لندن – كشف وزير المالية القطري علي شريف العمادي أمس خلال منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني المنعقد في لندن أن بلاده تعتزم استثمار 5 مليارات جنيه إسترليني (6.3 مليار دولار) في بريطانيا خلال السنوات القليلة القادمة.
ويرى المحللون أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر بسبب غموض مستقبل الاقتصاد البريطاني وهو يدخل اليوم مخاض الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد الانقسام داخل المجتمع البريطاني بشأن تفاصيل الانفصال.
وقال العمادي على هامش مشاركته في المنتدى إن “قطر سوف تستثمر خمسة مليارات جنيه في المملكة المتحدة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة”.
وأشاروا إلى المتاعب التي سبق أن واجهتها الاستثمارات القطرية في بريطانيا، التي تصل إلى 35 مليار جنيه إسترليني، مثل تعثر تنفيذ مشروع تشيلسي باراك، إضافة إلى أن بعض الاستثمارات مثل برج شارد، لم تحقق العوائد المتوقعة.
كما واجهت استثمارات أخرى تحقيقات قانونية واتهامات بالفساد مثل صفقة إنقاذ بنك باركليز من قبل مستثمرين قطريين في ذروة الأزمة المالية العالمية في عام 2008 والتي أعلن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني الأسبوع الماضي أنه يستعد لتوجيه اتهامات جنائية جديدة لمسؤولين كبار في بنك باركليز بشأنها.
وأكد الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار الشيخ عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني أمس على هامش منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني أنه ستظل هناك فرص أمام صندوق الثروة السيادي للاستثمار في بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
الشيخ عبدالله آل ثاني: أمام الصندوق السيادي القطري فرص للاستثمار في بريطانيا بعد البريكست
وقطر من بين أكبر المستثمرين في لندن وتمتلك معالم بارزة مثل ناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز والقرية الأولمبية وحصص في شركة متاجر التجزئة سينسبري ومطار هيثرو في لندن، إضافة إلى عدد من الفنادق الفخمة.
وقال الشيخ عبدالله إنه ما زال يبحث وإنه حتى بعد الانفصال البريطاني ستكون هناك فرص يمكن أن يسعى الجهاز لاقتناصها.
وردا على سؤال حول القطاعات البريطانية، التي يتطلع للاستثمار فيها على وجه التحديد، قال الشيخ عبدالله إن الهدف حاليا هو التركيز في المستقبل على البنية التحتية وإنه سيجري التركيز على الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات.
وقال وزير التجارة البريطاني ليام فوكس خلال المنتدى إن المملكة المتحدة تعتزم مضاعفة حجم تمويل الصادرات المتاحة لدعم التجارة مع قطر لتصل إلى 4.5 مليار جنيه إسترليني (5.7 مليار دولار).
وأضاف خلال منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني في لندن أنه “لا يجب أن تفشل أي تجارة بين المملكة المتحدة وقطر بسبب عدم وجود تمويل أو تأمين”.
وأكد أن الحكومة البريطانية ستقوم “بمنح المشترين والوكلاء في قطر تمويلا جاذبا طويل الأجل لزيادة التنافسية”.
وانطلق منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني أمس ويستمر ثلاثة أيام منها يوم في لندن، أما اليومان الثاني والثالث فسوف يكونان في مدينة برمنغهام.
ويهدف المنتدى إلى توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين خلال فترة ما بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.
وتحاول بريطانيا التعلق بكل ما يمكن أن يخفف العواقب المتوقعة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي وهي تبحث عن تعزيز تجارتها مع دول خارج الاتحاد الأوروبي تجنبا لأي صعوبات في إيجاد أسواق جديدة لصادراتها بعد “البريكست”.
ليام فوكس: الحكومة البريطانية تعتزم مضاعفة التمويل المتاح لدعم التجارة مع قطر
وتعد دول الخليج المنتجة للنفط، واحدة من الأسواق الرئيسية الاستهلاكية ذات الدخل المرتفع للموظفين فيها، وتطمح بريطانيا لتعزيز التجارة معها بتقديم حزمة امتيازات للمستوردين.
في هذه الأثناء يستعد مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني لتوجيه اتهامات جنائية جديدة لمسؤولين كبار في بنك باركليز بشأن قضية احتيال خطيرة وتواطؤ بين إدارة البنك ورجال أعمال قطريين استخدموا قروضا كانوا قد حصلوا عليها أصلا من البنك ثم تقدموا بها إلى البنك نفسه كجزء من خطة لإنقاذه في ذروة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وتأتي الاتهامات الجديدة في القضية المعروضة أمام القضاء البريطاني منذ سنوات، في أسوأ مرحلة يعمل فيها بنك باركليز على تعزيز مستقبله ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتفتح الاتهامات الجديدة شرخا سياسيا واقتصاديا في علاقة المملكة المتحدة مع قطر، خاصة أنها عادت إلى الواجهة قبل أيام من انعقاد منتدى التجارة والاستثمار القطري البريطاني الذي بدأ أمس.
وأظهر التحقيق تورط شخصيات رفيعة المستوى في البنك مع مسؤولين قطريين في الصندوق السيادي القطري الذي كان على رأسه في ذلك الحين رئيس الوزراء السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
وتولى روجر جينكينز رئيس مجموعة باركليز الاستثمارية الرئيسية آنذاك تأمين التمويل على مدار عام 2008، عبر استخدام صلاته الشخصية مع الشيخ حمد بن جاسم. وتمكن البنك من خلال ذلك من تجنب طلب إنقاذ للحكومة البريطانية.
وتبدي قطر حساسية كبيرة بشأن كيفية النظر إلى هذه القضية، وفقا لمسؤول في حي المال في لندن الذي قال إن “السؤال الكبير هو الموقف الذي سيتخذه القطريون الآن مع الحكومة البريطانية” التي تشتد حاجتها إلى الاستثمارات وتعزيز العلاقات التجارية مع انطلاق إجراءات البريكست.
العرب اللندنية