تونس – قال محللون إن تأخر تونس في تنفيذ الاستراتيجية التي أعلنت عنها لتطوير القطاع اللوجستي يعكس العراقيل التي تواجه الحكومة في تنفيذ خططها لإنعاش الاقتصاد المنهك.
وأكدوا أن القطاع يعد المحفز الأول لفرص الأعمال في أي بلد. فبناء الموانئ والمطارات والطرق وسكك الحديد ووجود منظومة خدمات متكاملة ذات جودة عالية، من شأنهما التأثير إيجابا على وتيرة النشاط الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل.
وأشاروا إلى أن تأخر إنجاز المشروعات الكبرى وتباطؤ الإصلاحات والسياسات المعتمدة لمختلف أنماط النقل على أرض الواقع من أبرز أسباب أزمة القطاعات الحيوية في البلاد.
وكشفت وزارة النقل مؤخرا عن خطة طويلة المدى لتطوير البنية الأساسية وتنظيم المهن اللوجستية وتطوير الكفاءات والتدريب لكن تطبيق الاستراتيجية مازال مؤجلا.
واعترف وزير النقل أنيس غديرة مؤخرا، بأن تنفيذ الاستراتيجية تأخر بسبب عدم استكمال التشريعات القانونية ونقص السيولة النقدية وضعف التنسيق بين مختلف الهياكل المعنية في القطاعين الحكومي والخاص.
وقال إن “القطاع اللوجستي من القطاعات التي يمكن المراهنة عليها خلال المرحلة القادمة لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي، لكنه يشكو العديد من النقائص التي أثرت على مردوديته”.
110 مركز تونس في مؤشر البنك الدولي للكفاءة اللوجستية في 2016 بتراجع 49 مركزا منذ 2010
ولا تتجاوز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 4.5 بالمئة، وفق الإحصائيات الرسمية، في حين كان يشكل قبل عام 2011 أكثر من 9 بالمئة.
وأشار إلى أن قيمة أصول القطاع في تونس تعادل 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزة بذلك معدل البلدان الصاعدة التي تصل إلى 15 بالمئة.
ويؤكد خبراء أن إنتاج الشركات المحلية والأجنبية وتعزيز تنافسيتها مرتبطان بمدى توفر الخدمات اللوجستية التي تتيـح لهـا أداء مهامها في الآجال المحددة دون تأخير، وهو أمر لا يتحقق إلا بأرضية لوجستية صلبة.
وأشاروا إلى أن اعتماد التكنولوجيا لإتمام عمليات النقل الدولي للبضائع ودخول تونس في اتفاقية الأجواء المفتوحة سيكونان من أبرز التحديات التي تواجه البلاد في السنوات المقبلة لتحقيق إيرادات كبيرة تساعد على الخروج من الأزمة الراهنة.
وتقول شركات القطاع والمختصون إن تنفيذ الاستثمارات المتعلقة بالاتفاقيات التجارية بين تونس والعديد من الدول، يمكن أن يعزز المرونة في حركة البضائع خاصة إلى أسواق الدول المجاورة والتي تعتمد بشكل كبير على النقل البري.
ويعتبر قانون الاستثمار الجديد الذي صادق عليه البرلمان العام الماضي، من أهم الحوافز التي ستساعد على النهوض بالقطاع الذي لم يتطور بالشكل المطلوب طيلة السنوات الست الأخيرة بسبب ما تمر به البلاد من ارتباك سياسي.
أنيس غديرة: القطاع اللوجستي من القطاعات التي يمكن المراهنة عليها لإنعاش الاقتصاد
وكشفت تقرير حديث لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن البنية التحتية والخدمات اللوجستية لقطاع النقل التونسي لا تتلاءم مع المعايير العالمية وتعـاني من ضعف القدرة على المنافسة بسبب غياب سياسة متماسكة تنظم القطاع. وأشار تقرير المنظمة، الذي حمل عنوان “النهوض بالاستثمـار في مجال اللوجستية لدعم اندماج تونس في سلاسل القيمة العالمية”، إلى أن عدم تطوير خدمات النقل البحري أدى لفقـدان تونـس لتنـافسيتها في القطاع اللوجستي مـقارنة بالدول الناشئة الأخرى.
ويشير مؤشر البنك الدولي لكفاءة القطاع اللوجستي إلى تراجع مركز تونس من المرتبة 61 في عام 2010 إلى المرتبة 110 في العام الماضي.
ويرى خبراء المنظمة الدولية أن عدم ارتباط شبكة النقل البحري في تونس مع البلدان المجاورة حال دون تطور التجارة عبر الحدود.
وقالت ماتيلدا ماسنارد مساعدة مدير إدارة الشؤون المالية في المنظمة إن “نقاط ضعف القطاع اللوجستي أثرت بشكل ملموس على تنافسية الاقتصاد التونسي خاصة في القطاعات الأساسية على غرار التوزيع والصناعة والزراعة”.
وأشارت إلى غياب سياسات متناسقة والتأخر في تفعيل الإصلاحات، مؤكدة على ضرورة إسراع تونس في تطوير البنية التحتية للموانئ المهترئة، التي تعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي.
وتفتقر تونس لميناء من الجيل الجديد إلى جانب عدم تطور البنية الأساسية للموانئ، كما أن تأخر إنجاز ميناء المياه العميقة في النفيضة جنوب العاصمة ساهم في تراجع القطاع. وتشير الأرقام إلى أن مساهمة الأسطول البحري، الذي يتكون من 8 سفن تجارية فقط، في نقل التجارة الخارجية لا تتجاوز 11 بالمئة حاليا مقارنة بنسبة تصل إلى 28 بالمئة في عام 1992.
كما تراجع مستوى النقل الجوي الذي يعاني من تدهور حاد في حركة المسافرين والبضائع خاصة بعد الهجمات الإرهابية في 2015، وهو ما ظهر بوضوح في الخسائر الكبيرة التي سجلتها الخطوط التونسية.
العرب اللندنية