القوات العراقية في اختبار معركة الأزقة الضيقة بالموصل

القوات العراقية في اختبار معركة الأزقة الضيقة بالموصل


بغداد – بينما كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يتحدث، صباح الأحد، عبر تلفزيون العراقية الحكومي، معلنا عن انطلاق عملية استعادة الساحل الأيمن من مدينة الموصل، الذي يسيطر عليه تنظيم داعش، كانت قوات الشرطة الاتحادية، قد تقدمت فعليا من المدخل الجنوبي لهذه المنطقة، وأحكمت قبضتها على تقاطع هام في الطريق بين بغداد ونينوى.

وأعلن العبادي انطلاق الصفحة الثانية من عمليات “قادمون يا نينوى” التي تهدف إلى استعادة الساحل الأيمن، أو الجزء الغربي في مركز الموصل، من تنظيم داعش، مطالبا القوات العراقية بالتقدم نحو أهدافها بشجاعة.

ولم تمض إلا ساعات قلائل حتى بدأت الأنباء تتوالى، مؤكدة تحرك الفرقة التاسعة في الجيش العراقي نحو المحور الشمالي والشرطة الاتحادية نحو المحور الجنوبي.

وأبلغت مصادر عسكرية عراقية رفيعة “العرب” بأن الخطة المعدة لتحرير الساحل الأيمن، تقتضي مشاغلة تنظيم داعش في محوري الشمال والجنوب، لدفعه إلى سحب عناصره إليهما، وفسح المجال أمام جهاز مكافحة الإرهاب، المتمركز في المحور الأوسط على ضفة الساحل الأيسر، للعبور نحو قلب الموصل القديمة، ذات الكثافة السكانية العالية.

وذكر مراسل هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” كينتين سوميرفيل، الذي يرافق القوات العراقية أن طائرات أميركية تشن غارات جوية على ضواحي المدينة الغربية بينما بدأت قوات خاصة بالتقدم نحو هذه المناطق.

وتحاول القوات العراقية اجتذاب عناصر داعش نحو مناطق شمال الساحل الأيمن وجنوبه، ذات الكثافة السكانية القليلة نسبيا، وتجنب القتال داخل المناطق المأهولة بكثافة.

وتتحدث مصادر حكومية عن خطة وضعت للتعامل مع منطقة الموصل القديمة، التي تضم الجزء الأكبر من نحو 800 ألف من السكان مازالوا في الموصل.

والتحدي الأكبر الذي يواجه القوات العراقية في هذه المعركة يتصل بكيفية الانتصار في معركة تدور في أزقة ضيقة جدا، تضم منازل صغيرة ومتراصة يعود إنشاؤها إلى عقود مضت، ويسكنها عشرات الآلاف من الأشخاص.

وتقول مصادر قريبة من بعثة الأمم المتحدة في العراق، إن المنظمة الدولية تتوقع نزوح نحو 400 ألف شخص من الساحل الأيسر، مع بدء عملية استعادته.

وأظهرت مشاهد فيديو، رجالا بملابس القوات الأمنية العراقية يقومون بعمليات ضرب وإعدامات من دون محاكمة في شوارع الموصل.

ونشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية صورا لرجال بزي عسكري عراقي رسمي يقومون بضرب أشخاص بوحشية.

وتشير الصحيفة إلى أنه في أحد أكثر هذه المشاهد دموية، يقول الشخص الذي يقف خلف الكاميرا لمجموعة رجال يرتدون زي القوات الفيدرالية العراقية وهو يصورهم يضربون بالهراوات أربعة رجال بملابس مدنية “أحسنتم، قمتم بعمل جيد”، قبل أن يقوموا بسحل الرجال الأربعة على إسفلت الشارع وإعدام ثلاثة منهم من دون محاكمة بإطلاق نار رشاشاتهم عليهم.

وتقول إن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية شجبت ما جرى في مشاهد الفيديو، التي أثارت مخاوف بشأن المرحلة الثانية من عملية استعادة الموصل، وقدرة الحكومة العراقية على تحقيق استقرار طويل الأمد فيها.

وبدأت عملية استعادة الساحل الأيمن من قبل القوات العراقية، بعد معارك عنيفة خاضتها قوات الحشد الشعبي، قرب قضاء تلعفر، شمال غرب نينوى، خلال الأيام القليلة الماضية.

ووفقا للمتحدث باسم كتائب حزب الله، أحد تشكيلات الحشد الشعبي، جعفر الحسيني، فإن الأيام الثلاثة الماضية، شهدت خمس هجمات غرب تلعفر، نفذها تنظيم داعش، بهدف فتح ثغرة باتجاه الحدود السورية.

ويتعرض المحور الشمالي الغربي في نينوى، إلى هجمات مستمرة، منذ مطلع الشهر الجاري، ينفذها تنظيم داعش، تستهدف، وفقا لخبراء، إبطاء العملية الرئيسية لتحرير الساحل الأيمن من الموصل.

ووفقا لمصادر رفيعة في الحشد الشعبي، فقد خسرت هذه القوة نحو 30 مقاتلا في هذا القاطع، توزعوا بين لواء علي الأكبر وسرايا عاشوراء وكتائب حزب الله.

ويقول قيادي بارز في سرايا عاشوراء، التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، بزعامة عمار الحكيم، إن “الأيام الثلاثة الماضية، شهدت سقوط 23 مقاتلا من الحشد الشعبي، في قاطع تلعفر، ولا نعرف خسائر الجيش والقوات الأخرى”.

ويقول الخبير الأمني، هشام الهاشمي، إن تنظيم داعش يعرف أنه سيخسر هذه الجغرافيا كلها، ولكنه يسعى لإيقاع أكبر الخسائر في صفوف خصومه، بهدف التأثير على مصير العملية المركزية لتحرير الساحل الأيمن.

العرب اللندنية