لندن – عزز تقرير صادر عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني الثقة في اقتصاد السعودية بعد أن أكدت أمس أن المركز المالي للسعودية لا يزال قويا، لكنها أشارت إلى أن الاعتماد الكبير على النفط يمثل تحديا رئيسيا على الصعيد الائتماني.
وقالت الوكالة إنها تتوقع أن يكون “تطبيق خطط الإصلاح الطموحة والشاملة التي أعلنتها الحكومة السعودية زاخرا بالتحديات”، لكنها أكدت أنها في موقف متين بسبب احتياطاتها المالية الكبيرة.
وأشارت إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة للسعودية تعكس وجهة نظر وكالة موديز بأن المخاطر الاقتصادية والمالية التي تهدد تصنيف السعودية متوازنة إلى حد كبير.
لكن المفاجأة تمثلت في أن الوكالة توقعت أن ينكمش الناتج المحلي الحقيقي للسعودية بنسبة طفيفة تبلغ نحو 0.2 بالمئة في العام الحالي بسبب انخفاض إنتاج النفط بموجب الاتفاق بين منظمة أوبك وعدد من المنتجين المستقلين.
وتوقع تقرير الوكالة أن تسجل في موازنة السعودية عجزا كبيرا في العام الحالي تصل نسبته إلى 10.5 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، لكنها رجحت أن ينكمش ذلك العجز إلى نسبة 9.2 بالمئة في موازنة عام 2018. وكان الناتج المحلي الاجمالي للبلاد قد سجل نموا بنسبة 1.4 بالمئة في العام الماضي.
أما على الأمد المتوسط فقد توقعت وكالة موديز أن تتمكن الحكومة السعودية من تنويع مصادر إيرادات الموازنة في وقت تتراجع فيه مساهمة إيرادات النفط والغاز في الموازنة إلى نحو 54 بالمئة فقط بحلول عام 2020.
وأبقت الوكالة على تصنيف اقتصاد السعودية عند درجة “أي 1” مع نظرة مستقبلية مستقرة مدعومة بقوة المركز المالي للبلاد والاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز، التي تتمتع بتكلفة إنتاج منخفضة، إضافة إلى ترجيح ارتفاع مستويات تدفقات السيولة الخارجية.
وتملك السعودية أكبر الاحتياطات المؤكدة من النفط في العالم، والتي تصل إلى نحو 261.1 مليار برميل، بحسب بيانات شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم.
وأعلنت السعودية في العام الماضي عن رؤية مستقبلية طموحة تمتد حتى عام 2030 وتهدف إلى خفض اعتمادها على إيرادات صادرات النفط، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.
وأعلنت الرياض نهاية العام الماضي عن موازنة العام الحالي بإجمالي نفقات تبلغ نحو 237.3 مليار دولار. وتوقعت فيها تسجيل عجز يقدر بنحو 52.8 مليار دولار.
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد فجرت مفاجأة في الشهر الماضي بخفض تصنيف السعودية من درجة “أي + موجب” إلى “أي أي – سالب” لكنها عدلت النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة.
وأثار ذلك انتقادات من وزارة المالية السعودية التي قالت حينها إن وكالة فيتش اعتمدت على تحليل كمي ومؤشرات رقمية وإنها لم تقرأ جيدا مسار الاقتصاد السعودي.
وأضافت الوزارة أن إيرادات البلاد في العام الماضي فاقت التوقعات مسجلة نحو 141 مليار دولار. وأكدت أن نصيب القطاع غير النفطي منها بلغ أكثر من 50 مليار دولار، أي ما يعادل 38 بالمئة من إجمالي الإيرادات.
وأضافت وزارة المالية أن إطلاق “رؤية المملكة 2030” وبرنامج التحول الوطني، إضافة إلى عدد من المبادرات الأخرى سوف يسهم في تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2020 بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وأكدت أن الحكومة عززت من قدرات التمويل من خلال الاستفادة الناجحة ولأول مرة، من أسواق الدين الخارجية وفتح أسواق رأس المال المحلية أمام المستثمرين الأجانب.
وأشارت الوزارة إلى أن “السياسات النفطية السعودية أثمرت عن زيادة استقرار أسعار النفط العالمية. كما تأقلم الاقتصاد السعودي مع تقلبات أسعار النفط من خلال اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة”.
وقال وزير المالية محمد الجدعان إن “الاقتصاد السعودي يقوم على ركائز متينة، حيث تُقدّر أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 84 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر نسبة عالميا. كما أن الأصول الحكومية العامة تتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 100 بالمئة”.
وأكد أن رؤية 2030 أطلقت العديد من المبادرات الرامية لتعزيز هيكلية الاقتصاد، وتمثل الهدف الرئيسي منها في تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل وتحفيز التنويع الاقتصادي.
وأضاف أن السعودية أحرزت تقدما كبيرا في مجال تحسين الكفاءة من خلال ترشيد وضبط سياسات الإنفاق. وأكد أن “تقوية آليات الحوكمة وإضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الهيكلية وتعزيز الشفافية كانت لها دور في إنجاح تلك الجهود
العرب اللندنية