اعتمدت مصلحة الضرائب المصرية نظاما جديدا مؤخرا، للحد من التهرب الضريبي، وذلك عبر ربط حسابات عدد من الشركات الكبرى إلكترونيا مع أنظمة المراجعة والفحص الضريبي بالمصلحة.
وتريد الحكومة القضاء على الظاهرة، التي يعاني منها الاقتصاد المصري المتباطئ، بحلول العام المقبل، وفق خطة مرحلية تستهدف ربط كافة المعاملات على مستوى البلاد إلكترونيا.
ويقول اقتصاديون إن هناك فوائد كثيرة للنظام الجديد أهمها اعتراف النظام الضريبي بالتعاقدات الإلكترونية للشركات عبر الإنترنت، وتحقيق مبدأ العدالة الضريبية التي تضمن خضوع الجميع لمظلة الضرائب.
وأشاروا إلى أن طرق التهرب الضريبي في الوضع الجديد سوف تكون محدودة من خلال عمل دائرة اقتصادية مغلقة من جانب المصانع غير الرسمية والتي تنتج وتوزع منتجاتها بالمناطق العشوائية التي يصعب الوصول إليها، خاصة في مناطق الصعيد والريف.
وتم ضبط 23 ألف شركة وهمية مؤخرا كانت تصدر فواتير لعدد من الجهات بهدف مساعدتها على التهرب من دفع الضرائب.
فتحي شعبان: ربط إلكتروني للأفراد بالرقم القومي يمنع محاولات الإفلات من الوعاء الضريبي
وتتوقع القاهرة تحصيل ضريبة قيمة مضافة بنحو 3 مليارات دولار في الموازنة الجديدة 2017-2018 بعد رفع نسبة الضريبة إلى 14 بالمئة، حيث كانت قد خفضتها على المموّلين بنحو واحد بالمئة خلال العام المالي 2016-2017.
وقال عماد سامي رئيس مصلحة الضرائب المصرية في تصريحات لـ“العرب” “إننا نستهدف حصيلة خلال العام المالي الجديد بنحو 38 مليار دولار”.
وتصل نسبه الإيرادات الضريبية لإجمالي حجم الإيرادات العامة البالغة 51 مليار دولار، نحو 75 بالمئة، كما تموّل الإيرادات الضريبية نحو 55 بالمئة من إجمالي نفقات الموازنة البالغة 69 مليار دولار.
وكشف سامي أن وزارة المالية تعاقدت في وقت سابق مع كبرى الشركات العالمية في مجال البرامج الخاصة بنظم مراقبة الحسابات من أجل ضمان تفادي أيّ أخطاء قد تكتنف التجربة الجديدة.
وتركّز الموازنة العامة الجديدة على زيادة الإيرادات وضبط المجتمع الضريبي وضم القطاع غير الرسمي ومواجهة التهرب الضريبي وزيادة حصيلة الضرائب على المهن الحرة.
وتراجعت المواد السيادية للبلاد بشكل كبير بسبب تباطؤ أداء الاقتصاد وتراجع حركة السياحة والصادرات، ولم يعد هناك مورد سوى زيادة الحصيلة الضريبية لتمويل نفقات الموازنة العامة للبلاد.
وأشارت مصادر مطلعة لـ“العرب” إلى أن وزارة المالية تعاقدت مع شركة “أوراكل العالمية” لتنفيذ عمليات الربط بين الشركات ومصلحة الضرائب، لكنها لم تكشف عن حجم الصفقة.
وأوضح رئيس المصلحة أن النظام الجديد يُمكّن مأموري الضرائب من فحص دفاتر الشركات سنوياً وفق النظام الإلكتروني الجديد.
وقبل تعميم هذا النظام كان يقوم مأمورو الضرائب باختيار عينات عشوائية من دفاتر الحسابات بالشركات، وإذا لم يطمئن لها يقوم بتقدير أرباح الشركة جزافيا، ما أدى إلى نشوب العديد من المنازعات بين المستثمرين ومصلحة الضرائب.
عماد سامي: نستهدف زيادة الحصيلة الضريبية في الموازنة الجديدة إلى 38 مليار دولار
ويصل عدد المنازعات الضريبية في البلاد قرابة 160 ألف منازعة ينظر فيها القضاء في الوقت الحالي، بحسب أحدث الإحصائيات الرسمية.
وأعدّت القاهرة مؤخرا قانونا لفضّ تلك المنازعات وحدّدت مدته عاما فقط لإنهاء المشكلات العالقة مع المستثمرين، وقد يتم مد أجله عاما آخر فقط.
وتستهدف الحكومة من هذا القانون إنهاء كافة المنازعات البالغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار قبل عامين على أقصى تقدير.
ومن الفوائد التي يحققها النظام الجديد هو الاعتراف رسميا بالتعاقدات الإلكترونية للشركات عبر الإنترنت.
وكانت مصلحة الضرائب لا تعترف بصور العقود المرسلة عبر البريد الإلكتروني، لكنها في المقابل تلزم الشركات بضرورة الحصول على أصول العقود، ما جعلها نقطة خلاف.
وتعكف المصلحة حاليا على تشكيل لجنة للضرائب على المهن الحرة بعد أن تراجعت حصيلتها بشكل لا يتلاءم مع طبيعة عمل تلك المهن، ما يعكس وجود تهرب ضريبي بشكل كبير من جانب أصحاب تلك المهن.
وسجلت حصيلة الضرائب على المهن الحرة العام الماضي نحو 23 مليون دولار فقط. وعلى سبيل المثال، بلغت حصيلة الضرائب لأحد كبار المحامين المشهورين قرابة 63 دولارا فقط.
ومن المقرر أن يتم إنشاء مركز لكبار المهن الحرة يشمل كبار الأطباء والمحامين والمهندسين والفنانين والصحافيين.
وقال فتحي شعبان مستشار وزير المالية لـ“العرب” إن “الربط الإلكتروني سيكون أيضا من خلال الرقم القومي لأشخاص، وبالتالي لن يتمكن أي فرد من التهرب ضريبيا”.
ويحمل كل مواطن رقما قوميا موحدا، ومن خلال تتبع هذا الرقم يتم معرفة الدخل الحقيقي للأشخاص العاملين وبالتالي تحديد شرائحهم الضريبية.
العرب اللندنية