قال محللون اقتصاديون إن صناديق الاستثمارات السيادية الخليجية مرشحة للعب دور أكبر في الاقتصاد العالمي، خاصة بعد إعلان السعودية تطوير صندوقها ليصل حجمه إلى تريليوني دولار.
وكشف ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن التوجه إلى تطوير الصندوق السيادي السعودي، لتصبح الاستثمارات المصدر الرئيسي للدخل، بدلاً من إيرادات النفط، متوقعاً أن يدر الصندوق استثمارات بأكثر من تريليوني دولار.
ويرى محللون أن معظم أموال الصناديق الخليجية مستثمرة في الخارج، وتقوم حالياً بدور في تحريك أسواق الأسهم والسندات العالمية، إضافة إلى أسواق العقارات الدولية نتيجة حجم استثماراتها الضخمة في هذه الأسواق.
و”صناديق الثروة السيادية” هي كيانات استثمارية ضخمة تقدر بتريليونات الدولارات، وهي مكلفة بإدارة الثروات والاحتياطيات المالية للدول، وتتكون من أصول متنوعة مثل العقارات والأسهم والسندات وغيرها من الاستثمارات، فهي بمثابة الذراع الاستثمارية للدولة ذات الفوائض المالية.
تاريخياً، تعود فكرة إنشاء الصناديق السيادية إلى منطقة الخليج، وتعد الهيئة العامة للاستثمار بالكويت أول صندوق للثروة السيادية في العالم، وتم إنشاء الصندوق عام 1953 لاستثمار فائض العائدات النفطية.
وتشير إحصاءات انطلاقاً من آخر بيانات معهد صناديق الثروات السيادية إلى أن إجمالي موجودات الصناديق الخليجية يبلغ حالياً نحو 2.67 تريليون دولار، أي ما يعادل أكثر من 37% من إجمالي موجودات صناديق الثروات السيادية العالمية.
ومعهد صناديق الثروة السيادية هو منظمة عالمية تهدف إلى دراسة صناديق الثروة السيادية والمعاشات وصناديق التقاعد، والبنوك المركزية، والأوقاف، وغيرها من أجهزة الاستثمار العام على المدى الطويل.
جهاز قطر للاستثمار يحتل المركز التاسع عالمياً والرابع خليجياً بقيمة استثمارات تبلع 256 مليار دولار (الجزيرة)
صناديق خليجية
ومن بين أكبر عشرة صناديق سيادية في العالم، توجد أربعة خليجية من السعودية والكويت وقطر والإمارات، وثلاثة صينية، ومثلها من دول العالم الأخرى، بحسب الإحصاءات.
ويُصنف صندوق أبوظبي للاستثمار -المملوك لحكومة الإمارة الذي بدأ نشاطه عام 1976- ثاني أكبر صندوق سيادي في العالم بعد صندوق التقاعد الحكومي النرويجي، وتقدر موجوداته بنحو 773 مليار دولار.
وتمتلك الإمارات عدداً من صناديق الثروة السيادية الأخرى، وهي مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية بمبلغ 183 مليار دولار، وصندوق مجلس أبوظبي للاستثمار بحجم أصول 110 مليارات دولار، وهيئة رأس الخيمة للاستثمار بنحو 1.2 مليار دولار.
وجاء صندوق الاستثمار التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في المرتبة الرابعة عالمياً والثانية خليجياً من حيث الحجم وتبلغ استثماراته 632 مليار دولار، يليه صندوق الكويت بقيمة 592 مليار دولار، ثم صندوق قطر (جهاز قطر للاستثمار) في المركز التاسع عالمياً والرابع خليجياً بقيمة 256 مليار دولار.
وتمتلك سلطنة عمان صندوقاً سيادياُ تبلغ أصوله 34 مليار دولار، بينما تبلغ أصول صندوق ممتلكات البحرين 11.1 مليار دولار.
ويقول رئيس شركة “ميريس الشرق الأوسط” للتصنيف الائتماني عمرو حسنين إن “التعديل الذي تعتزم السعودية إجراءه على صندوقها السيادي سيغير خريطة الاستثمارات السيادية حول العالم بوصفه الأكبر حجماً.
ومن المبكر الحكم على أدائه، لأنه لم يتم إعلان طريقة عمله وآلية إدارته، وبالتالي يبقى الانتظار للحكم على تأثيره على أرض الواقع.
وعلى عكس جيرانها الخليجيين، لا تستثمر السعودية بكثافة في الأسواق العالمية، ومن المعتقد أن البنك المركزي لديها يضع ما يزيد على نصف احتياطياته الأجنبية في أصول بالدولار منخفضة المخاطر قليلة العائد مثل سندات الخزانة الأميركية وحسابات بنكية.
“من المنتظر أن يصل حجم الصناديق السيادية الخليجية في أعقاب تنفيذ التوجه السعودي إلى نحو أربعة تريليونات دولار، أي ما يزيد على نصف حجم الصناديق العالمية”
مكانة عالمية
ومن المنتظر أن يصل حجم الصناديق السيادية الخليجية في أعقاب تنفيذ التوجه السعودي إلى نحو أربعة تريليونات دولار، أي ما يزيد على نصف حجم الصناديق العالمية.
وأضاف حسنين “تلعب الصناديق الخليجية دوراً عالمياً في اقتصادات الكثير من الدول، خاصة بعد تفاقم الأزمات والمشكلات الاقتصادية، ويمكن التعويل عليها لتحقيق الاستقرار في النظام المالي العالمي.
وأوضح خبير التصنيف الائتماني أن تلك الصناديق لا تزال تتمتع بتصنيف ائتماني جيد من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية على الرغم من التراجعات الحادة في أسعار النفط.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي الكويتي علي العنزي إن صناديق الثروة الخليجية تواجه ظروفاً صعبة في ظل تراجع النفط، واضطرت معظمها التي تعتمد على العوائد النفطية لحكوماتها إلى تسييل أصول بمليارات الدولارات لتقليل العجز غير المسبوق في الموازنات.
ورأى أن تلك الصناديق مطالبة بالعمل على تحسين عوائدها على المدى القصير، علاوة على خفض التكاليف، خاصة أنها توفر إيرادات بديلة للعوائد النفطية المتراجعة.
وتشكل موجودات صناديق السعودية والإمارات والكويت 91% و304% و343% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول على التوالي، في حين تعادل موجودات صناديق قطر والبحرين وعمان 122% و31% و24% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، وفقاً لبيانات إحصاءات حديثة لصندوق النقد ومؤسسات بحثية دولية.
وقال المدير العام لشركة “نماء” للاستشارات المالية طه عبد الغني إن الأرقام المتوقعة لحجم صناديق الثروة السيادية العالمية، التي تتجاوز ثمانية تريليونات دولار بنهاية العام الماضي ترشحها إلى دور اللاعب الأساسي في خريطة الاقتصاد العالمي خلال الأعوام المقبلة، منطلقة من دورها في تحريك أسواق الأسهم والسندات العالمية وكذلك أسواق العقارات الدولية.
المصدر : وكالة الأناضول