عدن (اليمن) – يصف مسؤولون يمنيون الدور الذي قامت به دولة الإمارات العربية المتّحدة في تثبيت الشرعية ببلادهم وإعادة مظاهر الدولة إليها انطلاقا من المناطق المحرّرة بالحاسم.
ويقول هؤلاء إنّ الإمارات بذلت مقدّرات مالية ولوجستية كبيرة وسخّرت خبراتها التقنية والسياسية لأجل إحياء مؤسسات الدولة اليمنية من وزارات وإدارات ودواوين مختلفة وتدريب وتأهيل للكادر البشري الضروري لتسييرها، مهيئة بذلك البنية الأساسية للحكومة المعترف بها دوليا للعمل انطلاقا من العاصمة المؤقتة عدن.
وكانت تلك الخطوات حاسمة في توفير منصّة للسلطات الشرعية للتعبير عن وجودها على الأرض ومخاطبة مواطنيها وعرض نفسها على المجتمع الدولي كطرف فاعل في المعادلة اليمنية.
كما كان لهذا البلد الخليجي، بفعل ما يستند إليه من قوة دبلوماسية، وما يمتلكه من شبكة علاقات ثرية مع مختلف بلدان العالم بما في ذلك قواه الكبرى ودوله المؤثرة، ومع المنظمات والهيئات الدولية المختلفة، دور كبير في لفت نظر المجتمع الدولي إلى القضية اليمنية وإقناعه بعدالتها والحفاظ عليها ضمن سلّم أولوياته.
وساهم الجهد الدبلوماسي الإماراتي في إيضاح حقيقة القضية اليمنية للعالم باعتبار أنّ ما جرى من تمرّد وانقلاب على الشرعية ليس سوى جزء من التحرّش الإيراني الأشمل بالمنطقة ككلّ.
وعلى لسان مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا نسيبة، ساهمت دولة الإمارات في كشف الدور الإيراني في تعقيد الملف اليمني وإذكاء الصراع بين اليمنيين عن طريق ما تقدّمه من دعم لوجستي وإمداد بالسلاح والذخائر للمتمرّدين الحوثيين.
كما تصدّت الإمارات لمحاولة المتمرّدين تسويق حكومتهم الموازية التي قاموا بتشكيلها في صنعاء متمسّكة بالحكومة المعترف بها دوليا كطرف شرعي مؤهّل لمخاطبة المجتمع الدولي باسم اليمنيين.
الإمارات أكدت من خلال دورها في اليمن أنها قوة إقليمية مهمة لا غنى عنها في حفظ أمن المنطقة وحماية استقرارها
وفي بيان أدلت به في وقت سابق بمقر الأمم المتحدة بنيوروك اعتبرت السفيرة نسيبة أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن “يشكل انتهاكا صارخا لقراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقمي 2216 و2231”، معتبرة أنّ شحنات الأسلحة الإيرانية “تسهم في تقويض العمل الهام الذي يقوم به إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن، والرامي إلى التوصل لاتفاق شامل ينهي الصراع وفق مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني وآلية تنفيذه بجانب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
كما أشارت في ذات البيان إلى رفض تشكيل المتمرّدين لحكومة موازية في صنعاء معتبرة ذلك تهرّبا من استحقاقات السلام باليمن.
ويحظى الدور الإماراتي في اليمن باهتمام شعبي وإعلامي نظرا لفاعلية ذلك الدور في دعم الشرعية وفي جهود إعادة الاستقرار إلى البلد، ليس فقط من خلال التصدي عسكريا ضمن التحالف العربي للمتمرّدين وللتنظيمات الإرهابية، ولكن أيضا من خلال عمل إغاثي وتنموي لم ينتظر نهاية الحرب للشروع في إعادة إعمار المناطق اليمنية المحرّرة.
وقال مراقبون سياسيون في تصريحات لـ”العرب” إن الإمارات أكدت من خلال ثقلها العسكري في اليمن على عزمها المضي قدما في ترسيخ الأمن في المناطق المحررة والحيلولة دون تحوّلها إلى ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية.
ولفت هؤلاء إلى أن الإمارات أكّدت من خلال دورها في اليمن أنها قوة إقليمية مهمة لا غنى عنها في حفظ أمن واستقرار المنطقة، وأنها جزء أساسي في مواجهة الأطماع الخارجية والجماعات الإرهابية.
وفي سعيها لتثبيت الشرعية اليمنية وتوفير مقومات الاستمرار لها، اضطلعت الإمارات بالدور الرئيسي في بناء وهيكلة الجيش والشرطة اليمنية وتوفير المعدات اللازمة لها للقيام بدورها في المحافظات المحررة التي شهدت دمارا هائلا نتيجة للحرب التي خاضتها ميليشيات الحوثي وقوات علي عبدالله صالح منذ مارس 2015. وقال الصحافي اليمني ورئيس تحرير صحيفة “اليوم الثامن” صالح أبو عوذل إن الإمارات العربية المتحدة لعبت منذ الانقلاب الحوثي دورا محوريا في التحالف العربي الداعم للمشروع العربي في اليمن، واسهمت القوات المسلحة الإماراتية بفاعلية في طرد ميليشيات الحوثي وقوات صالح من عدن، قبل أن تواصل جهودها في محاربة الجماعات المسلحة.
وساهمت الإمارات بدور رئيس في تحرير المحافظات الجنوبية وخصوصا عدن ولحج في يوليو 2015، كما شاركت قوات خاصة إماراتية في تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة في أبريل 2016، وتحرير محافظتي لحج وأبين في وقت لاحق. وشاركت الإمارات كذلك في تحرير أجزاء واسعة من محافظة مأرب ورفع جنودها علم بلادهم والعلم اليمني فوق سد مأرب التاريخي بعد تحريره من ميليشيات الحوثيين في سبتمبر 2015، إضافة إلى الدور البارز الذي قامت به القوات الإماراتية في معركة الرمح الذهبي التي أسفرت المرحلة الأولى منها عن تحرير باب المندب ومدينة وميناء المخا في محافظة تعز والاقتراب من مدينة الخوخة الساحلية في محافظة الحديدة.
وتسند الإمارات دورها العسكري والإغاثي والتنموي في اليمن بدور سياسي ودبلوماسي قوي. وتشكّل مع كلّ من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، الرباعية الدولية المكلّفة بمعالجة الأزمة اليمنية.
ويؤكّد كبار المسؤولين في الدولة الإماراتية التزام بلادهم بالقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية إطارا للحلّ في اليمن، كما يؤكّدون التزامهم بدعم السلطات المعترف بها دوليا.
ويشدّدون على أنّ الغاية النهائية لخوض بلادهم الحرب ضدّ الانقلابيين تحت راية التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، هو إقرار السلام في اليمن وحمايته من طائفية الحوثيين وإرهاب المتشدّدين من قاعدة وداعش وإخوان مسلمين، وجميعها تنظيمات حاولت الاستثمار في الوضع القائم بالبلد لترسيخ موطئ قدم فيه.
وقال أنور قرقاش وزير الشؤون الخارجية الإماراتي إنّ “الشراكة السعودية الإماراتية صلبة في اليمن وتتجاوز التنسيق والتعاون لحلّ الأزمة لتشمل رؤية مشتركة متكاملة أركانها الأمن والاستقرار والازدهار”.
العرب اللندنية