استهل الرئيس دونالد ترامب عهده بتفكيك مراسيم ومشاريع قوانين مررها سلفه باراك أوباما، فيما وصفه مراقبون في واشنطن بأنه أشبه بـ «انقلاب» على عهد الرئيس السابق، إذ أصدر البيت الأبيض أمس قراراً بتجميد كل مشاريع القوانين الفيديرالية والمراسيم التي أصدرها اوباما، وذلك غداة إصدار الرئيس الجديد مرسوماً يلغي مفاعيل قانون «أوباما كير» للتأمين الصحي.
وقام الرئيس الجديد بزيارة «تصالحية» لمقر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي)، في وقت بدأت نواة إدارته تتشكل متأخرة، بإقرار الكونغرس تعيين الجنرالين المتقاعدين جيمس ماتيس وجون كيلي وزيرين للدفاع والأمن الداخلي، فيما لا تزال تعييناته الأخرى تخضع لعوائق وعراقيل من جانب المشرّعين الديموقراطيين.
وبعد ليلة من المواجهات مع محتجين على تنصيب ترامب حوّلت واشنطن ساحة حرب، تمددت التظاهرات المناهضة للرئيس الـ45 للولايات المتحدة، إذ تجمعت مئات الآلاف من النساء في العاصمة الأميركية للتظاهر ضد الرئيس الجديد بالتزامن مع 600 تظاهرة أخرى في أنحاء العالم، من أستراليا وصولاً الى بريطانيا مروراً بألمانيا، وذلك لتسليط الضوء على ما وصفته المشاركات في هذه النشاطات «تهديداً تشكله الإدارة الأميركية الجديدة لحقوق المرأة».
وتزامنت موجة الاستياء من ترامب حول العالم، مع ردود فعل متفاوتة على الصعيد الرسمي في دول عدة، خصوصاً موسكو، حيث أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين سيتصل بنظيره الأميركي مهنئاً، مع الإشارة الى أن أي لقاء بينهما سيستغرق تحضيره شهوراً. ويتوقع أن تكون رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في طليعة الحلفاء الذين سيستقبلهم ترامب في زيارة رسمية، إذ يتوقع أن تتوجه ماي الى واشنطن في شباط (فبراير) المقبل. وتأكيداً لشعاراته خلال حملته الانتخابية، عمد ترامب الى توقيع مرسوم يلغي مفاعيل قانون «أوباما كير» للتأمين الصحي، كما أصدر كبير موظفي البيت الأبيض راينس بريبوس مذكرة تطلب تجميداً عاماً لكل مشاريع القوانين الفيديرالية او المراسيم الجديدة التي أصدرها أوباما الى حين مراجعتها من جانب الإدارة الجديدة.
واستهل الرئيس الجديد يومه الأول في السلطة أمس، بتغريدة على «تويتر» شكر فيها وسائل الإعلام وفي مقدمها «فوكس نيوز» على مراجعتها الايجابية لخطاب التنصيب.
ثم توجه برفقة أفراد عائلته الى كاتدرائية واشنطن، حيث انضم إليه نائبه مايك بنس وزوجة الأخير وعدد من الشخصيات المقربة لحضور مراسم صلاة شارك فيها رجال دين من مختلف الطوائف بإلقاء عظات ومداخلات شددت على الوحدة والتماسك ونبذ التفرقة.
وزار ترامب مقر الاستخبارات المركزية في لانغلي (فرجينيا)، حيث كان في استقباله مدير الـ «سي آي أي» جون برينان وكبار موظفي الوكالة، في زيارة وصفت بأنها تهدف الى «إعادة بناء الثقة» مع الاستخبارات في أعقاب السجال المتعلق بالقرصنة الإكترونية الروسية لمواقع الحملة الديموقراطية إبان الانتخابات، وهي اتهامات أكدتها الاستخبارات الأميركية وشكك بها ترامب.
يأتي ذلك في وقت يتوقع أن يقر الكونغرس غداً الاثنين، تعيين النائب الجمهوري السابق مايك بومبيو مديراً لـ «سي آي أي» بعدما رشحه الرئيس الجديد للمنصب. وبومبيو (52 سنة) من صقور الجمهوريين ويعتبر خصماً شرساً لإيران وكان مناهضاً لإدارة أوباما.
وقبل الزيارة، غرد شون سبايسر الناطق باسم ترامب أن الرئيس «يتطلع الى شكر الرجال والنساء في وكالات الاستخبارات»، في إشارة إلى عزم ترامب على تهدئة الجدل حول روسيا. وقبل أسبوع، نصح مدير الوكالة المنتهية ولايته برينان الرئيس الجديد بـ «الانضباط» حفاظاً على أمن الولايات المتحدة. وقال: «على ترامب أن يفهم أن التحديات تتجاوز شخصه، الأمر يتعلق بالولايات المتحدة والأمن القومي».
في الوقت ذاته، نشر البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني وثيقة تحدد الإطار العام لسياسة الدفاع التي سيعتمدها ترامب، وتركزت على «إعادة بناء الجيش الأميركي» و «عدم ترك دول أخرى تتجاوز القدرات العسكرية» للولايات المتحدة.
وعكست الوثيقة أيضاً رغبة ترامب في زيادة القدرات الدفاعية الصاروخية الأميركية في مواجهة «التهديدات البالستية الكورية الشمالية والإيرانية». كما تعهد الرئيس الجديد أيضاً بعمليات «قاسية» مع حلفاء الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» و «المجموعات الإسلامية الإرهابية والراديكالية» الأخرى.
في غضون ذلك (أ ف ب)، دشن آلاف في أستراليا ونيوزيلندا، نساء ورجالاً سلسلة تظاهرات ضد ترامب في سيدني وملبورن وولينغتون وأوكلاند، تعبيراً عن احتجاجهم على الإزدراء الذي عبر عنه ترامب إزاء النساء.
وامتدت التظاهرات الى مدن أوروبية عدة، وبلغت ذروتها في واشنطن حيث تجمع حوالى مئتي ألف شخص في باحة مقر الكونغرس (الكابيتول) حيث جرت مراسم تنصيب ترامب التي حضرها كما قال خبير، ثلث الذين جاؤوا لتحية سلفه باراك أوباما عند تنصيبه في 2009.
وأعلنت منظمات التظاهرات أن نحو 300 «مسيرة شقيقة» ستجرى في مدن أخرى في الولايات المتحدة بينها نيويورك وبوسطن ولوس أنجليس وسياتل. وأعلن شعراء وكتاب في حوالى ثلاثين ولاية أميركية ومدن في العالم عن قراءة نصوص أمام الحشود لإدانة ترامب.
وتمت الدعوة الى هذه التظاهرات عبر موقع التواصل الإجتماعي، وأطلقتها جدة تدعى تيريزا شوك وهي محامية متقاعدة تعيش في هاواي. وقال المنظمون إن نحو 600 تظاهرة ستُجرى السبت في العالم احتجاجاً على تصريحات ترامب ضد المرأة وكذلك ضد المهاجرين والمسلمين.
الحياة