واشنطن – تتلمس الولايات المتحدة طريقها نحو استراتيجية حادة في التعامل مع الإسلاميين، عبر الإسراع في عزلهم وحصار تنظيمات لطالما ساهمت في نشر التشدد ودعم أفكار دينية متطرفة.
ولا تملك الولايات المتحدة خبرة تذكر في التعامل مع الإسلاميين على أراضيها، إذ لم تكن يوما قاعدة يمكن لتنظيمات متشددة الانطلاق منها نحو دول العالم الإسلامي. ولعب البعد الجغرافي الدور الأكبر في إبقاء الأميركيين بمعزل نسبي عن تحولات عقائدية كبرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وحدث عكس ذلك في دول أوروبية أقرب كثيرا إلى المنطقة. ومع الوقت تحولت بريطانيا إلى نقطة انطلاق التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وساهم ذلك في صقل مؤسسات أمنية بريطانية باتت لا مثيل لها في التعامل مع الإسلاميين، إذ شهدت طوال عقود مواجهات ضد الإسلاميين تارة، وروضتهم أو تفاوضت معهم تارة أخرى.
ومن أكثر المسؤولين البريطانيين خبرة بالإسلاميين، سفير بريطانيا السابق في السعودية السير جون جنكينز، الذي أجرى في 2014 تحقيقا موسعا حول علاقة الإخوان المسلمين بالعنف.
وخلص التقرير، الذي أمر بإجرائه رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون واستغرق عاما ونصف العام، إلى أن الأيديولوجيا التي يتبناها الإخوان هي مدخل للتشدد والعنف.
وتستضيف جامعة جورج واشنطن السير جون وسط زخم متصاعد في البيت الأبيض والكونغرس الأميركيين حول تمرير قانون يصنف تنظيم الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
فرانك غافني: روبرت موللر أعلم قادة الإخوان بتدمير ملفات سرية مسيئة للإسلاميين
ولدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤية هي الأكثر تشددا بين إدارات أميركية تساهلت كثيرا في السابق مع جماعات الإسلام السياسي، ونظرت إلى بعضها كبديل لأنظمة حكم تقليدية في العالم العربي.
ويعتبر وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون أن بلاده يجب أن تضع في أولوياتها مواجهة تنظيمات داعش والقاعدة والإخوان والحرس الثوري في إيران.
ووقع ترامب أمرا تنفيذيا يطلب من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وقادة الأركان المشتركة ووكالات أخرى وضع خطة أولية للتقدم في سبيل “القضاء على داعش” في غضون 30 يوما.
وتحاول إدارة ترامب تقويض سياسات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الذي حاول تبني نهج فعال للتقارب مع العالم الإسلامي، لكنه وقع في فخ الإسلاميين.
ويقول فرانك غافني، مؤسس ورئيس مركز السياسات الأمنية الأميركي إن “مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) السابق روبرت موللر التقى مع قادة كبار في جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، كي يعلمهم أن ملفات سرية تابعة لإدارته سيتم تدميرها لأنها قد تحوي عبارات مسيئة للإسلاميين بشكل عام”.
وأضاف “هذه السياسة منحت الإسلاميين سيطرة فعالة على ما يجب على الإف بي آي أن تقوم به خلال حربها على الجهاديين”.
ويعتقد مناهضون أميركيون للإسلاميين أنه بعد مرور قرابة 16 عاما من أحداث 11 سبتمبر، لم تبرح الولايات المتحدة مقعد الخاسر في معركة طويلة مع جهاديين بات حضورهم أقوى من أي وقت مضى في الغرب.
ويقول غافني “الحقيقة هي أننا نستطيع قتل أكبر عدد ممكن من الرجال السيئين بأقسى الوسائل، لكن سمحنا بتقوية الأيديولوجيا التي ينشرونها بين الإسلاميين بأميركا ودول أخرى، فسيكون محكوما علينا بالهزيمة”.
وفي منتصف الشهر الجاري، سيناقش الباحث المتخصص في شؤون الإخوان لورينزو فيدينو، والباحث في برنامج “التطرف” التابع لجامعة جورج واشنطن، السير جون جنكينز في احتمالات حظر الإخوان في الولايات المتحدة، وتداعيات استراتيجية ترامب لمكافحة جماعات الإسلام السياسي في الغرب والشرق الأوسط.
العرب اللندنية