القاهرة – أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون استعداده للوساطة في حل الخلافات المتراكمة بين الدول العربية وإيران.
وقال عون في حوار له مع صحيفة الأهرام المصرية إن “على الإنسان أن يحاول والمحاولة قد تنجح وقد لا تنجح .. لكن تبقى هناك راحة الضمير بدلا من أن يبقى الإنسان متفرجا”.
ويسود التوتر، منذ سنوات، العلاقات العربية الإيرانية جراء سياسات الأخيرة العدوانية التي ترمي من ورائها إلى وضع يدها على كامل المنطقة، وقد بدا ذلك واضحا في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
ويرى مراقبون أن إعلان الرئيس اللبناني استعداده للوساطة بين طهران والدول العربية وبخاصة الخليجية مرتبط أيما ارتباط بالتصريحات التي ما فتئ يطلقها مسؤولون في إيران وفي حزب الله في الآونة الأخيرة عن رغبتهم في فتح صفحة جديدة مع الدول الخليجية، والتي لم تتجاوز حتى الآن “الفرقعات الإعلامية”.
وكانت آخر التصريحات تلك التي وردت على لسان نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي قال إن “تعاون دول الخليج مع إيران قوة للخليج وأمنه”.
وحزب الله الذي يعد إحدى أبرز أذرع إيران العسكرية في المنطقة، هو حليف استراتيجي للرئيس ميشال عون، الذي حاول في حواره مع الصحيفة المصرية تلميع صورة الحزب وإيجاد ذرائع لسياساته وسلاحه قائلا “إنه يمثل شريحة كبيرة من سكان لبنان، ولا يمكن اعتبار عناصره في سوريا من المرتزقة.. وإن سلاحه ضمانة للبنان طالما لا يتمتع الجيش اللبناني بالقوة الكافية”.
ويسجل تغير واضح في لهجة حزب الله تجاه الخليج العربي، فبعد تصعيد لافت له ضد المملكة العربية السعودية خاصة خلال السنتين الأخيرتين يلاحظ أن قيادته قد خففت كثيرا من تصريحاتها المعادية، في خطوة تعكس رغبة الحزب في التهدئة “الإعلامية” لإدراكه أن ذلك لا يخدمه في ظل الظرفية الدقيقة التي يمر بها وراعيته.
ويرجح المراقبون أن يكون حديث عون عن الوساطة قد تم التنسيق مسبقا حوله مع حزب الله، ومن خلفه إيران التي تجد اليوم نفسها في وضعية صعبة بعد انتهاء “شهر العسل” بينها والولايات المتحدة إثر تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية.
وتخشى إيران من أن يقدم ترامب على خطوات مؤلمة تجاهها، خاصة وأنه يعتبرها الراعية الأولى للإرهاب في العالم. وسبق وأن اتخذ جملة من الإجراءات بحقها عقب إطلاقها لصاروخ باليستي، من بينها إدراج عدد من الكيانات والأشخاص المرتبطين بها في القائمة السوداء.
وتدرس واشنطن اليوم تصنيف الحرس الجمهوري، القوة العسكرية الكبرى لإيران، ضمن التنظيمات الإرهابية.
وتجد إيران أنه، وعلى ضوء التصعيد الجاري بينها وبين الولايات المتحدة، من الأفضل الركون إلى التهدئة مع الدول الخليجية، بيد أنه من الثابت أنها ليست بصدد تغيير سياساتها التوسعية في المنطقة، باعتبارها عقيدة ثابتة يقوم عليها نظامها.
وتقول مصادر سياسية في القاهرة، لـ “العرب”، إن ملف إيران مثخن بالجراح، ومن الصعوبة حدوث اختراقات سياسية فيه بهذه البساطة، لأن لطهران من الأخطاء ما يصعب مسحه بجرة قلم أو تصريح، ولابد أن تقوم بعملية تصحيح واضحة، وهو ما يتناقض مع التوجهات الإستراتيجية التي يقوم عليها النظام الإيراني.
واعتبر محمد مجاهد الزيات، الخبير في شؤون الأمن الإقليمي، أن الحديث عن وساطة بين طهران والرياض، موضوع أكبر من مجرد توسط دولة، لأن الأبعاد المذهبية والملفات الإقليمية الحرجة تشكل عبئا كبيرا على أي وسيط يحاول القيام بدور في هذا الملف، فهناك أزمة بين الدولتين؛ السعودية وإيران، في العراق وسوريا والبحرين واليمن، وكلها ملفات متداخلة، ومن الصعب حسمها بمجرد تصريحات إعلامية، غرضها توصيل رسائل بعينها.
واستبعد الزيات في تصريحات لـ”العرب” أن يكون الحديث عن وساطة بين طهران والبعض من الدول العربية، له علاقة بمصر، لأنه كلام “غير واقعي”، فالعلاقات بين طهران والقاهرة لا تحتاج إلى وساطة بقدر احتياجها إلى قرار سياسي من القيادة المصرية، وهذا الموضوع يخضع لحسابات مركبة، في مقدمتها الكوابح التي تفرضها العلاقات المصرية الخليجية، والطموحات التي تسعى طهران لتحقيقها على حساب الدول العربية، ومنها القاهرة.
ويقوم الرئيس اللبناني ميشال عون بزيارة الاثنين إلى القاهرة بناء على دعوة رسمية من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي. ويتوقع أن يبحث خلالها تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية، فضلا عن العلاقات العربية الإيرانية.
العرب اللندنية