودي اللقاء الذي ظهر فيه الرئيس الإيراني وهو يعانق العاهل السعودي الذي ظهر وهو يتكيء على “عصاه”، وأشار العاهل السعودي ، كما بث التليفزيون الرسمي السعودي على الهواء مباشرة، إلى الرئيس نجاد بالجلوس بجواره مباشرة.
هند بشندي – التقرير