شن الجيش الامريكي فجر يوم امس 7 نيسان بأمر من الرئيس دونالد ترمب ضربة صاروخية استخدم فيها (59) صاروخا موجها من نوع توما هوك وأطلقت من بارجتين امريكيتين في البحر الأبيض المتوسط مستهدفة مطار (الشعيرات) العسكري السوري المرتبط ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري والمتصل مباشرة بالأحداث الرهيبة التي جرت صباح يوم الثلاثاء الماضي في منطقة (خان شيخون) بمحافظة أدلب في شمال غربي سوريه وأدت الى وفاة (87)شخصا منهم (31)طفلا واصابة (400) آخرين حالتهم حرجة بسبب استخدام غاز السارين.
ويعد مطار الشعيرات الذي تم تدميره بشكل شبه كامل ثاني أكبر قاعدة عسكرية للجيش السوري حيث يحتوي على طائرات وحظائر للطائرات محصنة ومناطق لتخزين الوقود والإمدادات اللوجستية ومخازن للذخيرة وأنظمة دفاع جوي وأجهزة رادار، وأدت العملية الى مقتل (6)عناصر من سلاح الجوي السوري المرتبط بلواء الدفاع الجوي بينهم ضابط برتبة عميد وتحطيم واخراج (14) طائرة نوع سوخوي من الخدمة.
وجاءت العملية بعد فشل مجلس الامن الدولي في مشاوراته التي جرت بعد الضربة الكيماوية التي قام بها طيران النظام السوري وبغية اتخاذ اجراءات رادعة بحق النظام ومنظوماته العسكرية والامنية ولكن دول المجلس لم تتفق على شيء ولم تكن لديها القدرة على اتخاذ قرارات هامة سياسية وعسكرية وأمنية بسبب عدم التوافق بينهم واضافة الى وجود الفيتو الروسي ضد أي قرار يدين النظام السوري .
ومن هنا كان الاصرار الأمريكي على قيام الولايات المتحدة الأمريكية بدورها الرادع ولو كان منفردا رغم تحذيرات السفير الروسي لدى الامم المتحدة فلاديمير مسافر وتكوف من قيام أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية للأراضي السورية مشيرا أنها بعملها هذا تؤدي الى نتائج سلبية .
ورغم جميع الإجراءات والاحترازات والتصريحات التي صدرت عن جميع المسؤولين الامريكان ومنهم الرئيس ترمب بعدما شاهدوا النتائج الفظيعة والوحشية للضربة الكيماوية التي شنتها طائرات النظام السوري وأوقعت العديد من الضحايا وبدم بارد بعيدا عن القيم الروحية والانسانية وعدم مراعاة القوانين الدولية وحقوق الشعوب مرتكبة انتهاكا صارخا لجميع القوانين والمواثيق التي تحرم استخدام مثل هذه الاسلحة خاصة انها استخدمت ضد أبناء الشعب السوري الذي قامت ماكنته العسكرية بتوجيه الضربة اليهم.
ولأن الجانب الروسي بقي متحفظا بل داعما للضربة وللاجراء العسكري الذي قام به حليفه النظام السوري وأدان الضربة الامريكية واعتبرها خروجا عن الميثاق الدولي وانتهاكا لسيادة دولة عضو في هيئة الامم المتحدة .
ان جميع المعطيات والدلائل التي رافقت العملية العسكرية الامريكية يمكن أن نقرأها بالاتي :
1.أكدت حقيقة الاصرار الامريكي على متابعة الشأن السوري واتخاذ الاجراءات الرادعة بحق النظام السوري عندما يتعلق الامر (بشأن انساني) يذهب ضحيته العديد من ابناء سوريه .
2. نظرة الادارة الامريكية الجديدة الى طبيعة الدور الامريكي السابق في التعاطي مع الشأن السوري وان جميع المحاولات السابقة وعبر سنوات ماضية فشلت في تغيير سلوك النظام السوري وهي اشارة واضحة لعدم قيام ادارة الرئيس اوباما بدورها الرادع في ايقاف خروقات نظام الاسد .
3.وصف الرئيس ترمب الاسد بالدكتاتور واشار الى انه شن هجوما رادعا بأسلحة كيماوية على مدنيين أمنين أبرياء واستخدام غاز الاعصاب وبهذا يؤكد حقيقة ما يجري في سوريه وانه ادان بشكل واضح تصرفات النظام السوري مؤكدا أحقية الرد الامريكي.
4.أشارت الادارة الامريكية، وعلى لسان ترمب الى أن من أولويات الحفاظ على الامن القومي الامريكي وديمومته ومصلحة الولايات المتحدة الامريكية منع وردع انتشار الاسلحة الكيمياوية واستخدامها في جميع الميادين خاصة عندما يكون المستهدف اناسا ابرياء ولهذا اعتبرت الادارة الامريكية ما تحقق انتصارا للعدالة.
5.جاءت الضربة لتؤكد حقيقة أنه لا دور لروسيا في الانتخابات الامريكية الاخيرة وانها لم تسهم فعليا في تعزيز مكانة الرئيس الامريكي انتخابيا والا كيف يمكن لها ان لا تراعي مصالح روسيا على الارض السورية وانها باجرائها العسكري هذا عملت على تدعيم الدور الامريكي في المنطقة بعيدا عن حلفائها الداعمين للعمل في سوريه .
6.عزز الرئيس ترمب وعوده وخطاباته الانتخابية وان الافعال الميدانية تلي الاقوال وبحزمه وامكاناته وقدره على قيادة أقوى دولة في العالم واتخاذ القرارات الحاسمة والرادعة والتي تعيد امريكا الى مسرح الاحداث بمنطقة الشرق الاوسط .
7.شكلت الضربة العسكرية رسائل وجهت الى كوريا الشمالية وايران بان عليهما أن يعلما انهما اذا ما هددا الامن والسلم العالميين واستخدما اسلحة الدمار الشامل فانهما سوف لا يكونان بعيدين عن الرد الامريكي والضربات الاستباقية .
8.سيكون لهذا الاجراء العسكري اثره الداخلي على شعبية الرئيس ترمب وخاصة لدى أعضاء الحزب الجمهوري وهذا كان واضحا من خلال البيان الذ ي اصدره السيناتور جون ماكين وليند ساي غراهام اللذان كانا اشد المعارضين لترمب وارسلا له رسائل التحية والاعجاب بأجرائه الرادع ضد النظام السوري وأكدا أن الرئيس ترمب يستحق دعم الشعب الامريكي .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية