بيروت – تسود حالة من القلق في الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية على ضوء التصعيد الجاري بين حزب الله وإسرائيل، والذي ينذر بأن يأخذ منحى أخطر، سيدفع كامل لبنان ثمنه.
وزادت تحذيرات جهات استخبارية غربية بحصول الحزب على أسلحة استراتيجية ستؤثر على توازن القوى في المنطقة، وقبلها تصريحات الأمين العام حسن نصرالله، من صب الزيت على النار، وفتحت الباب أمام الحديث عن سيناريوهات مخيفة تواجه لبنان.
وكشفت مصادر استخبارية غربية عن معلومات تم تداولها في مؤتمر ميونيخ الأخير تفيد بأن الحزب نجح في تهريب كمية معينة، من صواريخ ياخونت (8 صواريخ)، من سوريا إلى لبنان، رغم الجهود الإسرائيلية التي بذلت خلال الأعوام الأخيرة، لمنع ذلك.
وصواريخ ياخونت الروسية، مضادة للسفن، وتفوق سرعتها ثلاث مرات سرعة الصوت، وتستطيع ضرب أهداف على بعد 300 كيلومتر بسرعة 750 مترا في الثانية.
ويملك هذا الصاروخ قدرة كبيرة على التخفي بفضل تصميمه ذي البصمة الرادارية الضئيلة وقدرته على التحليق على ارتفاعات مختلفة.
وسبق أن سلمت موسكو النظام السوري كمية من هذه الصواريخ في إطار تعزيز قدراته القتالية.
وذكرت صحيفة يدعوت أحرونوت الإسرائيلية أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قدّرت منذ زمن بأنّ حصول حزب الله على هذه الصواريخ من شأنه أن يهدد بشكل كبير حركة “سفن سلاح البحرية الإسرائيلي، والأسطول السادس الأميركي والسفن المدنية في البحر المتوسط”، بالإضافة إلى “تهديد حقول الغاز الطبيعي التابعة لإسرائيل في البحر”.
وشنت إسرائيل، على مدار الأعوام الماضية، غارات جوية ضد مستودعات وقوافل أسلحة كان الحزب ينوي نقلها من سوريا إلى لبنان.
وآخر الغارات تلك التي استهدفت في يناير الماضي محيط مطار المزة بالقرب من العاصمة دمشق، حيث قال وقتها وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إنّ “لدى إسرائيل عدة خطوط حمراء، لن تتخلى عنها، من بينها تهريب الأسلحة المتطورة أو أسلحة كيماوية إلى حزب الله”.
وسبق أن حذرت إسرائيل روسيا من مخاطر وقوع الأسلحة التي تقدمها إلى الجيش السوري بيد الحزب.
ويرى محللون أن امتلاك الحزب لأسلحة متطورة أو سعيه للحصول عليها بالتأكيد سيضع كامل لبنان في دائرة الخطر.
وفي مفارقة عجيبة، عملت وسائل الإعلام الموالية لحزب الله على الترويج لما نشرته الصحيفة الإسرائيلية من معلومات عن امتلاك الحزب لصواريخ ياخونت، في سياق رفع معنويات الأنصار والدعاية بأنه يمتلك القوة الرادعة في أي مواجهة مستقبلية مع إسرائيل.
وهذا الأسلوب معروف لدى الحزب في سياق الحرب النفسية التي يخوضها، وسبق أن صرح حسن نصرالله، الخميس، بأن صواريخهم قادرة على ضرب مفاعل ديمونة النووي، وخزانات الأمونيا التي نقلتها في الفترة الماضية إسرائيل من حيفا.
ويقول محللون إن تلك التصريحات أتت بمفعول عكسي، حيث صعدت من مخاوف الغرب تجاه حزب الله ومنحت إسرائيل ورقة جديدة لتبرير أي هجوم على لبنان.
وتهديد الحزب لإسرائيل ليس بجديد، بيد أن التوقيت الذي جرى فيه هذه المرة هو الذي أعطى بعدا آخر لهكذا تهديد، والذي يراه البعض موجها للولايات المتحدة أكثر منه لإسرائيل.
وكما هو معلوم، فإن إدارة دونالد ترامب تضع في مقدمة أولوياتها استهداف إيران التي وصفها الأخير بالراعية الأولى للإرهاب.
وبالتالي، قد تكون طهران خلف تهديد نصرالله لإسرائيل، باعتبار أنه الذراع العسكرية الأقوى لها في المنطقة، وهو على تماس منها.
ويثير هذا الوضع المتصاعد مخاوف كبيرة لدى اللبنانيين الذين يرى الكثير منهم أن الحزب يجرهم هذه المرة كما المرة الماضية إلى حرب مع إسرائيل لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وكانت إسرائيل قد شنت في يوليو 2006 حربا على لبنان، بعد أن أقدم الحزب على خطف جنديين لها، واستمرت 34 يوما، سقط خلالها العشرات من القتلى، فضلا عن دمار في البنية التحتية للعديد من المناطق، وخاصة في الجنوب، حيث تكفلت دول خليجية وعلى رأسها السعودية بإعادة بنائها.
وبالتأكيد الحرب المقبلة بين إسرائيل وحزب الله لن تكون كسابقاتها في ظل الإدارة الأميركية الجديدة المعروفة صلاتها الوثيقة بإسرائيل بدءا بمستشار الرئيس دونالد ترامب، صهره جاريد كوشنر وصولا إلى السفير الأميركي لدى إسرائيل دافيد فيردمان.
العرب اللندنية