الرياض – تواصلت الاتصالات بوتيرة مكثّفة بين إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وقادة بلدان مجلس التعاون الخليجي، موضّحة معالم توجّه لدى الطرفين نحو تفعيل تحالفهما الاستراتيجي بمواجهة المخاطر ومهدّدات الاستقرار بالمنطقة وفي مقدّمتها إيران والتنظيمات الإرهابية، ما شرّع لخبراء أميركيين القول إنّ طهران لم يعد بإمكانها مواصلة تدخّلاتها في بلدان الجوار بعودة واشنطن لحلفائها التقليديين.
وفيما بحث العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، “سبل تنمية العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين، والتطورات في الشرق الأوسط”، أجرى الرئيس دونالد ترامب اتصالين هاتفيين مع كلّ من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي كان له أيضا اتصال هاتفي مع الوزير تلرسون تطرقا خلاله إلى التطورات الإقليمية والدولية.
وسبق للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي أن تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس دونالد ترامب تم خلاله بحث العلاقات الإماراتية الأميركية وقضايا المنطقة وتطوراتها.
كما سبق لترامب أن أجرى مكالمة هاتفية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكان لوزير دفاعه جيمس ماتيس مكالمة مماثلة مع الأمير محمّد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي، بشأن تنسيق جهود البلدين في مجالات الأمن والدفاع.
وقياسا بقصر الفترة التي قضاها ترامب في الحكم إلى حدّ الآن والتي تتجاوز العشرين يوما بقليل، فإن وتيرة تواصل إدارته مع بلدان الخليج تبدو كثيفة جدّا ما يوحي بأن هذه الإدارة مرّت إلى السرعة القصوى ودخلت في ما يشبه السباق ضدّ الساعة لتدارك أخطاء الإدارة السابقة بقيادة باراك أوباما، والتي كادت تكلّف الولايات المتحدة خسارة تحالف استراتيجي مع بلدان الخليج، فيما أطلقت يد إيران لتعيث في محيطها.
وأكّد خبراء أميركيون هذا المنحى في مؤتمر نظّمه معهد هدسون للأبحاث الاستراتيجية في العاصمة واشنطن خلصوا فيه إلى أنَّ الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب بصدد العودة بقوّة لحلفائها التقليديين في الشرق الأوسط، الأمر الذي سيحد من دور إيران في المنطقة.
مايكل دوران: دول الخليج ستلعب دورا محوريا في ظل سياسة ترامب بالشرق الأوسط
وخلال المؤتمر الذي عقد تحت عنوان “حلفاء أميركا التقليديون في ظل الإدارة الجديدة: السعودية ودول الخليج”، رأى الخبير مايكل دوران، أن إيران خلال السنوات الثماني الماضية، في فترة الرئيس السابق باراك أوباما، أوجدت لنفسها مساحة كبيرة في الشرق الأوسط، كاليمن وسوريا، إلا أنها لن تكون كذلك في ظل الإدارة الجديدة.
وتطرق دوران إلى إدانة واشنطن للتجربة الصاروخية الإيرانية قبل عدة أيام، والتحذير الشديد الذي وجهه البيت الأبيض لطهران.
وأشار إلى أنَّ المملكة العربية السعودية ودول الخليج ستلعب دورا محوريا في ظل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.
أما خبير الشرق الأوسط بمجلس حلف شمال الأطلسي محمد اليحيى فأكّد أنَّ واشنطن تحت إدارة ترامب، ستعود للتنسيق والتعاون مع حلفائها التقليديين.
وأوضح أنَّ طهران ستحاول معرفة ردة فعل واشنطن عبر وكلائها بإجراءات من قبيل المطالبة بطرد الأميركيين من العراق على سبيل المثال.
وقال الخبير الاستراتيجي علي الشهابي إنَّ إيران استفادت من الاشتباكات والحروب التي تشهدها المنطقة مشيرا إلى أنّ “داعش وتنظيم القاعدة لا يشكلان أي تهديد لإيران، فالتنظيمان يشنان هجومهما على المناطق ذات الغالبية السنية”.
كما لفت الشهابي إلى أنَّ تحركات حزب الله التي تتحكم بها إيران، لن تكون كما السابق، في ظلّ التقارب بين إدارة ترامب ودول الخليج وفي مقدّمتها السعودية.
ولم تقتصر المكالمات الهاتفية بين أركان إدارة ترامب والقادة والمسؤولين الخليجيين على العلاقات الثنائية بين واشنطن وعواصم الخليج بل شملت الأوضاع والتطورات الإقليمية والدولية، في علامة على أنّ المستهدف من التعاون الخليجي الأميركي في المرحلة القادمة إحداث تغيير جيواستراتيجي على الوضع القائم حاليا باتجاه يخدم مصلحة الطرفين.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” إن الملك سلمان تلقى اتصالا هاتفيا من تيلرسون جرى خلاله “بحث تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وتنسيق الجهود تجاهها بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”. كما “استعرض الجانبان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، خاصة في ظل تطابق توجهات الدولتين في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وسبل تنمية هذه العلاقات”.
وشدد وزير الخارجية الأميركي على “أهمية العمل مع المملكة ووضع خطة شاملة لتقوية العلاقات الثنائية في مجال التعاون العسكري والعمل ضد الإرهاب، وتعزيز العلاقات الاقتصادية”.
أما أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح فقد بحث هاتفيا مع الرئيس ترامب دعم الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، بحسب ما أوردته الجمعة وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، مضيفة أنّ المكالمة تطرقت أيضا إلى “بحث العلاقات التاريخية والمتميزة بين البلدين والتطلع الدائم والمشترك لتعزيز أطر التعاون بينهما في مختلف المجالات لا سيما الاقتصادية والأمنية والعسكرية”.
وشمل التواصل الأميركي مع دول الخليج قطر ممثلة بالأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي تلقى مكالمتين هاتفيتين من كلّ من ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون تعلّقتا بالتطورات في المنطقة والمستجدات الإقليمية والدولية، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
العرب اللندنية