ملامح نظام جديد تبرز من التواصل الخليجي الآسيوي الكثيف

ملامح نظام جديد تبرز من التواصل الخليجي الآسيوي الكثيف

الرياض – لمست دوائر غربية في الجولة الآسيوية المطوّلة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والتي تشمل اثنين من عمالقة القارّة هما الصين واليابان بالإضافة إلى ماليزيا وأندونيسيا، ملامح توجّه خليجي جادّ باتجاه إنشاء شبكة ثرية من العلاقات بين بلدان التعاون وبلدان آسيا تشمل ميادين السياسة والاقتصاد والأمن ما يجعلها ترتقي إلى مرتبة التأسيس لنظام جديد تلعب فيه قوى مثل الصين دورا كبيرا ينافس الدور التقليدي للولايات المتحدة.

وفصّل هذا المنظور الصحافي جوناثان فولتون، في مقال بصحيفة الواشنطن بوست ورد عنوانه في شكل سؤال بشأن دواعي قضاء العاهل السعودي قرابة الشهر متنقلا بين دول آسيوية، مجيبا في متن المقال بأنّ الاقتصاد محور رئيسي لتلك الجولة لكن التعاون في الشأن الأمني لن يغيب عنها.

وبدا من خلاصة المقال أنّ هدفه لفت نظر الإدارة الأميركية إلى أنّ التوجّه الخليجي صوب آسيا ونحو قواها الصاعدة سيجعل واشنطن تواجه التحوّل من نظام تهيمن عليه الولايات المتحدة باتجاه نظام أكثر تعقيدا عبر مجموعة واسعة من الدول التي تجمعها مصالح متنوعة، وتندمج من خلاله دول آسيوية كبرى في ديناميكية أمن الخليج.

وخلال السنوات القليلة الماضية تكثّف تحرّك دول مجلس التعاون الخليجي باتجاه الدول الآسيوية من خلال الزيارات المتبادلة بين قيادات تلك الدول وتوقيع اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، في ظاهرة ربطها مراقبون بتراجع الدور الأميركي في المنطقة ونكوص إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عن الإيفاء بالتزامات تاريخية للولايات المتحدة إزاء أمن منطقة الخليج واستقرارها.

وخلال الفترة الوجيزة التي قضاها دونالد ترامب بالبيت الأبيض إلى حدّ الآن أظهر الرئيس الأميركي الجديد استعدادا أكبر مما أظهره سلفه لتجديد ذلك الالتزام من خلال اتصالات مكثّفة بقادة دول الخليج.

ورغم الترحيب الخليجي بتوجّهات إدارة ترامب يبدو أنّ دول التعاون المتميّزة بثرائها واستقرارها والتي تحوّلت إلى رقم صعب في المعادلة السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية، حزمت أمرها على الفكاك من الارتهان للشريك الأميركي، عبر نسج شبكة من العلاقات أوسع مع مختلف دول العالم، ولا سيما قواه العظمى والصاعدة التي تمتلك من المقدّرات العلمية والتكنولوجية والقدرات والخبرات العسكرية والأمنية ما يغري دول الخليج بالاستعانة بها في حفظ أمنها وحماية استقرارها لتكون بذلك منافسا للولايات المتحدة في هذا المجال.

وأشار فولتون في مقاله إلى الصين تحديدا مذكّرا بما أبدته من استعداد لرفع مستوى تعاونها في المجال الأمني مع السعودية خلال زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى بكين في شهر أغسطس الماضي، مؤكّدة آنذاك على لسان وزير الدفاع تشانغ تشيوان استعدادها لدفع العلاقات العسكرية مع الرياض إلى مستويات أعلى.

وذكّر بما أعقب زيارة الأمير محمّد من تدريبات عسكرية سعودية صينية مشتركة استمرت لمدة أسبوعين، وكانت الأولى من نوعها التي تشترك فيها قوات صينية بمناورات عسكرية مع دولة عربية.

وخلص صحافي الواشنطن بوست إلى أنّ الصين تنظر إلى الخليج كمنطقة ذات أهمية استراتيجية، وتعمل على بناء علاقات قوية معها في جميع المجالات.

وذكر أنّ الضباط الصينيين ربطوا خلال السنوات القليلة الماضية علاقات مع نظرائهم الخليجيين، مذكّرا بأن البحرية الصينية تسجّل حضورا متناميا في المنطقة وتستخدم موانئ خليجية للراحة والتزوّد في الطريق إلى خليج عدن والساحل الشرقي لأفريقيا.

ولن تكون الصين هي المنافس الوحيد للولايات المتحدة في المنطقة الخليجية، بل توجد قوى أخرى قطعت أشواطا في إضفاء بعد استراتيجي على علاقاتها مع دول الخليج مثل الهند وباكستان وماليزيا وإندونيسيا واليابان.

ويشير محرّر تقرير الواشنطن بوست إلى شمول أجندة زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا للجوانب الأمنية والعسكرية من تدريبات مشتركة وتعزيز التعاون العسكري، لافتا إلى الدعوة إلى توحيد الصفوف بمواجهة الإرهاب التي تضمنها خطابه أمام البرلمان الإندونيسي، ومتوقّعا أن يتمّ خلال الزيارة الملكية إلى اليابان فتح ملف التعاون الأمني بين الرياض وطوكيو وإثارة الدور المطلوب من اليابان في تأمين الممرات البحرية بين الشرق الأوسط وآسيا، قائلا إنّ تعيين ملحق عسكري في السفارة السعودية بطوكيو سيكون مظهرا لتطوّر التعاون الأمني بين البلدين.

العرب اللندنية