تونس – دخلت الخطوط الجوية التونسية منعطفا جديدا هذا العام بعد أن أعلن المسؤولون في الشركة المملوكة للدولة عن خطة لإعادة هيكلتها بالكامل، حيث ستطال رياح التغيير الأولى المئات من الموظفين الذين سيتم تسريحهم على مراحل.
ويرتكز مخطط إعادة الهيكلة على الضغط على التكاليف وإعادة تنظيم الشركة وتعزيز الأسطول وتحسين جودة الخدمات خاصة على مستوى التموين.
وقال إلياس المنكبي، الرئيس المدير العام للشركة أمام لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة ومكافحة الفساد في البرلمان مؤخرا، إنه “أصبح من الضروري تسريح 1700 موظف على الأقل من بين ألفي موظف”.
وأوضح المنكبي، الذي تولى منصبه في ديسمبر الماضي، أن ارتفاع عدد موظفي الشركة أصبح من أكبر المشكلات التي تعيق نشاطها حاليا وأنه لا يمكن أن تتجاوز الأزمة التي تمر بها إلا في حال تسريح موظفين.
وأصدرت الشركة بعد ذلك بيانا أشارت فيه إلى أنها ستسرح نحو 400 موظف بشكل طوعي في مرحلة أولى هذا العام، بعد أن يصادق البرلمان على مشروع قانون أعدته وزارة الوظيفة العمومية يرمي إلى تسريح أكثر من 50 ألف موظف حكومي في 2017.
وبينما لم يذكر مدير الشركة التعويضات التي ستمنحها الشركة جراء هذه الخطوة، إلا أن مصادر حكومية تقدر تكلفة تسريح العمال والموظفين بحوالي 50 مليون دولار، في إطار الخطة التي تنتهي في أواخر 2020.
ويقول اقتصاديون إن تسريح الموظفين وفق خطط إعادة هيكلة للشركات الحكومية، ربما يكون حلا مؤقتا، لكنه لن يكون الوصفة السحرية لعلاج علل الاقتصاد التونسي.
وتعاني الخطوط التونسية من صعوبات مالية كبيرة نتيجة الخسائر التي تكبدتها عقب هجمات إرهابية استهدفت البلاد في 2015 وتسببت في شلل قطاع السياحة، فضلا عن المنافسة من شركات الطيران العملاقة.
إلياس المنكبي: أصبح من الضروري تسريح 1700 موظف لا حاجة للشركة إلى خدماتهم
لكن مراقبين يؤكدون أن الأزمة تكمن في السوق التونسية وليس في المنافسة، خصوصا وأن عددا من شركات الطيران الكبرى قد أوقفت رحلاتها إلى تونس، مما يعني استحواذ الخطوط التونسية على تلك الحصة.
وتشغل الناقلة الحكومية قرابة 8200 موظف، وهذه القوة العاملة بدأت تؤثر بشكل كبير على التوازن المالي للشركة، في ظل أزمتها التي جعلتها تسجل عجزا العام الماضي بنحو نصف مليار دينار (218 مليون دولار)، وفق الإحصائيات الرسمية.
وأعلنت الشركة في أكتوبر الماضي، أنها ستعيد الاستحواذ على فرعيها، الخطوط التونسية السريعة والشركة المختصة في مجال الأنظمة المعلوماتية (أيزا) من أجل تطوير نشاطها الذي شهد تراجعا في السنوات الست الأخيرة.
وترتكز إستراتيجية تونس في مجال النقل الجوي خلال مخطط التنمية 2016 – 2020 على تعزيز أسطول الشركة من الطائرات عبر شراء 5 طائرات هذا العام و12 طائرة جديدة خلال العام المقبل من نوع أيرباص، علاوة على تدعيم البنية التحتية لثمانية مطارات.
ويأتي هذا التوجه بينما تتأهب تونس لفتح مجالها الجوي مطلع مارس المقبل، وذلك في إطار اتفاقية السماوات المفتوحة التي ستنضم إليها على مرحلتين بهدف إنعاش قطاع السياحة بالأساس.
وقال هشام بن أحمد، وزير الدولة للنقل إن “المرحلة الأولى ستقتصر على فتح الأجواء بجميع المطارات باستثناء مطار تونس قرطاج الذي سيتم إدماجه في الاتفاقية في مرحلة ثانية عقب الانتهاء من إعادة هيكلة الخطوط التونسية”. ولم يذكر المدة التي ستأخذها الخطوة.
هشام بن أحمد: المجال الجوي سيفتح بجميع المطارات في المرحلة الأولى عدا مطار قرطاج
وتباينت مواقف النقابات حول هذه الخطوة. ففي حين تعتقد نقابات السياحة أن القرار سيسهم بدرجة كبيرة في إنعاش قطاع السياحة الذي تراجع كثيرا في السنوات الست الأخيرة، ترى نقابات قطاع الطيران أنه سيؤثر بشكل سلبي في القدرة التنافسية للخطوط التونسية.
وستبدأ تونس بفتح مجالها أمام الطيران الأوروبي مع بداية تطبيق القرار في مرحلة أولى، على أن يشمل كافة شركات الطيران العالمية في مرحلة ثانية.
وتتيح اتفاقية السماوات المفتوحة، التي دخلت حيز النفاذ في يناير 2002، وتضم قرابة 32 دولة حاليا، التنقل لشركات الطيران بأنواعها كافة بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي وبقية الدول الموقعة عليها.
وكانت تونس قد بدأت منذ 2007 مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول الاتفاقية، لكن القرار تأجل لسنوات عدة بهدف حماية القدرة التنافسية للخطوط التونسية.
وفتحت وزارة النقل في يونيو الماضي، تحقيقا داخل الخطوط التونسية بعد تلقيها تقارير تتحدث عن شبهات فساد مالي وإداري.
وتسعى الحكومة إلى كبح الخسائر التي تكبدتها معظم شركات القطاع العام الكبرى والتي بلغت في 2015 حوالي 1.5 مليار دولار، بحسب الإحصائيات الرسمية.
وقال عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية لرويترز الشهر الماضي، إن “الحكومة تدرس خططا لإصلاح أكثر من 100 منشأة حكومية تعاني من صعوبات مالية وهيكلية”.
العرب اللندنية