الموصل (العراق) – قال مسؤولون محليون عادوا إلى مدينة الموصل العراقية التي دمرتها الحرب إن الطرق والجسور المدمرة في المدينة والمنازل والبنية التحتية المنهارة ستحتاج إلى المليارات لإعادة إعمارها.
وأضافوا أن إعادة الحياة إلى اقتصاد المدينة المنهار سوف تستغرق ما لا يقل عن خمس سنوات وستحتاج إلى دعم دولي كبير، لأن الحكومة العراقية ستجد صعوبة في توفير الأموال اللازمة لإصلاح الأضرار.
وتمتد آثار الدمار إلى جميع أنحاء المدينة ومن ضمنها المطار ومحطة السكك الحديدية والجامعة، بعد المعـارك الطـويلة لطرد متشددي تنظيم داعش من معقلهم الرئيسي في العراق.
واستعادت القوات الحكومية العراقية بدعم من تحالف تقوده الولايات المتحدة الجزء الشرقي من المدينة مما سمح لمسؤولي مجلس محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، بالعودة للمرة الأولى بعد ما يقرب من 3 أعوام إلى المدينة لتفقد الدمار.
43 مليون دولار حجم المخصصات التي وفرتها حكومة بغداد للمحافظة المدمرة للعام الحالي
ونسبت وكالة رويترز إلى نورالدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى قوله “بعد أن يتم تحرير مدينة الموصل بالكامل سوف نحتاج إلى خطة عمل لكي نستطيع أن نجاري أو نستطيع إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يونيو عام 2014 حين سيطر تنظيم داعش على المدينة”.
وكان قبلان يجلس خلال المقابلة في مكتبه في قلب الموصل، وهو مبنى تحيط به التحصينات الخرسانية وفرق الحراس المسلحين، وقد استقرت بندقية إلى جانب هاتفه المحمول وكومة من أوراق العمل.
وفي خارج المكتب عادت الأسواق الصاخبة إلى الحياة على الضفة الشرقية لنهر دجلة. أما في الجانب الآخر من النهر فلا يزال مقاتلو تنظيم داعش يتحصنون للدفاع عن المدينة القديمة المكتظة بالسكان من خلال نشر القناصة والمفجرين الانتحاريين.
وفي قلب المنطقة التي يسيطرون عليها يقع مسجد النوري العتيق ومئذنته المائلة الشهيرة، والذي أعلن من على منبره زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي قيام دولة الخلافة في يوليو 2014. ويخشى الخبراء أن يتداعى المسجد المشيد من القرميد مع اشتداد القتال حوله.
ويقول الجيش العراقي إنه يتوقع طرد تنظيم داعش من باقي المدينة بحلول نهاية شهر مايو الجاري.
ويقول قبلان إن أعضاء مجلس محافظة نينوى المكون من 34 عضوا كانوا يجتمعون في مدن أخرى خلال سيطرة تنظيم داعش على المدينة وأنهم بدأوا بالفعل وضع خطط لإعادة بناء الموصل، بيد أنهم لا يزالون غير متأكدين من أين سيأتي التمويل.
43 مليون دولار حجم المخصصات التي وفرتها حكومة بغداد للمحافظة المدمرة للعام الحالي
وأوضح أن السلطات المحلية سوف تركز خلال الأشهر الستة الأولى بعد طرد داعش على استعادة الأمن وإمدادات المياه والكهرباء والوقود وعلى إعادة السكان الذين نزحوا جراء الحرب.
وتشير الخطط إلى أنه ستكون هناك فترة عامين لإعادة إعمـار المدينـة المدمـرة والبـدء في عملية المصالحة يليها 30 شهـرا تـركز على جذب الاستثمـارات وتطـوير الاقتصـاد المحلي.
وقال قبلان إن “بعض أعمال الإصلاح الأولية قد تتكلف مبلغا زهيدا يصل إلى 5 آلاف دولار للمنزل، لكن حتى ذلك سيضغط على الميزانيات التي قال إنها لا تحصل على التمويل الكافي من الحكومة المركزية في بغداد”.
وأضاف “صراحة ما خصص لمحافظة نينوى في العام الحالي كان 48 مليار دينار عراقي كانت هناك 4 مليارات من مخصصات البترو دولار من عوائد النفط… يعني مجموعها كان 52 مليار دينار (43 مليون دولار). وبالتالي فإن هذا المبلغ هو قليل جدا قياسا بحجم هذه المحافظة”.
وأشار إلى أنه “في عام 2014 كانت مخصصات محافظة نينوى تبلغ 730 مليار دينار(608 مليون دولار). بالتالي ونحن في عام 2017 وبعد هذا الدمار والخراب الذي حصل لدينا 52 مليار دينار يعني فرق شاسع… وبالتالي فإن الدعم قليل جدا قياسا بحجم الدمار وحجم المحافظة”.
وكشف أن مسؤولي مجلس محافظة نينوى يجرون محادثات مع الأمم المتحدة وجماعات الإغاثة الدولية والدول الصديقة. وقد بدأت إيطاليا بالفعل بالمساعدة في إعادة بناء أحد المستشفيات.
وشهدت بعض مناطق الضفة الشرقية من مدينة الموصل تدفق بعض الاستثمارات الصغيرة بالفعل حيث انتشرت في بعض الأسواق أكشاك مليئة بالفواكه والخضر التركية والإيرانية لتحل محل المنتجات السورية التي كانت تهيمن على الأسواق في عهد تنظيم داعش.
كما تمت إعادة محلات التبغ التي حظرها التنظيم المتشدد بعد سيطرته على المدينة في صيف 2014.
وفي أحد المقاهي ويدعى “المقهى الذهبي” كان هناك العشرات من الرجال يحتسون القهوة أو الشاي وهم يتصفحون الإنترنت على هواتفهم المحمولة، وهي أنشطة كانت حكرا على مراكز تخضع للرقابة.
وقال أحد الزبائن يدعى عماد وهو يدخن النرجيلة في مكان خارج المقهى إن “إحساسنا جميل الآن.. نحن مرتاحون لعودة الأمان إلى المدينة”.
العرب اللندنية