دعت كل من ألمانيا وفرنسا إلى التعاون الوثيق بين الأوروبيين كرد على الاتجاهات الشعبوية الصاعدة، وعدم اليقين في التوجهات الخاصة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقالت المستشارة ميركل، قبيل محادثات أجرتها مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في برلين، الجمعة، إن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، “لن نستطيع التحكم فيها إلا بالتعاون المشترك”. وأوضحت ميركل أن من بين الموضوعات الهامة في هذا الاتجاه الدفاع عن المجتمعات الحرة.
من جانبه، حذر هولاند من أن أوروبا مهددة في المقام الأول بمخاطر من داخلها، مشيرا إلى “زيادة التطرف الذي يستفيد من الظروف الخارجية لزعزعة الوضع داخل بلداننا”.
وأوضح “بصراحة شديدة.. التهديدات لأوروبا ليست فقط من خارجها. إنها تأتي أيضا من الداخل. ما أقصده هو صعود المتطرفين الذين يستغلون عوامل خارجية لإثارة الارتباك داخليا”.
وأضاف هولاند أن هناك تحديات تطرحها الإدارة الأميركية الجديدة في ما يتعلق بقواعد التجارة وحل النزاعات، الأمر الذي يدعو إلى الحديث مع ترامب عن هذه الأمور.
وواصل هولاند القول إنه من الضروري أن يقارب الأوروبيون بين مواقفهم، مبررا بالقول “فنحن أقوياء إذا تعاونا معا”.
وأكد أن لدى فرنسا الوسائل للدفاع عن نفسها، ولكنها بلد أوروبي ترى مصيرها مرتبطا بمصير الآخرين في أوروبا.
وقالت ميركل في إشارة إلى القمة الأوروبية المقبلة وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “نحتاج إلى اتحاد أوروبي قادر على معالجة المسائل الهامة التي نواجهها بحسم وسرعة”. وأشارت إلى أن هذا الأمر يرتبط بمسؤوليات وواجبات كل عضو بالاتحاد.
وقال هولاند “إن من المهم اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تصبح أوروبا موحدة سياسيا”.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع قالت ميركل إن الانفتاح وليس الشعبوية أو الاستقطاب أو العزلة هو الحل للتحديات العالمية المتمثلة في العولمة والعصر الرقمي.
وقالت ميركل في كلمة أمام قيادات كنيسة في فورزبرج “أعتقد أن بعد مرور ربع قرن على توحيد ألمانيا بعد نهاية الحرب الباردة ربما ستحل حقبة تاريخية محل حقبة تاريخية جديدة”.
وأضافت أن على الرغم من أن البعض يحلم “بالعودة إلى عالم صغير” فإن الحل المناسب ليس العزلة وإنما الانفتاح.
ولم تذكر ميركل ترامب بالاسم لكن تصريحاتها تتناقض بشدة مع وعوده بأن تكون “أميركا أولا” وأن تنسحب الولايات المتحدة من اتفاقات تجارية متعددة الأطراف، بالإضافة إلى شن حملة على الهجرة غير الشرعية وإقامة جدار على الحدود المكسيكية.
وقالت ميركل “لن نحرز أي تقدم عبر محاولة حل المشكلات من خلال الاستقطاب والشعبوية… يجب أن نظهر أننا ملتزمون بالمبادئ الأساسية لبلدنا”.
وكان ترامب قال إن ميركل ارتكبت “خطأ كارثيا” من خلال السماح لأكثر من مليون لاجئ معظمهم من المسلمين الذين فروا من حروب بالشرق الأوسط بدخول ألمانيا.
واستقبلت ميركل انتخابه في نوفمبر بعرضها العمل معه عن كثب على أساس قيم “الديمقراطية والحرية واحترام القانون والكرامة الإنسانية بغض النظر عن الأصل أو لون البشرة أو الدين أو الجنس أو الميول الجنسية أو الانتماء السياسي”.
من جهته حذر وزير الخارجية الألماني المنقضية ولايته، فرانك فالتر شتاينماير، خلال رحلة الوداع التي قام بها، الخميس، إلى العاصمة الفرنسية باريس، من خطر الاتجاهات الشعبوية المتطرفة.
وقال شتاينماير، مساء الخميس، خلال لقاء نقاشي عقد بوزارة الخارجية في باريس إن الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة ليست مهمة فقط لفرنسا وإنما لكامل أوروبا.
وأضاف “إنني أحثكم على مقاومة النافخين في الأبواق من أصحاب الاتجاهات الشعبوية”.
وأضاف الوزير قائلا إن أوروبا في أحلك أزمة منذ بداية الوحدة الأوروبية، مضيفا القول “ستقرر الانتخابات الفرنسية هنا كيف سنخرج من تلك الأزمة الأوروبية”.
