دمشق – تتواتر تصريحات المسؤولين الإيرانيين الرافضة لمشاركة الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية على غرار المملكة العربية السعودية وقطر في المحادثات التي ستحتضنها العاصمة الكازاخية أستانة الاثنين المقبل، لحل الأزمة السورية.
وتأتي التصريحات الإيرانية لتعكس حالة القلق التي تعيشها طهران من إمكانية انفلات الأمور من يديها، خاصة على ضوء التقارب المسجل بين روسيا وتركيا التي تنسق تحركاتها في الملف السوري مع عدد من الدول العربية وعلى رأسها السعودية.
وتخشى طهران من أن يكون توسيع دائرة المشاركين بأطراف مناوئة لحضورها في المشهد السوري، الغاية منه محاصرتها وفرض جملة من الشروط عليها لعل في مقدمتها إخراج ميليشياتها من سوريا.
وتعول طهران على الآلاف من العناصر الميليشياوية الذين استقدمتهم من العراق ولبنان وحتى باكستان وأفغانستان على مدار الست سنوات الماضية لإنقاذ حليفها الرئيس بشار الأسد ولتثبيت حصتها من الكعكة السورية عند الحديث عن تسوية سياسية.
وهناك معطيات تتحدث عن أن إخراج المجموعات الأجنبية ستتصدر المباحثات في العاصمة الكازاخية.
وجدد رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ولايتي، القول لدى استقباله رئيس الوزراء السوري عماد خميس، الأربعاء، “مفاوضات أستانة هي نتيجة انتصار الحكومة السورية والشعب السوري وحلفاء سوريا، ويجب عدم السماح لحماة الإرهابيين ومن جهزوهم والذين هُزموا في ساحة الحرب أن يدخلوا من باب السياسة وينهوا الأمور لصالحهم”.
واعتبر ولايتي أن الولايات المتحدة “على رأس حماة الإرهابيين”، وأضاف “إذا سار الأمر على هذا المنوال، فهناك قلق من قيام السعودية وقطر أيضا بالسعي للمشاركة في هذا المؤتمر، في حين أن هذه الدول لعبت دورا أساسيا في تجهيز وإرسال الإرهابيين إلى سوريا”.
وأدلى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، المكلف بتنسيق العمل السياسي والأمني والعسكري مع روسيا وسوريا، بموقف مماثل الأربعاء “ليس هناك ما يدعو إلى مشاركة الولايات المتحدة في إدارة المبادرات السياسية في الأزمة السورية، ومن المستبعد أن تلعب دورا في مفاوضات أستانة”، معتبرا رغم ذلك أن بإمكان “الدولة المضيفة” دعوتها “بصفة المراقب”.
وقال إن إيران “بصفتها الداعم الرئيسي للحكومة السورية الشرعية في مكافحة الإرهاب، ستلعب دورا ناشطا في مؤتمر أستانة”.
ومن جهته اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي “ينبغي في المرحلة الراهنة الإبقاء على الإطار الثلاثي، وأي توسيع يمكن أن يزيد مخاطر الفشل. سياستنا تقضي بعدم إضافة بلدان أخرى في هذه المرحلة”.
وفي تكرار للموقف الإيراني رأى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أن مسألة اشتراك قطر والسعودية في مباحثات أستانة “ستناقَش عندما توقفان دعمهما للإرهاب”.
وصرح لقناة “الميادين” اللبنانية الأربعاء “كل من يريد العمل بإخلاص لحل الأزمة في سوريا يمكن أن يشارك في المحادثات”، مشترطا “أن يحترم سيادة سوريا ويحارب الإرهاب ويلغي المقاطعة”. وأضاف أن “على واشنطن أن تظهر صدقها في إرادتها للتعامل مع الحلول المطروحة”.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد أعلن الثلاثاء رفض إيران لمشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات. ونقلت وكالة “تسنيم” عنه القول بعد محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف “لم ندع الولايات المتحدة ونعارض وجودها”.
ويرى مراقبون أن موقف طهران المتصلب ليس مرتبطا فقط بالخوف مما قد يخرج به هذا المؤتمر، بل مرتبط أيضا بحالة التنافر المسجلة بينها وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي سبق أن لوح بإلغاء الاتفاق النووي مع طهران.
وتشكل الحجج التي تستند إليها طهران في رفض مشاركة واشنطن ودول عربية، ومنها أن توسيع دائرة المشاركين قد يودي بالمفاوضات إلى الفشل مجددا، حجة واهية وتتنافى مع الواقع، ذلك أن منطق الإقصاء لقوى فاعلة في الملف هو من سيقود فعليا إلى الفشل وهو ما تعمل عليه طهران. وجدير بالذكر أن إيران لم تكن منذ البداية متحمسة لمفاوضات أستانة وقد عملت على عرقلتها عسكريا، بيد أن الإصرار الروسي التركي حال دون الرغبة الإيرانية.
وتحاول إيران اليوم سياسيا، وضع العراقيل أمام هذا الاستحقاق، ويستبعد محللون أن تنجح في هذا المسعى، خاصة وأنها لا تملك خيارات أخرى، فيما يبدو الجانب الروسي متمسكا بإيجاد حل واقعي للأزمة، ويدرك جيدا أن ذلك لن ينجح دون الأخذ في الاعتبار مواقف الدول الإقليمية والدولية.
ويقول مراقبون إن موسكو تستند أساسا في إنجاح هذا المؤتمر إلى الدور التركي باعتباره الماسك بالفصائل على الأرض.
ودعم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ما ذهب إليه نظيره الروسي سيرجي لافروف، حول الترحيب بحضور الولايات المتحدة الأميركية.
وقال أوغلو إن مشاركة الأمم المتحدة، وتركيا، وروسيا، وإيران، والولايات المتحدة الأمريكية، باتت شبه مؤكدة في محادثات أستانة، وسيتم توجيه الدعوة للدول المذكورة من قبل كازاخستان الدولة المستضيفة.
العرب اللندنية