القاهرة – بدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأحد زيارة للكويت تقوده بعد ذلك إلى البحرين، في إطار التنسيق مع دول الخليج حول عدد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكيفية مواجهة النفوذ الإيراني.
وخلال لقائه بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح جدد الرئيس المصري مساندة بلاده للخليج في مواجهة “أية تهديدات إقليمية أو خارجية”.
وقال إن “أمن الخليج من أمن مصر التي تقف إلى جانب أشقائها في الكويت والخليج في مواجهة أية تهديدات إقليمية أو خارجية”.
من جانبه، أشاد أمير الكويت بدور مصر المحوري باعتبارها “دعامة رئيسية لأمن واستقرار دول الخليج والوطن العربي بأكمله”.
وتعكس زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي لدول الخليج العربي خلال الأسابيع الأخيرة، حقيقة أن القيادة المصرية لا تنظر إلى الخليج كتحصيل حاصل في تطابق المواقف من أزمات المنطقة، بل أمر يحتاج إلى تواصل ومتابعة، لهذا زار كل دولة على حدة وليس في إطار جولة خليجية موحدة.
وترمي الزيارات، التي شملت قبلها السعودية والإمارات، بحث سبل تحجيم النفوذ الإيراني الآخذ في التمدد في عدد من الدول العربية، وإلى صياغة منظومة عربية للتعامل مع مشروع التسوية السياسية الذي يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدشينه قريبا بين الفلسطينيين وإسرائيل.
اللواء محمد ابراهيم: القضية الفلسطينية محور زيارات السيسي الأخيرة إلى دول الخليج
ويقوم الرئيس الأميركي بعد أسبوعين تقريبا بأول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط، منذ وصوله إلى سدة البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، حيث يزور كلا من السعودية وإسرائيل، ما يعكس اهتماما واضحا بإعادة الزخم إلى القضية الفلسطينية، بعد فشل المعالجات السابقة للإدارات الأميركية المتعاقبة، ورغبة أميركية عربية مشتركة لإنهاء الحضور الإيراني في سوريا على وجه الخصوص.
وتشير البعض من التحركات الإقليمية الراهنة إلى أن هناك إرادة جديدة لضخ دماء في عروق القضية الفلسطينية، والضغط على إسرائيل للقبول بعملية سلام جادّة، يمكن أن تكون عنصرا مناسبا لمحاصرة المتشددين الإسلاميين الذين يستخدمون هذه القضية أحيانا مطيّة لتجنيد عناصر جديدة، وأيضا لفتح صفحة جديدة في العلاقات بالمنطقة.
وحسب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، سيعقد ترامب قمة ثنائية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، تلحقها قمة مع قادة دول مجلس التعاون، ثم قمة تجمعه وعدد من قادة دول عربية وإسلامية.
واستبعد مصدر دبلوماسي مصري حضور الرئيس السيسي القمة المتوقعة في الرياض، ولم يفصح عن سبب الغياب. وأكد لـ”العرب” أن السيسي يريد سد الفراغ الراهن الذي سمح لدول مثل تركيا وقطر باستثماره وتوظيفه لصالحها، بصورة انعكست تلقائيا على مكانة مصر.
وتقول مؤشرات معلنة إن إيران والإرهاب والأمن الإقليمي، ملفات أساسية ضمن أولويات جولة ترامب في المنطقة والتي تشمل الرياض وتل أبيب.
ولم يستبعد مراقبون قيام ترامب بالذهاب إلى رام الله وعقد لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كدليل على جدية الرئيس الأميركي واهتمامه بحل القضية الفلسطينية.
وتأتي الجولة التي سيقوم بها ترامب، عقب لقاء عقده في واشنطن مع عباس الأسبوع الماضي، بعد أن أجرى مشاورات مع قادة كل من مصر والأردن، قبيل توجهه للولايات المتحدة مباشرة.
وهو ما يعطي انطباعات بأن هناك اتجاها أميركيا جادا هذه المرة لتحريك عملية التسوية، وتحاشي الأخطاء السابقة التي وقع فيها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينون عندما حاول تحريك التسوية دون أن يأخذ في حسبانه جيدا البيئة الإقليمية وتعقيداتها.
وتسعى القاهرة إلى تفعيل دور اللجنة الرباعية العربية المكوّنة من مصر والسعودية والإمارات والأردن، وترسيخ مرجعية مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في بيروت 2002.
وأكدت مصادر لـ”العرب” أن زيارات الرئيس المصري الخليجية على علاقة وثيقة بالملف الفلسطيني، وهدفها توفير غطاء عربي داعم للرئيس أبومازن، في مواجهة خصومه على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، يضم مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن، علاوة على المغرب بصفته رئيس لجنة القدس.
وقال اللواء محمد إبراهيم الخبير الأمني إن زيارات عبدالفتاح السيسي المتكررة لدول مجلس التعاون الخليجي، تستهدف وضع القضية الفلسطينية ضمن أهم القضايا في المنطقة، بحيث يكون هناك غطاء عربي قوي من الدول العربية لهذا الحراك، بما يٌخرج القضية الفلسطينية من حالة الجمود التي تشهدها منذ فترة إلى مرحلة التطور والدفع إلى الأمام بخطوات أسرع.
وأضاف لـ”العرب” أن القاهرة تسعى مع قادة دول الخليج إلى تحقيق التوزان في إدارة الملفات بالمنطقة وعدم حصرها فقط في محاربة الإرهاب وإيران على أهميتهما بل لابد من معالجة شاملة.
ولفت متابعون إلى إن الإشارات السياسية التي تضمّنتها وثيقة حماس الجديدة، تساهم في البناء عليها، كما أن وجود تفاهمات عربية واسعة يمكن أن تقنع ترامب بإمكانية تمرير أي مشروع جاد للتسوية، وهو ما يفتح الباب لإقامة علاقات قوية بين واشنطن وكل من القاهرة والعواصم الخليجية، تمتد إلى ملفات وترتيبات إقليمية أخرى.
وتخشى البعض من الدوائر العربية أن تلجأ إسرائيل إلى مناوراتها المعروفة، إذا وجدت نفسها محاصرة سياسيا، وتفتعل معركة جانبية في غزة، لتتملص من الجهود الرامية لحشرها في زاوية التسوية الواقعية.
العرب اللندنية