وواصل شتاينماير القول “نحن نعلم من خلال التاريخ الطويل المشترك بين بلدينا أن القوميين لم يكونوا يوما جيرانا خيرين”. وتجري في أبريل ومايو المقبلين الانتخابات الرئاسية الجديدة في فرنسا.
وتشير الاستطلاعات الحالية إلى إمكانية تحقيق رئيسة الجبهة القومية المتطرفة مارين لوبن نتيجة تساعدها على خوض الدورة الثانية من الانتخابات.
وكانت مارين لوبن توقعت السبت خلال مؤتمر ضم الأحزاب الأوروبية اليمينية المتطرفة أن تحصل ثورة انتخابية في أوروبا ضد ما سمته “طغيان” الاتحاد الأوروبي.
وأعربت الأحزاب اليمينية الشعبوية في أوروبا عن تحمسها لتولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة.
وقالت فراوكه بيتري، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، إن ترامب أشار إلى “مخرج من طريق مسدود، وهذا بالضبط ما نعتزم فعله بالنسبة إلى أوروبا”. من جانبه، قال خيرت فيلدرز اليميني الشعبوي الهولندي والمعروف بمعاداته للإسلام إن هذه المرحلة تعد بمثابة “الربيع الوطني”.
وفي سياق التخوف من الصعود اليميني المتطرف حذر البابا فرنسيس في مقابلة نشرتها السبت الماضي صحيفة “ال باييس” الإسبانية من الحركات “الشعبوية” التي تتسبب فيها الأزمات وتدفع إلى انتخاب “منقذين” وإلى إحاطة النفس بـ”أسلاك شائكة”. وقال البابا خلال المقابلة في روما “بالتأكيد الأزمات تثير مخاوف وقلقا”، وذلك في وقت كان ترامب يؤدي اليمين رئيسا للولايات المتحدة.
وأضاف البابا “بالنسبة إلي، فإن مثال الشعبوية بالمعنى الأوروبي للكلمة، هو العام 1933 في ألمانيا”. فبعد الأزمة، وبحسب تعبير البابا، “بحثت ألمانيا عن قائد، عن أحد ما يعيد إليها هويتها، وكان هناك رجل (…) اسمه أدولف هتلر قال أنا أستطيع، أنا أستطيع”.
وشدد البابا على أن “هتلر لم يسرق السلطة”، بل “انتخب من قبل شعبه ولاحقا دمر شعبه”. وتابع البابا أن الناس يقولون “فلنبحث عن منقذ يعيد ألينا هويتنا ويحمينا بجدران وبأسلاك وبأي شيء، لكي لا يستطيع الآخرون نزع هويتنا”، معتبرا أن هذا الأمر “خطير جدا”، ودعا إلى الحوار. وأردف “كان هناك شعب في أزمة يبحث عن هوية، وظهر ذلك القائد صاحب الكاريزما وأعطى (للألمان) هوية مشوهة، ونعلم ما الذي حصل”.
وفي السياق نفسه اعتبر رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي الخميس أن فوز مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن بالرئاسة في فرنسا، أو فوز حزب البديل لألمانيا، سيعتبر “كارثة” تؤدي إلى “تدمير أوروبا”.
وقال المسؤول الإسباني ردا على سؤال حول احتمال فوز لوبن في فرنسا وفوز حزب البديل لألمانيا في برلين “أفضل ألا أفكر في هذا الاحتمال، لأنه سيكون كارثة وهذا يفترض بكل بساطة تدمير أوروبا”.
وتابع “لقد أعلنت لوبن عزمها على إجراء استفتاء حول الخروج من أوروبا، وهي تريد بكل بساطة مغادرة أوروبا وكأن الاتحاد الأوروبي هو أصل كل البلايا”. وتابع “من المهم لمستقبل أوروبا أن تجرى الانتخابات بشكل جيد في فرنسا وألمانيا”.
من جانبه دعا الرئيس الروماني كلاوس فيرنر يوهانيس، الأربعاء، الدول الأوروبية إلى اتخاذ تدابير عاجلة ضد انتشار نزعات الشعبوية، والتطرف، ومعاداة الأجانب.
ولفت يوهانيس، إلى أن “النزعات الشعبوية والحركات المعادية للوحدة، تشكل تهديدا لقيم المجلس والاتحادي الأوروبي”.
ولفت يوهانيس إلى أن العديد من الدول الأوروبية ستشهد انتخابات. وأعرب عن تمنياته بأن “تخسر الأحزاب المتطرفة”.
العرب اللندنية