واشنطن – قال مسؤولون أميركيون وأشخاص مقربون من فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن نقاشا جاريا في إدارة ترامب حول ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وإخضاعها للعقوبات الأميركية.
يأتي هذا فيما تسود تخوفات من أن تحارب إدارة ترامب المسلمين بدعاوى التطرّف في حين تسكت عن البيئة التي تصنع التطرّف، أي الجمعيات والشبكات الدعوية والمالية العابرة للدول التي تلقى في الغالب غطاء كاملا من منظمات حقوقية غربية، فضلا عن مواجهة خلط الدين بالسياسة في دول إسلامية متعددة ما يمثل أرضية مثلى لانتعاش الفكر المتشدد.
وقالت المصادر إن فصيلا يقوده مايكل فلين مستشار الأمن القومي لترامب يرغب في إدراج جماعة الإخوان على قائمتي وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وقال مستشار لترامب رفض نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع “أعرف أن الأمر يخضع للنقاش. أنا أؤيد ذلك”.
وأضاف المستشار أن فريق فلين بحث إدراج الجماعة على القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، لكنه قال إنه لم يتضح في نهاية المطاف متى أو ما إذا كانت الإدارة ستمضي في اتخاذ هذه الخطوة.
ويقول مسؤولون وأشخاص مقربون من فريق ترامب إن مستشارين آخرين لترامب والكثيرين من المسؤولين المخضرمين بالأمن القومي ودبلوماسيين ومسؤولين بوكالات إنفاذ القانون والمخابرات يقولون إن جماعة الإخوان تطورت بشكل سلمي في بعض الدول.
واعتبر مراقبون أن تناقض المواقف بين المسؤولين وغموض الأفق في السياسة الأميركية تجاه ملف الإخوان والشبكات الإسلامية كان أحد أسباب الفشل لدى الإدارات المتعاقبة في الحد من مخاطر الإرهاب.
وقال بروس ماكندو، الخبير في إدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب من واشنطن، لـ”العرب” إن “تصنيف الإخوان منظمة إرهابية قرار سياسي يستهدف من خلاله ترامب الحلفاء الخارجيين، لكنه سيتسبب في إزعاج كبير في الداخل.”
لكن كريس دويل، رئيس مجلس التفاهم العربي-البريطاني، قال من لندن إن “المشكلة هي أنك لا تستطيع أن تميز من هو إخوان ومن ليس إخوان. وقتها كل ما سيقوم به التنظيم هو تغيير اسمه كي يتفادى التبعات القانونية للقرار”.
كريس دويل: تنظيم الإخوان المسلمين قد يغير اسمه تفاديا للملاحقة
وأضاف دويل لـ“العرب” إن هذه الخطوة ستتسبب في تراجع علاقات واشنطن مع دول إسلامية داعمة للتنظيم مثل تركيا.
وقال دويل “من السهل أن يقول ترامب وفريقه إنهم سيقضون على كل هذه الجماعات، لكنهم لم يقدموا إلى الآن أي استراتيجية واضحة المعالم لإنهاء الصراعات المشتعلة في المنطقة”.
وسيكون الموقف من جماعة الإخوان هو الامتحان الأول الذي يعبر عن الفرق بين مؤسسة دعاية انتخابية لترامب، وبين مؤسسة حكم تدرك أساس المشاكل في تدخل الدين في السياسة وطبيعة تأثيره ليتحول إلى تشدد وإرهاب يستهدف المصالح الأميركية في الخارج والداخل.
ولم يتضح أي فصيل داخل الإدارة الأميركية ستكون له الغلبة. وطرح السناتور تيد كروز وعضو مجلس النواب ماريو دياز بالارت هذا الشهر تشريعا لإضافة الإخوان إلى قائمة الإرهابيين.
ووصف وزير الخارجية الأميركي المعين ريكس تيلرسون جماعة الإخوان بأنها “بوق للإسلام المتشدد” خلال جلسة التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ.
ويقول بعض المحافظين وناشطون مناهضون للمسلمين منذ سنوات إن جماعة الإخوان التي تأسست في مصر عام 1928 وسعت إلى إقامة خلافة إسلامية عالمية بالوسائل السلمية وفرت البيئة الملائمة لظهور الإرهابيين.
واعتبرت أوساط إسلامية أميركية أن الإدارات المتعاقبة لم تسع إلى الفرز بين المسلمين العاديين وبين الجمعيات المثيرة للجدل وارتباطاتها الخارجية تنظيميا وماليا، ونجاحها في اختراق الجالية عبر الجمعيات الخيرية ومختلف الأنشطة الدعوية.
ويعتقد على نطاق واسع بين مسلمي الولايات المتحدة أن الاختبار الأول لإدارة ترامب سيكون مدى حرصها على مواجهة الشبكات الإسلامية في الداخل الأميركي، وخارج الولايات المتحدة، وخاصة في بعض الدول بالشرق الأوسط التي لا تخفي دعمها السياسي والمالي لهذه التنظيمات.
وترى هذه الأوساط أن التدخل الأهم الذي يمكن أن يغير المعادلة جذريا ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة هو الضغط على دول إسلامية حليفة لواشنطن لتنهض بمواجهة أوسع مدى ضد الفكر المتشدد تقوم أساسا على تجفيف منابعه الفقهية، ومنع التسهيلات التي تقدم له من المؤسسات الدينية الرسمية.
وقال مراقبون إن رؤية ترامب في مواجهة الفكر المتشدد لن تكتفي بالحرب على الحركات المتطرفة، بل ستمر إلى ممارسة ضغوط جدية على الدول التي توظف الدين لإدارة الشأن السياسي والاجتماعي، وهي المهمة التي فشل في تحقيقها بوش الأب بعد هجمات سبتمبر.
ولم يستبعد المراقبون أن يعيد ترامب المطالبة بتعديل المناهج الدراسية في دول إسلامية والتي تتهم بأنها تربي الأجيال الجديدة على التشدد وكراهية الآخر والتحريض على القتل ضد المختلفين في الدين تحت عنوان الجهاد.
العرب اللندنية