الرباط – فشل مبعوث الأمم المتحدة للصحراء كريستوفر روس في تحقيق أي تقدم في عملية السلام، ما دفعه إلى تقديم استقالته.
وتوحي هذه الخطوة بأن روس توصل بعد ثمانية أعوام من توليه المنصب إلى قناعة بالفشل واستحالة الاستمرار في مهامه بسبب انحيازه لرؤية جهة دون أخرى بعيدا عن الحياد الذي يفترض أن يلتزم به.
وأعلن مصدر في الأمم المتحدة أن روس قدم استقالته في رسالة بعث بها الأسبوع الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وقال مسؤول الشؤون السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان إن روس “عمل مدة ثماني سنوات محاولا التوصل إلى إطار يعمل من خلاله طرفا الأزمة” المغرب وجبهة البوليساريو.
وأضاف للصحافيين “لكنه لم يتمكن من جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات”، وأنه “قدم استقالته من منصبه إلى الأمين العام لكي يقرر ما يراه مناسبا”.
واعتبرت أوساط سياسية مغربية أن روس بادر إلى الاستقالة لتأكده من أن المبعوث الأممي سيتولى إقالته بسبب فشله في تحقيق أي تقدم على طريق التسوية السياسية.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن روس حول عملية التفاوض إلى وظيفة، وكان يتصرف وكأن حل المشكلة سيعني خسارته لوظيفته بشكل آلي، لذلك عمد إلى المماطلة، ومنع التوصل إلى حل باعتماد مبادرة مغربية تقوم على الحكم الذاتي لسكان الصحراء، وهي مبادرة حصلت على دعم دولي واسع.
ويرى مراقبون في المغرب أن روس بعد أن تيقن من الفشل ترك موضوع الصحراء في وضع سياسي ودبلوماسي أسوأ مما استلمه فيه واستقال خاصة مع وجود أمين عام أممي جديد بادر إلى فتح قنوات التواصل مع المغرب لحل أزمة احتقان في منطقة الكركرات.
وأجرى غوتيريس اتصالا هاتفيا مع العاهل المغربي الملك محمد السادس أفضى إلى إعلان الرباط سحب قواتها من المنطقة. ولاقت الخطوة استحسانا من الأمم المتحدة التي ينتظر أن تضغط على البوليساريو لتنسحب بدورها، وتوقف التحركات الاستفزازية.
المبعوث الأممي المستقيل حوّل التفاوض إلى وظيفة وتصرف وكأن الحل سيفقده امتيازاته
ولفت المراقبون إلى أن روس ربما يكون قد تفاجأ بالاتصال الذي حصل بين غوتيريس والملك محمد السادس، مع ما يحمل من إشارات إلى أن الأمين العام الجديد سيسعى لتسريع الحل السياسي في الصحراء بعيدا عن اصطفاف روس الذي استفاد من محدودية فهم الأمين العام السابق بان كي مون لطبيعة الصراع في الصحراء.
وكان روس أحد مهندسي زيارة بان كي مون في مارس 2016، إلى مخيمات تندوف والسبب الرئيسي في تداعيات ما بعد الزيارة بعد تصريحات بان كي مون التي استفزت المغرب ورد عليها بتقليص عدد موظفي بعثة المينورسو.
واعتبر محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أن من بين الأسباب التي عجلت بإنهاء مهمة روس تولي شخصية جديدة منصب الأمين العام عوضا عن بان كي مون الذي تماهى مع المبعوث المستقيل في انحيازه لأطروحة خصوم المغرب، فضلا عن ارتفاع حدة التوتر بمنطقة الكركرات ورفض جبهة البوليساريو الانسحاب من المنطقة وتحدي رغبة غوتيريس.
وأشار الزهراوي، في تصريح لـ”العرب” إلى أن استقالة روس في هذا الوقت تؤشر على انتهاء مرحلة عنوانها الانحياز والتواطؤ ضد مصالح المغرب وبداية مرحلة جديدة يمكن استشراف معالمها بحسب تعامل كل طرف مع التعقيدات الحالية والموازين السائدة، خاصة مع صعود إدارة جمهورية جديدة في أميركا.
ويبحث غوتيريس الذي تولى منصبه في الأول من يناير سلسلة من التعيينات الجديدة لمبعوثين يمثلونه في جميع أنحاء العالم، وبينهم خليفة روس في ملف الصحراء.
واتهم المغرب روس، وهو سفير أميركي سابق في الجزائر، بأنه خرج عن مقتضى مهمته المحددة في الوساطة لإيجاد حل سياسي متوافق عليه، وأنه حاول تهريب المفاوضات من عمقها السياسي إلى مواضيع جانبية مثل اقتراحه توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وأثارت مواقفه المتكررة حفيظة المغرب الذي سحب ثقته منه سنة 2013.
وبادر المغرب باقتراح الحكم الذاتي في الصحراء كحل لإنهاء النزاع، يمنح الإقليم حكما ذاتيا موسعا في إطار السيادة المغربية. وقد لاقت هذه المبادرة دعما دوليا واسعا غير أنّ إصرار جبهة البوليساريو الانفصالية على خيار الاستقلال ورفضها التفاوض حول المقترح المغربي، تسببا في تصاعد الأزمة السياسية.
العرب اللندنية